×
محافظة مكة المكرمة

روضة أطفال على جماجم الأموات بجدة

صورة الخبر

تأتي الحرب فتصير شغل الإعلام الشاغل، تخرج المظاهرات العشوائية، تمارس صراخها بين الأزقة، هتافاتها الطويلة والبرَّاقة حتى تهتز مشاعر الأنظمة قليلاً لإسكات تلك الأصوات، فالضجيج يضر بصحة المدن التي تنام باكراً، يخرج الزعماء ووزراء الخارجية ينددون ويستنكرون، بينما ينام الوطن الكبير وهو يغنّي على ليلاه، وينشغل المواطن العادي بحياته الشخصية بعد أن أتخمته الأنظمة بالأزمات والويلات، والحرب دائرة لا تتوقف. هكذا كان حالنا في غزة؛ حيث كنا نتأمل مشهداً لا نستطيع فعل شيء فيه سوى الدعاء، حتى المساجد خلت من روادها؛ لأن القصف طال كافة مناحي الحياة إلى أن أدرك المواطن الفلسطيني في غزة أن الموت هو الخلاص السرمدي الوحيد لشعب يعيش القهر منذ عقود. واليوم، تباد حلب عن بكرة أبيها، يأتيها الموت من تحت أقدام أبنائها، ومن فوق رؤوسهم، بالطائرات والصواريخ والمدافع الملونة، فهنا صاروخ من طائرة روسية، وهناك من طائرة سورية، وأخرى أميركية، وأخرى صينية أو إيرانية، والطائرات لا تتوقف عن الهدير، والصواريخ لا تتوقف عن ممارسة شبقها باغتصاب الإنسانية، والأطفال يلوذون بزوايا المنازل في انتظار الموت الرحيم، والأمة في سباتها، حتى كلمات التنديد والاستنكار لم تعد تخرج من أفواه تلك الأنظمة، كأنها خرست أو أخرست، وكأن سوريا أصبحت الملعب الذي يجمع المتنافسين على أرضه، يمارسون ساديتهم في التلذذ بقتل الأطفال والنساء، مرة باسم الدين، وأخرى بالمذهب في محاولة لفرض القوة في المنطقة، والهدف الأعظم هو تملك خيرات ومقدرات شعوب أنهكها حكامها قبل أن تنهكها ثقافتها. حلب وجع الأمة الذي لن ينتهي طالما بقيت الأنظمة في سباتها، وطالما بقي بشار الأسد ونظامه الدموي يمارس بطشه بأدوات إيرانية روسية صينية بمشاركة (حزب الله)، وسيظل الموت هو عنوان المرحلة، كما ستظل حلب وسوريا تعانيان طالما بقيت داعش تنمو هناك أو تترعرع حين يتم تصدير المراهقين إليها للقتال باسم الدين. المطلوب الآن والعاجل هو إعلان البند السابع لمجلس الأمن والتدخل العسكري لوقف تلك الحرب بأي شكل ونزول الجميع عن الشجرة، وإن اضطر الأمر إلى إعلان عفو عام عن الجميع مقابل وقف الدم، فقد ولغ الجميع بدم السوريين، وعلى المجتمع الدولي والأنظمة العربية أن يكونوا رجالاً ولو لمرة واحدة لمنع اندثار الجنس السوري عن الوجود، وإن المطلوب من دول الخليج أولاً وقف تصدير النفط ومنع العمالة الأجنبية، وعدم استقبال الوفود إلا بحل عاجل للأزمة السورية، أو على الأقل التلويح بذلك، وبث رسائل تهديد من أن الخليج لن يقف مكتوف الأيدي، وسيمارس دوره الأخلاقي تجاه الأزمة السورية، وكذلك إيقاف كل الدعم للبنان لحين انسحاب حزب الله من تلك المعركة الخاسرة، وإيقاع أشد العقوبة عليه حال رفضه تنفيذ مطالب المجتمع الدولي. ومطلوب من تركيا وبقية الدول أن تتدخل بأي شكل لوقف نزيف الدم هناك، فقد تهاوى العراق واليوم سوريا وغداً ليبيا أو مصر، والأمة في غيبوبة عميقة لن تصحو منها إلا عندما تعيد بناء نفسها وثقافتها. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.