×
محافظة المنطقة الشرقية

انطلاقة كرنفال كؤوس الملوك الجمعة والسبت القادمين

صورة الخبر

يرى أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس الدكتور سعيد الوكيل أن المبدع يُصاب بقدر من العمى إذا ظنّ أنه على بصيرة كاملة بإبداعه، وهو ما يؤكده في كتابه {نزهات أخرى في غابة السرد} الصادر حديثاً عن الدار المصرية اللبنانية. واعتبر الوكيل خلال حواره مع {الجريدة} أن المؤسسات الثقافية في مصر تعمل كجزر منعزلة، وتحتاج إلى رؤية ثقافية متكاملة تعتمد على التخطيط لجمع هذه المؤسسات في بوتقة واحدة. إلى نص الحوار. ما العلاقة بين كتابك الجديد {نزهات أخرى في غابة السرد} وبين كتاب الروائي الإيطالي الشهير إمبرتو إيكو؟ يتداخل عنوان الكتاب نصياً وبوضوح مع كتاب إمبرتو إيكو {6 نزهات في غابة السرد}، لكن طريقة التناول بالتأكيد مختلفة. مثلما يتناول إيكو السرد باعتباره متشبع الدروب وفيه كثير من التعقيد، يتبنى كتابي الفكرة نفسها، ويؤكد أن السرد العربي سر خصب ويضارع النصوص العالمية وينافسها بقوة. لسنا في حاجة إلى تأكيد ذلك بالإشارة إلى الكاتب الكبير نجيب محفوظ، بل إلى كثير من مبدعينا على امتداد تاريخ الإبداع العربي. لذلك فإن الكتاب يركز على فكرة أن كل جيل يقدم إبداعاً له رونقه الخاص. ليس هذا فحسب، ولكن يؤكد أنه ربما تنقضي السنون وتختلف المشارب ويظل من الأعمال ما يتميّز بنوره الذي لا ينطفئ وعبيره المتوهج، وأبرز مثال على ذلك نجيب محفوظ. لذا يبدأ الكتاب بفصل بعنوان {كيف أعاودك وهذا أثر سردك؟}، وكأننا بهذا نستعيد المثل العربي القديم {كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟}. ثمة استعادة لسرد نجيب محفوظ من خلال تناول أدوار السارد المنسية عنده، وكأن الكتاب يقول إن {أديب نوبل} يستحق أن يعود إليه المرء مرة تلو الأخرى، وفي كل مرة حينما نأتي إلى بئر الإبداع عنده سنجد ما يسرنا وما يمنحنا متعة لا تنتهي. كيف اختلف دور السارد لدى نجيب محفوظ عن غيره؟ إذا كان النقاد يتحدثون عن أدوار محددة للسارد في كل رواية وفي كل نص فردي، فإن نجيب محفوظ يخاتل ويراوغ النقاد ونظرياتهم كي تكون لإبداعه الخاص بصمة تشير إلى أدوار أخرى للسارد، ربما من بينها أن يصمت، فلم يشر النقاد إلى صمت السارد في الرواية، ومحفوظ يقدّم هذا ببراعة. هل الكتاب محاولة لرصد تطوّر فكرة السرد لدى عدد من المبدعين العرب؟ يتناول الكتاب مجموعة كبيرة من الكُتّاب تمتد تاريخياً بدءاً من نجيب محفوظ ومروراً بيحيى مختار وإبراهيم الكوني وصنع الله إبراهيم والبساطي، وانتهاءً بواحد من جيل المبدعين في العقود الأخيرة وهو خليل صويلح. ويغطي الكتاب مساحة جغرافية متنوعة أيضاً، لأنه يتناول بعض الإبداع في مصر وسورية وليبيا، ويعد محاولة لتسليط الضوء على نماذج دالة في الإبداع العربي ويتضمّن إمكانات فنية رفيعة لا بد من التأكيد عليها. ورغم اهتمام الكتاب بعلم السرد، فإنه يتجاوز ذلك مركزاً على التأويل ورصد الرموز والعلامات في النصوص، كذلك يقدّم بعض المغامرات النقدية. مثلاً، رواية خليل صويلح {وراق الحب}، تتميّز بأنها حافز على التأويل الخاص المبدع، والناقد هنا يأخذ موقع القارئ الذي يوازي المبدع في إبداعه، ويعطي مساحة لكل قارئ كي يقدّم تأويله الخاص للنقد وللرواية بالتأكيد. يتحدّث الكتاب عن أن كل نص سردي يشتمل على عدد غير قليل من الذوات ومستويات مختلفة لها. ماذا تقصد بذلك؟ يعتمد الكتاب على علم السرد في الأساس، وله علاقة وطيدة بنظرية التواصل الذي تتضمّن ذواتاً متعددة: المرسل والمتلقي، بالإضافة إلى عناصر الرسالة والشفرة وقناة الاتصال. وحين نتحدث عن المرسل والمتلقي فنحن نتحدث عن ذاتين، ولكننا قد نجد لهما تجليات أخرى. على سبيل المثال، في المرسل ثمة المؤلف الحقيقي وما يسمى بالمؤلف الضمني، فضلاً عن الراوي نفسه، وفي ما يتعلق بالمتلقي ثمة القارئ الضمني والقارئ الحقيقي. والكتاب في بعض أجزائه يركّز على هذه الذوات المختلفة، ويقدّم لها تحليلات متنوعة. كيف يمكن تجنّب الالتباس بين المؤلف الواقعي والمؤلف المجرد؟ بمنتهى البساطة، المؤلف الحقيقي شخص من لحم ودم يُوضع اسمه على الكتاب، وقد يكون حياً أو ميتاً. لكن المؤلف الضمني هو ما يسمى بأنا المؤلف الثانية أو التجلي غير المرئي له، وهو خفي ومن الصعب الإمساك به. بين يدي السرد ما الرسالة التي تحاول إيصالها إلى القارئ من خلال عنوان تضمّنه الكتاب {البكاء بين يدي السرد}؟ الرسالة هي أن النقد لم يعد ذلك النقد الجاف الذي يُشغل طوال الوقت بالتنظير والتقعيد وما إلى ذلك، إنما أحياناً تذوب المسافات بين القارئ والمقروء وبين الناقد والقارئ، وبين نص النقد ونص الإبداع. هنا {البكاء بين يدي السرد} يركز على مجموعة نصوص تتضمّن إعادة تأمّل للذكرى مثل نص {نزيف الحجر} لإبراهيم الكوني و}مرافق الروح} ليحيى مختار، ورواية أخرى له اسمها {تبدد}. لماذا اعتبرت أن تفكيك السرد يعد تفكيكاً للعالم؟ على أساس أن قراءة السرد تعدّ قراءة للعالم، فإذا أردت فهم الأخير ربما يكون السرد أفضل طريق لتحقيق هذا الهدف. هنا نجد أن قراءة نصي {البساطي وصويلح} تعتمد على المنهج التفكيكي وأحد ملامحه المميزة أنه لا يظل صافياً بريئاً طوال الوقت، بل يراوغ المؤلف نفسه، وليس من المفترض أن يقدِّم وجهة نظر متماسكة تماسكاً خالصاً لا يمكن اختراقه، بل فيه بؤرة مراوغة قادرة على كشف التناقضات داخله. من ثم فإن المبدع الذي يظنّ أنه على بصيرة كاملة بما يبدع يتكشّف لنا أن فيه قدراً لا بأس به من العمى. كيف ترى الواقع الثقافي الراهن في مصر؟ أرى أن كل مبدع يعدّ مؤسسة ثقافية ما دام جاداً وفاعلاً، وحاول أن يمارس دوراً في الإنتاج الثقافي. لكن المؤسسات الثقافية لدينا تعمل كأنها جزر منعزلة. لذا يمكن القول إن ما نحتاج إليه رؤية ثقافية متكاملة تعتمد على تخطيط يجمع المؤسسات المختلفة في بوتقة واحدة ويحدث الأثر المطلوب، في إطار رؤية شاملة واضحة هادفة، خصوصاً أن الثقافة المصرية أقوى عنصر في منظومة الحياة المصرية، ومن المفترض أن تكون قاطرة التنمية الحقيقية. وأؤكد أن الثقافة المصرية أعظم وأقوى ما يملكه هذا الوطن، وإذا تحدثنا عن المنافسة العالمية فالثقافة هي الأجدر بقيادة مصر فيها. بين عشق الموسيقى والتصوف بعيداً عن هوياته المفضله وهي القراءة يقول أستاذ النقد الأدبي في جامعة عين شمس الدكتور سعيد الوكيل إنه عاشق للموسيقى بمختلف تجلياتها، لا سيما الكلاسيكية الغربية منها، تحديداً موسيقى الفنان العالمي تشايكوفسكي، مؤكداً أنها تساعده على تأمل ذاته لقدرتها على وصف حركة الروح في ضيقها واتساعها. ويشير الوكيل إلى أن لديه شغفاً خاصاً بالمطربة اللبنانية فيروز على مستوى الموسيقى العربية، بالإضافة إلى سيدة الغناء العربي أم كلثوم، كذلك يميل إلى سماع إنشاد القصائد الصوفية التي يقول عنها {تأخذني إلى بداية عملي البحثي حينما تتلمذت على يد محيي الدين بن عربي ، والتصوف في الحقيقة يضيء رؤيتي للعالم، وكان له أثر واضح في بعض أعمالي}.