×
محافظة المنطقة الشرقية

التربية تدعو أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم بالصف الأول إلكترونياً

صورة الخبر

يجب على المجتمع عن بكرة أبيه، الاعتراف بأن ما رشح في المدرجات الرياضية أو في البرامج الفضائية من مشاعر عنصرية معلنة، إنما هو نتاج طبيعي ومحصلة لأخلاق عامة اتسمت بها تعاملات أفراد من المجتمع بعضهم مع بعض، وأن التنابز بالألقاب والتحقير المتبادل في لحظات الغضب حتى بين الزملاء والأصدقاء ليس نادر الوقوع حتى يمكن حصره وإدانته بل هو نهج عام يجعل من إدانته المطلوبة والضرورية إدانة لسلوك اجتماعي مشين مسكوت عنه ومشجع عليه على مدى عقود وربما قرون حتى أصبح ثقافة سائدة متجذرة قلما يسلم من بوائقها سوى فئة من السامين خلقيا وتربويا وقليل ما هم! ولذلك فإن التنديد بالمشاعر العنصرية التي قدفت بها المدرجات أو الفضائيات أو الصحف باعتبارها سلوكا مشينا منفصلا عن المجتمع هو مغالطة للواقع والتفاف حوله ومحاولة لرسم صورة غير واقعية له من قبل الذين يعلمون علم اليقين بأنه مكتنز إلى حد التخمة بصور وحالات التنابز بالألقاب والمشاعر العنصرية. فلماذا يلام شباب المدرجات والفضائيات على ما فاض من صدورهم وعلى ألسنتهم من مشاعر عنصرية غير سوية، إذا كانوا هم نتاج مجتمع يمارس تلك العنصرية وعلى نطاق واسع ولمجرد وجود اختلاف بسيط في وجهات النظر حول مسألة عادية أو حق ملتبس أو موقف غير واضح لطرفي الخصومة، ولم تعد تلك المشاعر البغيضة موجهة ضد الألوان أو الأجناس والأعراق أو المناطق, وإنما أصبحت تشمل النسيج الواحد من داخله فلم يسلم منها قبلي أو حضري أو أبيض أو أسود أو عربي أو أعجمي أو حامل بطاقة أو إقامة فالكل يحقر الكل وينسج حوله الأمثال المحقرة له كقولهم: «لو كان الأرز فيه قوة...» أو «أن مروءته مروحة...» أو أن «عقله لا يأتي إلا في منتصف الليل» أو أنه مائة وعشرة!.. هكذا وفق تعميم ظالم عنصري بغيض يجسد كل ما في الجاهلية من خلق ذميم، يشارك فيه العرب والشعوبيون على حد سواء متجاهلين قوله عز وجل «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» ، وإذا ما سمعوا خطيبا في جامع يذكرهم ببوائق المشاعر العنصرية هزوا رؤوسهم موافقين، ولكنهم قد ينسون جميع ما سمعوه عند باب الجامع ويبدأ المصلون في سماع كلمات عنصرية ساقطة بين بعض الذين كانوا خاشعين هازين لرؤوسهم لأن تلك المشاعر المتجذرة في قلوبهم وعقولهم منذ نعومة أظفارهم وكونهم يمارسونها كبارا وقد أشربوا بها صغارا، لا يمكن أن تؤثر فيها موعظة عابرة يقولها محاضر أو خطيب سواء كان يؤمن بما يقوله أم أنه يقرأ ما هو مكتوب على الناس ويمارس غيره في تعامله مع الآخرين، ولذلك فإن التركيز على شباب الرياضة وكتابهم وكأنهم الأساس في هذه المسألة لن يغير من الحقيقة شيئا، أما الواقع فهو أن المجتمع يحتاج إلى مراجعة صادقة لطرائق تعامله وأن يعلم أن المشاعر البغيضة مثل النار التي إذا ما شبت في الهشيم فإن أوارها وألسنتها سوف تمتد وتحرق القريب والبعيد ولذلك لا بد من إعادة صياغة أخلاق المجتمع كله لأن أخلاق الشبان والرياضيين من غراس أخلاق المجتمع نفسه ولا بد من تجريم المشاعر العنصرية تجريما ليس فيه استثناء لأحد كائنا من كان وإلا ظلت تلك المشاعر متجذرة مثل شجرة الزقوم ؟!.