هل تذكرون ذلك المساء (الضبابي) الذي شهد توقيع الهولندي فرانك ريكارد عقد رسمي لتدريب المنتخب السعودي الأول لثلاث سنوات في العاصمة البريطانية لندن، بحضور (فخيم) تقدمه السفير الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز، وبالطبع الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس اتحاد القدم آنذاك الأمير نواف بن فيصل بن فهد، وسط تغطية إعلامية عالمية للخبر. حدث ذلك منتصف عام 2011 ، وتسلم أحد أشهر نجوم العالم في منطقة المحور قبل أن يرتدي قبعة التدريب، مبلغاً خرافياً يمثل ثاني أعلى راتب لمدرب على مستوى العالم. دعونا نعود للوراء قليلاً لتقريب الفكرة، تسلم ريكارد راتباً شهرياً يقدر بـ 8 ملايين ريال، أي حوالي 96 مليون ريال سنوياً، بجانب تجهيز 3 فلل (فاخرة جداً) في 3 مدن سعودية، يخلد فيها للراحة بعد عناء ساعة تدريب يومياً ( تصوروا ساعة عمل فقط)، ومع ذلك فقد كان يفضل أن يسكن في الجارة البحرين ويترك تلك الفلل للخدم والحشم. نهاية القصة (الحزينة) كانت بالطلاق بين اتحاد القدم، والجهبذ ريكارد، لفشله في تقديم الأداء والنتيجة التي كان يطمح لها الجمهور الرياضي السعودي وكذلك من تعاقد معه، لكن ذلك الطلاق البين نتج عنه مأساة أخرى تضاف للرواتب المهولة، وهي شرط جزائي (كان على البال والخاطر) على اعتبار أن كل شيء واضح في بلد القانون لحظة إمضاء العقد. تذكرون كم كان الشرط الجزائي، كان مع الأسف وبحسب صحيفة ديجي سبورت الرومانية 18 مليون يورو ما يعادل 90 مليون ريال سعودي حينها (أو قد تزيد). حدث هذا وفق قرار عده النقاد والرياضيون وحتى من لا يرتبط بعلاقة مباشرة بالرياضة قراراً متسرعاً لم يكن مبني على فكر وبعد نظر، كلف اتحاد القدم الكثير، فيما تحملت وزارة المالية مبلغ الشرط الجزائي، حفاظاً على سمعة الوطن، عندما تنصل اتحاد القدم من التسديد. ما ذكرناه سابقاً يختص بحقبة مضت، غير أن الجديد هو اعتزال ريكارد التدريب رسمياً أمس، بعد أن (شبع) من الأموال السعودية والتي من الممكن أن تؤمن له مستقبله ومستقبل أبنائه وأحفاده ومن (يعز عليه)، فلوس (متلتلة) نجح الهولندي الأسمر في أن يحصل عليها بذكاء ودهاء، يقابلها سوء تصرف وسوء تقدير ان صح التعبير من الطرف السعودي الذي لم يحسبها صح، بقي مبلغ الـ 90 مليون دين على اتحاد القدم تتوارثه الأجيال، وتمتع ريكارد بالعوائد الضخمة التي كسبها بشطارة خارج الملعب. ريكارد ذكر في تصريح الوداع لصحيفة (ايندهوفن داجبلاد)،: قررت اعتزال عالم التدريب ولن أعود إلى الملاعب الكروية نهائياً خلال الفترة المقبلة. وأضاف: إذا قررت العودة في يوم من الأيام إلى كرة القدم من جديد فإن هذا سيكون في وضع آخر غير منصب التدريب. ولم يكشف ريكارد عن الأسباب التي دفعته لاتخاذ قرار الاعتزال التدريبي. يُذكر أنه سبق لريكارد أن تولى تدريب فرق برشلونة الإسباني، وسبارتا روتردام الهولندي، وغلاطة سراي التركي، بالإضافة إلى منتخبي هولندا والسعودية، وتكللت فتراته التدريبية المختلفة بالفشل عدا تجربة الربشا الفريق الجاهز جداً، حيث أحرز معه لقب الدوري مرتين وكذلك دوري ابطال أوروبا. يشار إلى أن ريكارد الذي غادر السعودية مطلع 2013 لم يدرب ولم ينل أي عقد لمزاولة المهنة التي انتدبها له اتحادنا العزيز، ليصبح المليونير العاطل نقطة سوداء في تاريخ التعاقدات مع المدربين السعوديين.