صدرت في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول) فتوى من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، تقضي بإدانة وتكفير كل من تسول لهم أنفسهم قتل الأنفس المعصومة من مسلمين ومعاهدين، واعتبار ذلك محرمًا وكبيرة من كبائر الذنوب لا تصح تحت أي مسوغ وتحرم أصحابها من دخول الجنة. كلام واضح، ومن المؤسف أنه لم يتلق ما يستحقه من الترويج والتعقيب. صدر ذلك في آونة كنت أتأمل فيها، وأدعو إلى صدور فتوى عالمية في هذا الصدد. لقد أصبح الإرهاب الإسلاموي غولاً يمتد شبحه في شتى الاتجاهات، ويضرب كل المجتمعات البشرية. لا يمر يوم دون أن نسمع فجيعة من فجائعه، ولم تعد تسلم من عواقبه أي دولة إسلامية أو متداخلة ومتعاهدة مع دولة الإسلام. لقد أصبح الإرهاب الإسلاموي شأنًا معولمًا ويتطلب بالتالي ردًا معولمًا. تسعى سائر الدول في تبني واتباع شتى الوسائل لتعقب هؤلاء الإسلامويين وملاحقتهم وضرب أوكارهم واعتقال رموزهم وتابعيهم. بيد أن الأحداث أثبتت فشل هذه المساعي، فـ«القاعدة» و«داعش» و«بوكو حرام» وسواها من التابعين يزدادون عددًا ويتوسعون. المطلوب مجابهتهم بالأسلحة نفسها التي يستعملونها. وسلاحهم الأساسي في معتقداتهم الضالة، على ما في هذا المعتقد من خلل. كيف يجدون كل هذا العدد من الشباب الانتحاريين الذين يصعب تفاديهم ومنعهم؟ إنني لا أؤمن بمثل هذه الخرافات والخزعبلات التي يؤمن بها هؤلاء الشباب المخدوعون. وهذا مقصد الكلام. نحتاج إلى من يوسع هذه الدائرة العقلانية. نحتاج إلى فتوى عالمية يجتمع عليها كل كبار علماء المسلمين من شتى الأقطار والطوائف. ينجزون فتوى محترمة توزع في كل المساجد والمدارس والسجون ودور العلم والتربية والجيش، وتلصق في الساحات العامة. يتلوها ويفسرها المعلمون وعلماء الدين على المنابر في المساجد وعلى شبكات الفضائيات والإنترنت والراديو. مواصلة هذه المساعي شيء مهم، فبالتكرار والإلحاح تحصل على ما تريد. ينبغي غسل هذه الأدمغة العليلة وتطهيرها من أمثال هذه الخرافات والمخادعات. هذه هي المعركة التي ينبغي خوضها. وهي معركة لا يستطيع الغربيون خوضها. علينا تقع مسؤولية خوضها. إذا كان الدواعش يحصلون على ما يريدون بغسل أدمغة الشباب بالمحاليل السامة، فينبغي إعادة هذا الغسل بالمطهرات الصحيحة. الإيمان الصحيح المدجج بالعقل والعلم.