×
محافظة الرياض

وزير الخارجية اليمني يؤكد دعم ‏الحكومة الشرعية لمساعي ولد الشيخ ‏لإحلال السلام

صورة الخبر

الشارقة:غيث خوري اختار مهرجان الفنون الإسلامية في دورته التاسعة عشرة ثيمة البنيان كإطار شامل تندرج تحته كل الأعمال المعروضة والمقدمة للمهرجان، وقد طرح مفهوم البناء والعمارة ضمن مستويين: الأول شكلي يتعلق بالتقليد الفني، والآخر نفسي يرتبط بدواخل الفنان وتصوراته حول دور العمارة في حياة الإنسان، والتوجه إلى الجانب المتواري كمبنى ذهني وحالة إبداعية في صيرورة تحقق أي بنيان، لنرى أن الفنانين يقدمون اشتغالاتهم البصرية في فضاءات الفن المعاصر، وعينهم على الفن الإسلامي بكل أنواعه؛ حيث إن المنجز المعروض ضمن إطار المهرجان هو نتيجة لبحث بصري جاد أفضت إليه مختبرات الفنانين والمعماريين، الذين شاركوا من أنحاء عالمية مختلفة، وقد اعتمدوا أشكالاً مختلفة من التعبير الفني حول رؤاهم لمفهوم البنيان. ضمن هذا الإطار يقرأ العمل الفني المقرنص المضيء للفنانة الأمريكية سو سني بارك، بوصفه يتألف من أطر شبكية حديدية تستخدم عادة في بناء المباني الحديثة، إضافة إلى الزجاج الشبكي المشكل وفق أنماط مستوحاة من الفسيفساء الإسلامي، ليعتلي هذا التركيب مساحة العرض، كما تفعل المقرنصات، وقد جرت العادة على أن توظف الأطر الشبكية الحديدية في دعم كتلة الأسمنت ضمن عملية البناء، إلا أن هذه الأطر لا تكون مرئية بحد ذاتها، فهي تستتر ضمن جدران وأرضيات البناء أو تحتها؛ لذا سعت بارك في عملها هذا إلى تحويل ما هو عنصر وظيفي معماري مستتر في العادة إلى إطار مرئي، يخلق الزجاج الشبكي المضيء فضاء للتأمل، ويجذب الانتباه إليه عن طريق الضوء الصادر من حوافه، إلى أن تظهر أنماط مستمدة من الفسيفساء الإسلامي. وضمن نفس المقصد يظهر عمل أنا المقرنص، وإليكم قصتي للفنان محمود عبد ربه من مصر، الذي يتألف من مجموعة من التصميمات التي تبحث في ما هو أبعد من الحجم الثابت الذي تبدو عليه، من خلال تقسيمها إلى طبقات، وإفساح المجال لاحتمالات جديدة من الأشكال والوظائف لهذه التشكيلات المعمارية، مستخدماً مواد مختلفة كالإسفنج، وقد أفسح عبد ربه المجال للمقرنص بالحديث، لنقرأ ما يلي: اسمي المقرنص، أبدعني معماري، باعتباري واحداً من أفضل الأنظمة البرامترية الهيكلية، التي يمكنها تحويل أوزان مختلف أنواع السقوف وتوزيعها على الجدران، وكذلك أداء وظيفة تزينيّة كحنية ركنية، أنا فريد من نوعي، وجليل، كما إنني نظام معماري فاعل، استُخدمت على مدى عقود لأداء الوظيفة نفسها، إلى أن تم اكتشاف نظم هيكلية جديدة، وبذلك نسي المعماريون أمري منذ ذلك الحين، هذه المجموعة هي دعوتي للناس لأخبرهم من أنا، وما هو عملي، ولكي أظهر لكل منكم الطبقات الكامنة تحت شكلي ووظيفتي، وهذه قصتي، انظروا إلى ما هو أبعد من شكلي. وفي عمل تفكيك المقرنصات للفنانة ميثاء المهيري من الإمارات، تُطرح رؤية فنية وهندسية جديدة؛ حيث تتبع الفنانة خطوط الهندسة المكتشفة على صفيحة ذهبية وجدت في موقع تخت سليمان الأثري، التي يعتقد أنها تحتوي على خطة بناء مقرنصات لم يتم تشييدها قط، ويتجسد الجوهر المعماري للهيكل المفترض في الرسومات التخطيطية له؛ حيث يمكن إعادة بنائه بالاستناد إلى هذه التخطيطات، وهنا تقوم المهيري بتجسيد هذا الجوهر من جديد بتفكيك مقرنصات تخت سليمان، واتباع النظام الموحد لعادة إنشاء هذه المقرنصات، وفي هذا العمل يطفو مقرنص مفكك ضمن فضاء واد مهجور، على أطلال وبقايا قصر صيفي طالما حضر كنصب تذكاري، وتبث حركة الأرجوحة المتشابكة في شبكة سلكية تموجات صغيرة على مدار الهيكل المعلق، لتجسد تأثير التدخل البشري في أرض مهجورة. وتتبع القبة والمشهد العام الظاهرة الطبيعية المتمثلة بتكرار الأنماط الهندسية، المعروفة باسم التماثل المتوسع، وهي صيغة رياضية ينتج عنها نمط متكرر يحقق أبعاداً هندسية ومعمارية فريدة، كما تستخدم المهيري في تنفيذ عملها مجموعة من المواد المختلفة كالزجاج وأسلاك التعليق والألياف الخشبية ورقائق الخشب. في جانب آخر، نرى أعمال الخط العربي، وقد حضرت بشكلها التقليدي والمعاصر معاً ضمن تجربة للفنانين المشاركين؛ حيث توضح الأعمال الفنية للخطاط العراقي حميد السعدي عن تركيبات تتمتع بجماليات راسخة، مبتكرة كانت أم تقليدية، وكأن الحروف في لوحته فسحة من الرقص على إيقاع الأسود الحالك، كما نرى فيها أعمدة مستقيمة، وأخرى مقوسة، هذه الحروف التي تشق مسارات ترسم بنيان العمل وهيئته التصميمية، وفق مشق يمتاز بالمرونة والمهارة، ليؤكد السعدي طاقة الحروف وحرارتها، وملامح القوة والصلابة أو الرقة والعذوبة، مستمداً موضوعات أعماله من المرأة والعمارة على حد سواء، تاركاً لخياله وأحاسيسه تدوين اللحظة بما فيها من فرح أو حزن دون التخلي عن جرأة التجريب التي تظهر في كثير من لوحاته الحروفية المعاصرة. وفي جدارية الفنان محمد عبيدو من مصر، وهي الجدارية المعروضة في كلية الفنون الجميلة والتصميم بجامعة الشارقة، يبدو الحرف العربي في هيئة معاصرة لافتة، وتعبر عن رؤية بصرية ذات تأثير واضح على المتلقي من جراء الاشتغال الفني على تشكيل التصميمات دون التقييد الصارم الأكاديمي، فيأخذها نحو الصورة كأثر جمالي يخاطب العين، ويحاول عبيدو أن يؤكد طاقات الحرف الجمالية التي تمنح الشباب مجالاً واسعاً للتعبير في ضوء التطور التقني، وتظهر ألوانه المشرقة التي تضخ الحياة في حركة الحروف وتشكيلاتها.