دَائماً أسأَل نَفسي، مَا الذي يُميّز هَذا الكَاتِب عَن ذَاك؟ ومَا الذي يَجعلني أَطربُ لهَذا الكَاتِب؛ وأَصدُّ عَن ذَاك؟ أهي عُنصريّة؛ أم انحيَاز منِّي؟ أم هو مَيل إلَى الإبدَاع وبَحْث عَنه؟ طَرحتُ هَذا السُّؤال، واستمرَرت في تَأمُّله حتَّى وَصلتُ إلَى النَّتيجَة..! وقَبل النَّتيجَة دَعوني أقول: إنَّ الكِتَابة هي تَتبيلة، والتَّتبيلة هي التي تُحرّكني.. وحتَّى نُبسّط الكَلَام، دَعونَا نَمُر عَلى هَذا المِثَال مرُور الكرَام، لنُشبّه اللُّغة والأفكَار والصّياغَة بطَبخ الدَّجَاج، لنَصل إلَى الفرُوقات بَين هَذا الكَاتِب وذَاك..! إنَّ اللُّغَة مَطروحة في الطَّريق، كَما أنَّ الدَّجَاج مَطروح في الطَّريق والأفكَار مُتَاحَة للجَميع، كَما أنَّ التَّوابِل مُتَاحَة للجميع، والنَّاس شُركَاء في النَّار؛ التي تُطبخ عَليها الكِتَابَة والدَّجَاج، ولَكن مَا يُميِّز هَذا الكَاتِب عَن ذَاك هو الخلطَة الكِتَابيّة..! إنَّ الموَاد الأسَاسيّة في صِنَاعة الكِتَابَة -وأقصُد بالمَوَاد الأسَاسيّة: "اللُّغة والأسلُوب، والأفكَار والتَّقنيّات"- مُتَاحة للجَميع، كَما أنَّ التَّوَابِل والدَّجَاج؛ وأدوَات الطَّبخ مُتَاحة لمَاكدونالدز، وبُرغر كِنج، وكِنْتَاكي، والبِيك، ولَكن مَا يُميِّز طَابِخاً عَن طَابِخ؛ هو النَّفَس والتَّتبيلَة التي تَخرج بِهَا وَجبَة الدَّجَاج، ومَا قُلته هُنَا أقُوله عَن أصحَاب الكِتَابَات..! إنَّ الكِتَابَة في آخَر أشوَاطها صِنَاعة، ولذَلك ألّف "أبوهلال العسكري" كِتَاب "الصِّنَاعتين"، ويَعني بِهما صِنَاعة النَّثر وصِنَاعة الشِّعر، مِن هُنَا لابُد مِن التَّأكيد؛ عَلى أنَّ الكِتَابة بالدَّرجَة الأُولَى هي المَوهبة، والمَوهبة وَحدها لَا تَكفي، فهي بحَاجَة إلَى تَدريب وانضبَاط، لتَندمج وتَتلاقح المَوهبة الفِطريّة؛ مَع المَهَارَة الصِّنَاعيّة..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ نُؤكِّد عَلَى أنَّ الكِتَابة ليَاقَة، وقَبل أنْ نَكتب وَرقة؛ يَجب أنْ نَقرَأ 30 وَرقة، لنَتعلّم صِنَاعَة الكِتَابَة..!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com