تمكنت السلطات التونسية من تفكيك «خلية إرهابية» قالت إنها تتواصل مع عناصر مسلحة في المرتفعات الغربية الحدودية مع الجزائر، فيما طالب أحد أحزاب الموالاة بضرورة محاكمة المسلحين التونسيين في الدول التي ارتكبوا فيها أعمالاً إرهابية بدل عودتهم إلى تونس. وأعلنت وزارة الداخلية التونسية في بيان مساء أول من أمس، أن «فرقة الأبحاث والتفتيش التابعة لوحدات الحرس الوطني (الدرك) تمكنت من اعتقال خلية إرهابية في مدينة جندوبة الشمالية (شمال غرب) مكونة من 3 عناصر بينهم فتاة تتراوح أعمارهم بين 25 و28 سنة». وأوضحت الوزارة أن الموقوفين اعترفوا بأنهم مرتبطون من خلال شبكة التواصل الاجتماعي بـ «عناصر إرهابية خطيرة» متحصنة في جبال محافظتي جندوبة والكاف المحاذية للحدود الجزائرية، غربي البلاد، وكذلك بعناصر أخرى تقاتل في صفوف تنظيم «داعش» في سورية وليبيا. ولفتت وزارة الداخلية إلى أن الفتاة «اعترفت بأنها تستقطب الفتيات لتبني الفكر التكفيري والالتحاق بالعناصر الإرهابية المتحصنة في الجبال»، مضيفة أنه «عُثر على صور تشير إلى تنفيذ عمليات تستهدف القوات الأمنية والعسكرية التونسية. وجاءت هذه المعطيات في ظل اهتمام الرأي العام بقضية المتشددين العائدين من بؤر التوتر في سورية والعراق وليبيا، حيث عبّرت أطراف عدة عن رفضها القاطع لعودة هؤلاء، بينما دعا آخرون إلى سحب الجنسية منهم. وأعلنت كتلة حزب «نداء تونس» العلماني (حزب الرئيس الباجي قائد السبسي) النيابية رفضها «عودة الإرهابيين إلى تونس»، ورفعت لافتات ترفض عودتهم خلال جلسة عامة في المجلس. وعبّر حزب «آفاق تونس» الليبرالي عن رفضه القاطع لما اعتبرها «اتفاقات معلنة كانت أو سرية، خارجية أو داخلية، لتنظيم عودة الإرهابيين»، مشيراً إلى أن هذا «ملف أمن قومي بالغ الخطورة لا مجال فيه للتفاوض أو المقايضة تحت أي ضغط أو غطاء دوليين». وطالب الحزب، وهو أحد أعمدة التحالف الحكومي، الديبلوماسية التونسية بالتحرك الفاعل في اتجاه «محاكمة هؤلاء الإرهابيين في البلدان التي ارتكبوا فيها جرائمهم رداً للاعتبار للشعوب والعائلات المتضررة من هذه الجرائم الفظيعة المقترفة في مختلف بؤر التوتر أو أمام القضاء الدولي». وكان وزير الداخلية أكد أمام البرلمان عودة 800 تونسي من بؤر التوتر في ليبيا وسورية والعراق، مضيفاً: «عندنا معطيات كافية عن كل الموجودين خارج تونس في بؤر التوتر، وعندنا استعداداتنا في هذا الموضوع». ويواجه زعيم حركة «النهضة» الإسلامية راشد الغنوشي انتقادات واسعة على خلفية تصريحات قال فيها إنه «لا يمكننا أن نفرض على الدول الأخرى المواطنين التونسيين، فالعالم مقسم إلى جنسيات وهؤلاء ينتمون إلى بلدنا». ويظهر من خلال مواقف الأحزاب خصوصاً الأحزاب الحاكمة أن هذه القضية ستحدث انقساماً بين أعضاء التحالف الحكومي نظراً إلى الخلافات العميقة في شأن عودة المسلحين، وسط تحذيرات من أن تؤثر هذه القضية في تماسك الائتلاف الحاكم. وانقسم الرأي العام التونسي بين مَن يعتبر أن عودة التونسيين إلى بلادهم حق يكفله الدستور مع ضرورة تقديمهم إلى العدالة، وبين مَن يحذر من خطورة عودة المتشددين إلى تونس على اعتبار أن ذلك يشكل خطراً على الأمن القومي.