وقد غنى الجدار الأصم الجماد بأحلى نغمات التفاؤل وحب الحياة، إنها أسطورة الإرادة البشرية(هيلين كيلر-) التي فقدت بشكل تام السمع والبصر في الثانية من العمر، وصارت صخرة صماء لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم، ورغم ذلك تعلمت() لغات ونالت أكثر من (دكتوراه) وألّفت كتاباً منها (الخروج من الظلام) (إيماني)(العالم الذي أعيشه)(معلمتي آن سوليفان)(تفاؤل)(الحب والسلام) و(أغنية الجدار الحجري)والذي تموج أغانيه بالبهجة والإشراق وحب الناس والحياة: (سأعيش لأخبر العالم بأنه لا توجد حدود لأحلام البشر..) تقول .. وإذا يكتب نابليون وهو في مجد إمبراطوريته (إنني لم أذق السعادة في حياتي) يُغنِّي الجدار (لقد عشت واستمتعت بحياتي) إذن السعادة تنبع من الداخل لا الخارج ،إنها في نفوسنا لا فلوسنا، في طريقة تفكيرنا لا في ضخامة قدراتنا الجسدية والمادية، جسد هيلين كيلر فاقد لأهم الحواس:السمع والبصر والنطق، ولكنّ نفسها متفائلة وعقلها متفتّح وتفكيرها إيجابي. لقد طافت كثيراً من دول العالم برفقة معلمتها وألقت مختلف المحاضرات، وحياتها نفسها أعظم محاضرة في الصبر وقوة الإرادة وشدّة المثابرة ووضوح الدليل على أن الذين يصرون على تحقيق أهدافهم بالعلم والعمل الجاد يصلون بإذن الله جلّ وعز.. صانعة تلك الأسطورة-بعد توفيق الله- أسطورة أخرى ربما كانت أقوى، إنها امرأة نادرة في التاريخ، وهي معلمتها (آن سوليفان) التي لازمتها منذ السادسة من عمرها-وكانت مجرد صخرة- فعرفتها أسماء الأشياء بصبر عجيب نادر المثيل، علمتها اسم الماء خلال عشر ساعات تصب على يديها الماء وتكتب اسمه على يد الحجر حتى انبجس الماء في الحجر.. ظلت تعلمها بصبر قلما يطيقه بشر.. امرأتان نادرتان في التاريخ.