صحيفة وصف : تشير آخر الإحصاءات إلى أن إجمالي عدد العمالة الوافدة داخل مدينة الرياض يصل إلى حوالي 3,4 مليون نسمة ويشكلون 42% من سكان العاصمة وهذه الأرقام قد تحول الرياض إلى منطقة يزداد أنينها ليل نهار بسبب هذه الأعداد الهائلة التي أصبحت بمثابة الشبح الذي يهدد الهوية الإقتصادية والأمنية والإجتماعية للمنطقة بالإضافة إلى الآثار السلبية والمشاكل المترتبة على هذه العمالة التي تتواجد بجنسيات متعددة وثقافات مختلفة. لكن يرى كثيرون أن خطر تلك العمالة أصبح أقل نسبياً من الماضي القريب نتيجة الخطط والقرارات التي اعتمدت في الآونة الأخيرة وساهمت أيضا في توطين بعض القطاعات الخاصة. وعزا عدد من المختصين أن هذا الكم الهائل يعود لكون مدينة الرياض منطقة جذب بشري كُبرى للعمالة الوافدة لنهضتها العمرانية والإقتصادية وتوفر المشاريع التنموية ،مؤكدين أن سلبيات العمالة الوافدة ومشاكلها داخل مدينة الرياض أو المملكة بشكل عام، معضلة كبيرة تمتد آثارها إلى كافة مقومات الحياة في المجتمع السعودي من جميع النواحي الأمنية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية، معللين بأن هناك عوامل متعددة ساهمت في تفاقم المشكلة وتناميها ومن أبرزها عملية التستر التي يمارسها بعض المواطنين جراء حصولهم على جزء من المال مُقَابِل ترك العمالة تعمل لمصالحها الخاصة . وقال المستشار والمحامي فيصل العنزي: ارتفاع نسبة العمالة الوافدة داخل مدينة الرياض أمر مخيف لا يقبل التردد والتأني ،بل يستوجب الإصلاح الفوري وتكريس الجهود على المستوي الشعبي والرسمي لمكافحة هذه الأعداد الهائلة والتي كانت في الماضي لا تمثل سوى نسبة ضئيلة. وأضاف: الخطوات التي قامت بها وزارة العمل في الفترة الأخيرة في عملية التوطين في قطاع أجهزة الاتصالات تعتبر جيده وعززت من الفرص الوظيفية للشباب وحققت بعض النتائج الإيجابية، مشيراً إلى أن هناك مشاكل لاتزال قائمة ومنها عملية التستر على العمالة من قبل بعض المواطنين في الكثير من الاستثمارات وايضاً تواجد العمالة المجهولة والسائبة التي لاتعمل فعليا عند كفلائهم وتكتظ بها بعض الأسواق في العاصمة ومنها أسواق البطحاء وغيرها . وأكد العنزي بأن الحلول الناجعة هي وضع الإجراءات الصارمة وتطبيقها على المخالفين في نظام الكفيل وعمليات الاستقدام وضبط المتاجرين بها . من جانبه قال الباحث الإجتماعي عبيد البرغش: مما لا يخفى على الجميع أن المشكلة الحقيقة للعمالة الوافدة تكمن في إعتماد الكثير منا على هذه العمالة بشكل كُلي ومكثف ، يزداد يوماً بعد يوم مع الوقت وهذا يؤثر على حياة الناس بسب ما تحملها معها من أخلاق وأفكار ومعتقدات وعادات وتقاليد ولهجات ، فيكون هناك تأثير حسي، أو معنوي ظاهر أو خفي. وأضاف: بعض العمالة الوافدة وخاصةً اللادينية واللامنهجية لها تأثير سلوكياً وإجتماعياً في نشر المسكرات والمخدرات والصور الخليعة في صفوف من يقيمون بينهم وينتج بسبب ذلك الشر والفساد والتحلل الأخلاقي والتفكك، مشيراً إلى أن العمالة الوافدة لها أيضا تأثير من الجانب الاقتصادي ودليل ذلك النزيف الإقتصادي المهول الذي يحدث بالتحويلات المالية للعمالة من داخل المملكة إلى بلدانها هو بمثابة إستقلال للإقتصاد . وأكد البرغش بأن الحل لمواجهة هذه المشكلة يكمن في التحذير منهم وعدم التستر عليهم ونشر الوعي بعدم استقدام العمالة إلا للحاجة القصوى وخاصة الخدم منهم وكذلك زيادة كلفة إستقدامهم برفع رسوم تجديد الأوراق الرسمية الخاصة بالعمالة بصورة متوازنة مع أعدادهم وعمل إحصائيات من قبل أجهزة متخصصة في وزارات العمل لضبط سوق العمل وكشف إحتياجاته من العمالة . وقال المستشار الإقتصادي عبدالعزيز الحسين: موضوع العمالة الوافدة وخاصة السائبة هو عبء أمني وإجتماعي وإقتصادي، فالأجنبي عادة هو شريك في الاقتصاد وذلك بجميع دول العالم ولكن وفق ضوابط وأنظمة تحدد العلاقة ونوعية العمل، أما عدم الإنضباط فهي الإشكالية التي نعاني منها في المملكة وبمدينة الرياض وتحديداً العمالة السائبة التي لا عمل لها وهذا سيكون عبى أمني قبل كل شيء وبعدها النواحي الإجتماعية والاقتصادية . وقال: رغم وجود الضوابط التي عملتها الدولة إلا وللأسف هناك من يتحايل على الأنظمة وخصوصا بعض المتسترين ممن يبيعون التأشيرات ويجلب العمالة ويتركهم يهيمون في الشوارع ،فهذا العامل سيضطر للعمل بأي طريقة حتى يحصل على القيمة التي دفعها بالتأشيرة سواء أعمال نظيفة إن وجدها أو غيرها وهي أساس المشكلة، فالحلول تكمن في التنظيم والانضباط ويجب على المواطن أن يتعاون مع الدولة وانظمتها لتحقيق الهدف الأسمى وهو التكامل في كل شيء من الناحية الاقتصادية والأمنية التي تحمي المجتمع . وعزا الخبير والكاتب الإقتصادي أحمد الشهري زيادة عدد العمالة الوافدة في الرياض، إلى جاذبية العاصمة للعمل والحياة بالإضافة إلى حجم الأعمال الكبير، مشيراً إلى أن الرياض تعتبر المركز الرئيسي لكثير من الشركات وتعزى زيادة عدد الأجانب إلى فرص العمل بشكل نظامي أو غير نظامي. وأردف: الأمر المقلق إقتصاديا أن العدد الكبير من الأجانب يضغط على المخزون من المساكن وبالتالي تزداد معدلات الإيجار وكذلك إستهلالك الكهرباء والصحة وغيرها من الخدمات العامة. وأضاف: فرض الرسوم إذا كان بهدف إقتصادي سيسهم في خروج الأجانب من السوق لإرتفاع تكلفة الحياة أما اذا كان فرض تلك الرسوم لأغراض مالية فمن غير المؤكد أن تؤدي إلى تقلص الأجانب وطلب أجور أعلى، مؤكداً أن التدقيق على المخالفين لأنظمة العمل والإقامة سيؤدي إلى تقلص تلك الأعداد الكبيرة. (0)