قبل أكثر من أسبوع أعلنت سلطنة عمان في بيان مقتضب عن انضمامها للتحالف الإسلامي العسكري ، والذي تمَّ الإعلان عن تأسيسه في الخامس عشر من شهر ديسمبر 2015م ، ليصل إجمالي عدد الدول المنضوية تحت هذا التحالف إلى 41 دولة عربية وإسلامية بقيادة المملكة العربية السعودية. وسلطنة عُمان ، لديها تجارب تراكمية ثرية ، في مجالات الدفاع والأمن بحكم علاقتها الوثيقة مع المملكة المتحدة، يمكن لغرفة عمليات التحالف الاستفادة منها ، في الجهود المشتركة لمكافحة التَّطرف والإرهاب، سواء على الصعيد الأمني أو الاستخباراتي أو العسكري أو الفكري أو الإعلامي أو الرقمي كذلك. انضمام سلطنة عُمان ، للتحالف ، وُصف بالتطور الإيجابي ، وهو بالتأكيد كذلك ، ولكن في تقديري لا يجب تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل ، والمبالغة في تعظيم نتائجه ، مثل القول بأنَّه إضافة استراتيجية كبيرة لدول التحالف! بل يجب أن تكون القراءة السياسية والعسكرية للقرار العُماني واقعية ، ومنطقية ، خاصَّة أنَّ مشروع التحالف الإسلامي العسكري ، وإن كان يُحسب للقيادة السعودية إنجازه! فهو مشروع تحالفٍ فضفاضٍ، لا يوجد ما يشي بتأصيله وبناء منظومته الإدارية والعسكرية ، كأداة ردعٍ، للتصدي للإرهاب والتَّطرف في المنطقة وفي الدول الموقعة على تأسيسه، بل قد لا يُبصر النور ، للتعقيدات الراهنة ، ليس فقط على الصعيد الإقليمي والدولي ، بل وحتى على صعيد الدول العربية والإسلامية ذاتها الموقعة عليه ، إذ يُعاني أكثرها من اضطرابات سياسية واقتصادية واجتماعية ، ومواقف متناقضة ، وخلافاتٍ مريرة، تجاه قراءة الأحداث الراهنة ، ومفهوم الإرهاب ، ناهيك عن الاتفاق حول أدوات وشرائط مكافحته. في هذا السياق ، أميل أكثر إلى قراءة القرار العماني من جانب آخر، ربما لا يتصل مباشرة بمسألة التحالف الإسلامي العسكري، بقدر ما يتصل بمنظومة التعاون الخليجي، لجهة تهدئة الشكوك الخليجية بشأن التزام عُمان بأدبيات هذه المنظومة. ومن ثمَّ فهي في تقديري مبادرة عُمانية إيجابية لتعزيز العلاقة والثقة بين دول مجلس التعاون ، ودحض كل الادعاءات بأنَّ عُمان تُغرد خارج السَّرب الخليجي وتُشكك في جديتها وجدارتها في عضوية هذا المجلس. سلطنة عُمان ، بهذا القرار ، تبعث برسالة واضحةٍ ، لا لبس فيها بأنَّ منظومة الخليج، هي عمقها الاستراتيجي. وأنَّها ملتزمة بذلك منذ تأسيس مجلس التعاون في 25 مايو 1981 ، وتسعى في إطار التزاماتها الخليجية مع أشقائها للمحافظة على أمن هذه المنظومة، واستقرارها ومكتسباتها. وفي الوقت نفسه ترى أنَّ هذا الالتزام لا يتعارض البتَّة مع علاقاتها الإقليمية والدولية ، خاصَّة علاقتها المٌثيرة للجدل