أرغمتُ عقلي للاستماع إلى لقاء أرسله لي صديق مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية السابق الدكتور المصري الأصل محمد البرادعي الرجل الذي تحوّل إلى سياسي يحاول أن يقنع مستمعيه بأنه مصلح يسعى إلى إصلاح أمة العرب وتوجيهها إلى طريق الخلاص. الدكتور مثله مثل كثير من السياسيين والمفكرين المصريين يؤمنون بأول خرافة صنعها الإخوة في مصر وما زالوا يدندنون حولها، أن الأمة العربية لا ينصلح حالها دون مصر ثم يضيفون جملة رديفة ضعيفة التأثير هدفها إسكات المعارضين بأن مصر أيضاً لا ينصلح حالها من دون العرب. الدكتور البرادعي يبدو من مفرداته ولغة خطابه أنه متواضع الثقافة فما يقوله من أدبيات لا تستند إلى حجج ولا تقف أمام الاعتراض، اللقاء كان يشبه تعليق رجل ينظر بالمنظار إلى مباراة لكرة القدم بينما الجمهور يشاهد مباراة كرة سلة. وزير العدل الكويتي فالح العزب سقط في الفخ أيضاً وصرّح بتصريح مشابه لما قاله البرادعي ثم حاول تبريره والتراجع عنه، وكان الله غفوراً رحيماً. حان الوقت لأن ننتهي من عقدة النقص التي تشعر بها بعض الشعوب العربية ما يدفع إعلامها إلى الكذب عن عظمتها وقيادتها وزعامتها إلى آخره من مفردات، حان الوقت لدفع حركة النمو والتقدم التي تشهدها أجزاء من الوطن العربي، (تونس من الناحية السياسية ودول الخليج من الناحية الحضارية والعلمية)، وعدم الجمود ومحاولة عرقلة حركة التاريخ فذلك لن يجدي نفعاً سوى بمزيد من مشاعر الإحباط لدى الشعوب العربية الفقيرة ومنعها من الاستفادة من التجارب المعاصرة في زوايا أخرى من زوايا الوطن العربي الكبير. إن لكل بقعة من بقع وطننا الكبير دوراً مهماً تقوم به، ومحاولة اختصار الأدوار وربطها بعدد السكان أو المساحة الترابية أو القوة الاقتصادية لن ينجح في تغيير الواقع فالعراق على سبيل المثال هو أقوى اقتصاد عربي بمصادره المتوافرة ولكن أين العراق؟ ومصرأكثر بلاد العرب سكانا ولكن أين مصر؟ والجزائر أكبر بلد عربي في المساحة ولكن أين الجزائر؟! في كل المؤشرات العالمية للصحة والتعليم والبحث العلمي والإنتاج والصناعة وغيرها تجد تلك الدول ضمن الصفوف الخلفية، النجاح الوحيد لديهم هو الإعلام لا سيما في العراق ومصر فهما يملكان عدد محطات إعلامية يفوق ما يملكه العالم العربي كله، فلو كان الدكتورالبرادعي يريد فعلاً خدمة بلده لما وقف ضد تجربة أول انتخابات حرة تُجرى في بلده، جَفت الأقلام ورُفعت الصحف (too late). إلى الدكتور البرادعي ليس بالصوت تتقدم الأمم. kalsalehdr@hotmail.com