خلال حياته العملية التي بدأت قبل خمسين سنة تقريبًا في أعقاب إنهائه تعليمه الجامعي، ألف الرئيس الأميركي الخامس والأربعون دونالد ترامب أكثر من خمسة عشر كتابًا، وبعد قرار دخوله المنافسة للوصول إلى البيت الأبيض أصدر كتاب «أميركا المقعدة، كيف نعالجها؟»، ثم أصدر في صيف العام الماضي كتاب «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، وجعله شعار حملته الانتخابية. وفق ما يذكره كتاب «عائلة ترامب: ثلاثة أجيال بنت إمبراطورية»، كتبت الصحافية غويندا بلير أن جد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوالده (أي والد والده) هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية من ألمانيا. وفي عام 1895، بعد عشر سنوات في «الدنيا الجديدة» نال الجد الجنسية الأميركية، بعدما غيّر اسمه من «فريدريتش درامبف» إلى «فريدريك ترامب». في عام 1902، أفلس الجد فريدريتش (فريديريك) وعاد إلى ألمانيا، حيث تزوّج من امرأة ألمانية، إلا أن الوقت لم يطل قبل أن تعتقله السلطات الحكومية الألمانية بتهمة التهرب من الخدمة العسكرية (قبل ذلك بعشرين سنة تقريبا)، وحكمت عليه بالسجن خمس سنوات، قبل أن تطلق سراحه في وقت لاحق على إثر تدخل السفارة الأميركية في برلين، وتم طرده من ألمانيا. ولدى عودة فريديك ترامب إلى نيويورك مع زوجته، معدمًا ومفلسًا، عمل حلاقًا، لكنه، في أواخر سنوات عمره عاد إلى العمل في قطاع الفنادق والمطاعم، وترك عندما توفي عام 1918، فندقًا صغيرًا يحمل اسمه هو «فندق ترامب»، وتولى ابنه فريدريك ترامب «الابن» (والد الرئيس المنتخب) إدارته. ذلك الفندق الصغير صار بداية «إمبراطورية عائلة ترامب»، إذ أصاب فريديريك «الابن» نجاحًا كبيرًا، وعندما توفي ترك وراءه ثروة ضخمة بلغت قيمتها قرابة 300 مليون دولار أميركي؛ ولهذا السبب، نشأ دونالد ترامب - المولود عام 1946 - نشأة منعّمة شبه أرستقراطية، وتلقى تعليمه في مدارس خاصة، ولاحقًا في جامعة خاصة تعد من أرقى جامعات أميركا وأعرقها هي جامعة بنسلفانيا، ويصف زملاء الدراسة ترامب بأنه كان طالبًا مشاكسًا مناكفًا، وحتى والده قال ذلك، حسب كتاب «عائلة ترامب». في نهاية ستينات القرن الماضي، عندما جاء وقت التجنيد الإجباري لحرب فيتنام، وكان عمر دونالد ترامب 22 سنة، فإنه تهرّب من التجنيد. مع العلم أنه أنكر ذلك إبان الحملة الانتخابية الأخيرة، عندما طاردته أسئلة صحافيين، وكرّر الإجابة بالقول إنه حصل على «استثناء قانوني»، مرددًا: «لم أخرق أي قانون»، وهو الرد نفسه الذي كان يردده لدى سؤاله عن تهمة تهربه من دفع ضرائب قرابة 20 سنة؛ وهنا، أضاف أنه فقط استغل ثغرات في قانون الضرائب، وأردف مفاخرًا أنه «ذكي» في فعل ذلك. في عام 1982، ظهر دونالد ترامب على غلاف مجلة «تايم» المرموقة، بعدما اشتهر بفضل نجاحاته الاستثمارية والتجارية. وفي عام 2001، شيّد «مركز ترامب العالمي» (بالقرب من برجي «مركز التجارة العالمي») اللذين دمرتهما الهجمات الإرهابية يوم 11 سبتمبر (أيلول) من ذلك العام، إلا أن مركز ترامب لم يصب بأذى. وفي العام الماضي قدّرت مجلة «فوربس»، المتخصصة في قطاع المال والأعمال، ثروة ترامب بنحو ثمانية مليارات دولار، وتحمل اليوم 515 شركة ومؤسسة وموقعا ومبنى ومنتجا اسم «ترامب». وفي مجال الفن، انخرط في الاستثمار بشركات منافسات ملكة جمال الولايات المتحدة، ومنافسات ملكة جمال العالم، ومنافسات ملكة جمال مراهقات الولايات المتحدة. إبان الحملة الانتخابية أيضًا وضعت علامات استفهام كبيرة حول أخلاق ترامب الشخصية: - في عام 1977، تزوّج إيفانا زيلنيتسكوفا، وهي عارضة أزياء هاجرت من تشيكوسلوفاكيا. - في عام 1990، تزوّج مارلا مايبلز، وهي ممثلة أميركية، بعدما حملت منه وولدت بنتًا، قبل طلاقه إيفانا. - في عام 2005، تزوّج ميلانيا كناوس، وهي عارضة أزياء هاجرت من سلوفينيا، بعدما حملت منه، قبل طلاقه ماريا. وعلى لسان ترامب، فإنه يقرّ في كتاب مذكراته «فن العودة» (بعدما كادت إمبراطوريته تنهار) أنه يحب النساء أكثر من حب أي شيء آخر. وهو يتباهى بكثرة زوجاته وعشيقاته، بل إنه كشف عن أنه حاول ذات مرة أن يصادق الأميرة البريطانية الراحلة ديانا بعد طلاقها من ولي العهد الأمير تشارلز، بيد أن ديانا رفضته. على صعيد آخر، فيما يتصّل بالدين، يصف دونالد ترامب «هويته» الدينية ومدى التزامه بها في كتاب مذكراته «فن الصفقات» بأنه «مسيحي قوي، لكنني لست متدينًا»، وفي وقت لاحق نفى وجود خلفية يهودية عند عائلته الألمانية، كذلك نفى وجود خلفية نازية، رغم تكرار الأسئلة له من صحافيين وغيرهم، وشائعات نقلتها مواقع التواصل الاجتماعي عن ميول نازية عنده، وعند والده وجده من قبله. وفي بداية العام الحالي، دخل ترامب في مناكفة مع البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان؛ إذ قال البابا خلال زيارته للمكسيك تعليقًا على دعوة ترامب لبناء جدار فاصل على الحدود مع المكسيك: «ليس مسيحيا من يدعو إلى بناء جدران تفرّق بين الناس، بل يدعو المسيحي الحقيقي إلى بناء جسور تربط بين الناس». وسارع ترامب، وغرّد تغريدتين متتابعتين في موقع «تويتر» كتب في الأولى: «أرى هذا التصريح مؤسفًا، خصوصا من راعي الكنيسة الكاثوليكية». وفي الثانية: «عندما يهجم مقاتلو (داعش) على الفاتيكان، سيحتاج الفاتيكان إلى دعم أميركي».