تعلمنا في أبجديات الإعلام بمختلف وسائله وأوعيته، أن أهم اعتبار يؤخذ في تقدير المادة الإعلامية وأهميتها هو شمولها ومنفعتها لأكبر شريحه من المتلقين، وذلك العنصر هو الهاجس الأول لكل إعلامي وعلى ضوئه يحدد مقدار المساحة والزمن اللازم والجهد المطلوب بذله، والوقت الأفضل للعرض، ومن جانبه المتلقي سواء كان سامعاً أو قارئاً أو مشاهداً، أول ما يتبادر إلى ذهنه في قبول المادة هو مدى أهميتها له بشكل مباشر أو غير مباشر. هذا الانسجام والتلاقح الفكري في الاهتمامات بين المرسل والمتلقي يشكل نجاح الوسيلة الإعلامية بعناصرها، وما استمرار صحف ورقية في تألقها وتطورها وفشل قنوات تلفزيونية ووسائل اتصال جماهيري إلا شاهد واضح على أهمية العلاقة، وأنها هي المحدد الرئيسي لنجاح برنامج أو قسم أو صفحة وبالتالي نجاح الوسيلة بمسماها وهويتها وشعارها بما يكفل استمرارها وبقاءها في الساحة الإعلامية. تلك المسلمات في المجال الإعلامي أراها بين وقت وآخر تخدش بأدوات حادة في وجه وسائل عريقة كانت ولا زالت تستحوذ على شريحة كبيرة من المشاهدين، وتنامي هذا الخدش واستمراره سينال من سمعة المنشأة وتفقد معه مشاهديها شيئاً فشيئاً، ويزداد الأمر سوءًا عندما تكون منطلقات المادة الهزيلة هو الأهواء والرغبات الشخصية أو عجز في قدرات الإعداد أو التقديم، وهنا رخص المقابل وفداحة الخسارة، لنأخذ مثالاً لتقريب الصورة فمساء الثلاثاء الأسبوع الماضي عرض على شاشة التلفزيون موضوع عن تجمع بقايا أمطار في ممر إحدى المباني التعليمية في محافظة حريملاء مما سبب وجود طفح مائي قليل، ترى هل يستحق ذلك عشرين دقيقة من العرض وفتح اتصالات المشاهدين وتغطية الحدث، لقد عجبت واستنكر غيري كثير من المشاهدين وأثار تساؤلاً كبيراً ثم ماذا؟ جميل هو النقد والتوجيه ووسائل الإعلام رائدة فيه وتحمل على عاتقها رسالته بأمانة وصدق ولا أحد يستطيع أن يستغني عن الإعلام، ولا أحد ينكر الدور الكبير الذي يلعبه في بناء المجتمعات، وقوته وفاعليته ينتج عنها ثمار إيجابية للحاضر والمستقبل. والأمثلة عديدة ولا تستحق التجميع فقط قلّب قنوات التلفزيون وصفحات الصحف حتماً سترى أو تسمع عينات هزيلة من الإنتاج الإعلامي والله المستعان.