يبدأ الرئيس السوداني عمر البشير اليوم، مشاورات مع القوى السياسية التي شاركت في طاولة الحوار الوطني لإشراكها في الحكومة الاتحادية والبرلمان وحكومات الولايات، بينما أثارت تعديلات دستورية صادق عليها البرلمان مبدئياً خلافات بين الحزب الحاكم وقوى حاورته باتت تهدد بالانسحاب من المصالحة ورفض المشاركة في الحكومة. وصادق البرلمان الذي يسيطر عليه حزب المؤتمر الوطني الحاكم على تعديلات دستورية مرتبطة بتنفيذ توصيات الحوار الوطني في مرحلة السمات العامة بغالبية ساحقة، من بينها استحداث منصب رئيس الوزراء وإضافة مقاعد برلمانية تستوعب القوى المشاركة في الحوار. وأحدثت التعديلات الدستورية خلافات داخل القوى المشاركة في الحوار، لا سيما المعارضة التي رأت في الخطوة التفافاً على توصيات الحوار التي تم التوافق عليها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وقالت قوى معارضة إن الحزب الحاكم دفع بتعديلات جزئية للدستور، تتعلق بتأليف حكومة جديدة، وتتجاهل التعديلات المتصلة بالحريات وتحجيم سلطات جهاز الأمن. وينتظر أن يصادق البرلمان اليوم على التعديلات الدستورية في شكلها النهائي، الأمر الذي يجعلها نافذة تمهّد لتأليف حكومة جديدة، وإعلانها بحلول منتصف كانون الثاني (يناير) المقبل. ومنحت التعديلات الجديدة الرئيس عمر البشير سلطات واسعة وكرست له سلطات رئيس الوزراء، الذي أقرت تعيينه بقرار من رئيس البلاد، كما منحته إلى جانب البرلمان حق مساءلته، وهي خطوة لاقت انتقادات لاذعة من قبل أحزاب الحوار. وتجاهلت اللجنة البرلمانية الطارئة المعنية بدراسة التعديلات، المقترحات التي طرحتها مجموعة من أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار، من بينها المؤتمر الشعبي، وحملت تحفظاتها على التعديلات. كما شملت التعديلات منح البشير سلطة تعيين عشرات النواب في البرلمان وممثل رابع لكل ولاية في مجلس الولايات «الغرفة الثانية للبرلمان»، كما تضمنت التعديلات فصل النائب العام عن وزارة العدل لتكون سلطة مستقلة عن وزير العدل. وانتقد حزب المؤتمر الشعبي المعارض، تمرير البرلمان تعديلات دستورية. ووصف المسؤول السياسي للحزب كمال عمر، الخطوة بأنها متعجلة، وتجاهلت قضية الحريات وصلاحيات جهاز الأمن واستقلال المؤسسات العدلية. وذكّر عمر بأن حزبه شارك في الحوار من أجل الحريات. وزاد: «سننتظر لكن لن ننتظر طويلاً»، وكشف عن جهود مبذولة من قبلهم مع البشير وقيادات الحزب الحاكم لمعرفة رأيهم حول ما جرى. وأردف: «مستقبلنا في الحوار قائم على الالتزام بتوصياته، وبخاصة الحريات والحقوق الأساسية». وأكد تمسك «المؤتمر الشعبي» بضرورة تعيين رئيس للوزراء، عبر التوافق السياسي، وألا يُترَك الحق للبشير منفرداً، وأنه «لا بد أن تُشاور أحزاب الحوار في الشخصية التي ستتقلد منصب رئيس الوزراء، لأننا لسنا ديكوراً، وإنما أحزاب صنعت الحوار». إلى ذلك، هاجم تحالف «قوى الإجماع الوطني» المعارض، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، واتهمهما بمحاولة إحياء عملية الحوار وخريطة الطريق الأفريقية، لحل الأزمة السياسية في البلاد عبر تسوية وهبوط ناعم. وجدّد التحالف التأكيد أن إسقاط النظام عبر الوسائل السلمية يمثل برنامجه السياسي الاستراتيجي، الذي يدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية تقوم على التعددية والحرية ودولة القانون المدنية الديموقراطية الحديثة. وأعلن التحالف في بيان أمس، أن التعاطي مع المجتمع الدولي أمر لا بد منه، لكنه اشترط أن يأتي ذلك معبراً عن مصالح الوطن. وأضاف: «المجتمع الدولي الآن يعتقد أنه ليس من مصلحته إسقاط النظام على رغم الادعاءات المستمرة له بتطبيق العقوبات والحظر ومحاصرة النظام».