بيروت: كارولين عاكوم عاد الهدوء إلى البقاع اللبناني بعد ثلاثة أيام من التوتر بين منطقتي عرسال (ذات الغالبية السنية) واللبوة (ذات الغالبية الشيعية) على خلفية سقوط مدينة يبرود في ريف دمشق على يد القوات النظامية وحزب الله اللبناني، فيما لم تتوقف عمليات القنص المتقطعة في طرابلس (شمال لبنان) بين جبل محسن (ذات الغالبية العلوية) وباب التبانة (ذات الغالبية السنية)، وأدت عمليات القنص إلى سقوط ثلاثة جرحى أمس، بينهم عسكري. وعزز الجيش اللبناني صباح أمس انتشار وحداته في مناطق البقاع الشمالي الحدودية، وخصوصا منطقتي عرسال واللبوة، بحيث أعاد فتح جميع الطرقات كما سير دوريات داخل البلدتين وجوارهما، وفق ما جاء في بيان لقيادة الجيش، مشيرا إلى استمراره في اتخاذ المزيد من الإجراءات الأمنية. ومنذ صباح أمس، دخلت وحدات الجيش إلى عرسال وسط ارتياح واضح من الأهالي في المنطقتين الذين أكدوا تمسكهم بالعيش المشترك ورفضهم الفتنة بين البلدتين. واستقبل حشد شعبي وحدات الجيش عند مدخل عرسال، تقدمه رئيس البلدية علي الحجيري وعدد من أعضاء البلدية، إضافة إلى مخاتير وفاعليات من البلدة، على وقع نثر الورود والأرز ونحر الخراف. وأكد وزير الصناعة حسين الحاج حسن، المحسوب على حزب الله، أن «مطلب انتشار الجيش في عرسال هو مطلب وطني»، وقال قبيل جلسة مناقشة البيان الوزاري: «لا يجوز أن يكون هناك عائق لحفظ الأمن، وهذا الأمر لا يختص بعرسال فقط، بل بكل منطقة في لبنان، وسوف يساعد على ضبط الأمن ومن يسيئون إلى عرسال». من جهته، عبر نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي، عن الارتياح الكامل لقرار انتشار الجيش، وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما كنا نطالب القوى الأمنية بدخول المنطقة والتأكد من أن عرسال ليست بؤرة إرهابية كما يحاول البعض تصويرها، وهذا ما ثبت للجيش الذي نفذت وحداته انتشارا واسعا وقامت بدوريات مؤللة في كل البلدة وفي جرود عرسال وحتى في الأماكن التي توجد فيها مخيمات اللاجئين السوريين، ولم يعثروا على مسلحين، ما يدحض كل الاتهامات التي تتهمنا بإيواء الإرهابيين أو السيارات المفخخة». وشدد الفليطي على «وقوف البلدة وأهلها إلى جانب الجيش في أي إجراءات قد يتخذها بحق المخلين بالأمن»، مشيرا إلى «تعرض جرود عرسال لغارتين من قبل الطيران الحربي السوري خلال قيام الجيش بمهمته». وكان أبناء عرسال عاشوا منذ الأحد الماضي في حصار إثر إقفال أهالي اللبوة الطريق المؤدي إلى بلدتهم، بعد التفجير الذي تعرضت له بلدة النبي عثمان وسقوط قتيلين وعدد من الجرحى، الأمر الذي أدى إلى إشعال الوضع على جبهات أخرى، تضامنا مع عرسال، وأقفلت طرقات في بيروت وجبل لبنان والبقاع سقط خلالها قتيل في منطقة قصقص في بيروت، هو الشاب حسام الشوا. وشهدت المنطقة نفسها توترا بعد ظهر أمس، بعد الإعلان عن وفاة شاب آخر متأثرا بجروحه وخلال تشييع الشوا الذي تخلله إطلاق للنار وإقفال الطريق بالإطارات المشتعلة. وفي متابعة منه للمستجدات الأمنية، عقد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس اجتماعا أمنيا في القصر الجمهوري حضره رئيس الحكومة تمام سلام ونائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الوطني سمير مقبل ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية. وبحث المجتمعون الوضع الأمني بشكل عام وخاصة في منطقتي عرسال وطرابلس، مطلعين على الإجراءات المتخذة لمعالجة المشكلات والتوترات والتفجيرات القائمة والخطوات اللاحقة لذلك، إضافة إلى المستلزمات والمتطلبات اللازمة والضرورية لتمكين القوى العسكرية والأمنية من القيام بواجباتها في ضبط الوضع الأمني وتركيز الأمن والاستقرار للمناطق والطمأنينة للأهالي، وأعطيت التوجيهات اللازمة في هذا الإطار. وفي سياق متصل، واستمرارا للقصف بالصواريخ والغارات التي تطال مناطق لبنانية من الأراضي السورية، من النظام السوري والمعارضة، ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام، أمس، أن صاروخين مصدرهما سلسلة الجبال الشرقية سقطا على وادي الخنازير في القاع وطريق عام الهرمل - القاع قرب مستشفى الهرمل الحكومي، واقتصرت الخسائر على الماديات. كما سقط صاروخان في منطقة العقيدية في جرود بيت شاما في البقاع الأوسط، غرب مدينة بعلبك، التي وصلتها الصواريخ أمس للمرة الأولى، ليعود بعدها، ما يسمى «لواء أحرار السنة» ويتبنى إطلاق صواريخ بيت شاما ردا منه على مقتل حسام الشوا، وفق ما أشار في بيان له على موقع «تويتر». ونتيجة المداهمات التي قام بها الجيش في عرسال، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، بتوقيف 15 سوريًّا على حاجز وادي الشعب كانوا قد دخلوا الأراضي اللبنانية بأوراق مزورة، مشيرة إلى أن من بينهم عناصر من جبهة النصرة، وسيجري تسليمهم إلى الشرطة العسكرية للتحقيق. كذلك، أعلنت المديرية العامة للأمن العام عن اعتراف خمسة موقوفين سوريين كانوا قد دخلوا خلسة إلى لبنان، بانتمائهم إلى شبكة إرهابية قامت بنقل سيارة مفخخة لصالح جبهة النصرة من بلدة يبرود السورية إلى جرود بلدة عرسال. وأحيل الموقوفون إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر لاستكمال الإجراءات القضائية وفقا للأصول، وأكدت المديرية أنها «لن تتوانى في ملاحقة المجموعات الإرهابية والعصابات التخريبية والشبكات التي تتعاطى الهجرة غير الشرعية، بالتنسيق مع بقية الأجهزة الأمنية، ضمانا لسلامة المواطنين وحفاظا على الأمن والاستقرار في البلاد».