تواجه الصناعة النفطية العراقية مجموعة من التحديات عام 2017، تشمل تنفيذ اتفاق «أوبك» لخفض الإنتاج، إذ ينتج العراق 4.351 مليون برميل يومياً، أو خفضاً بنحو 200 ألف برميل يومياً من مستوى إنتاج تشرين الأول (أكتوبر)، علماً أن معدلات الاستثمار لتطوير الحقول النفطية انخفضت بسبب الحروب والمقاطعة الدولية منذ أوائل ثمانينات القرن الماضي. لذا لم تقرر المنظمة حصة (كوتا) لإنتاج النفط العراقي طوال هذه السنوات. يطرح خفض الإنتاج العراقي أسئلة عدة، أهمها: ما الحقول التي سيتم الخفض منها، وكيفية وضع موازنة الدولة في ضوء الخفض، والتعامل مع الإنتاج من إقليم كردستان العراق. وأفاد وزير النفط عبدالجبار اللعيبي، نشرة «العراق أويل ريبورت» بالآتي: إن العراق «سيخفض وفقاً لخطة أوبك»، من دون إعطاء تفاصيل واضحة حول الحقول التي سيتم تقليص إنتاجها. لكن، من المتوقع ألا تخفّض الوزارة الإنتاج من الحقول العملاقة التي تديرها شركات النفط العالمية وفقاً لاتفاقات الخدمة الفنية. من ثم، يتوقع أن يتم خفض الإنتاج من الحقول التي تديرها الشركات المتفرعة عن شركة النفط الوطنية. وتشير معلومات الوزارة الى أن معدل إنتاج هذه الحقول خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، قُدّر بنحو 447 ألف برميل يومياً. أما في ما يتعلق بالتنسيق لخفض الإنتاج مع وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان العراق، فالأمر لا يزال غامضاً، إذ لم يُعلن حتى الآن عن أي مشاورات حوله بين الطرفين. ومعروف أن سلطات الإقليم لا تبلّغ بغداد بمعدل إنتاجها في شكل دوري وفي الوقت المناسب. وكما هو معروف أيضاً، يعاني الإقليم أزمة مالية حادة، لذا سيكون من الصعب الاتفاق بينه وبين بغداد لتقليص إنتاجه. لكن ما تستطيع أن تقوم به بغداد هو إعلام شركة نفط الشمال (الحكومية) بخفض إنتاجها من نفط كركوك، ما سيؤدي الى خفض مجمل إنتاج الإقليم. ومن بين التساؤلات الأخرى، واحد عن حجم خفض الصادرات التي بلغت 3.3 مليون برميل يومياً في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهو رقم قياسي للصادرات العراقية، في حين تم تكرير 459 ألف برميل يومياً للاستهلاك الداخلي، و149 ألفاً يومياً لتغذية محطات الكهرباء، وفقاً لنشرة «العراق أويل ريبورت». وفي ما يتعلق بموازنة عام 2017 وخفض الصادرات، فقد اعتمد العراق سعر 42 دولاراً للبرميل لتغطية نفقات الموازنة العامة. لكن هناك مشاكل عدة ستواجه الحكومة كي تستطيع تلافي عجز في الموازنة. فهل من الممكن تحقيق هذا المعدل السعري لعام 2017، وهل سيتم حل الخلافات النفطية مع حكومة إقليم كردستان، وهل ستنال المحافظات والأقاليم المنتجة مطلبها بالحصول على «دفعات البترودولار» التي تقدرها المحافظات بخمسة دولارات للبرميل؟ ويلاحظ أنها أعلى كثيراً من الخمسة في المئة من قيمة النفط والغاز المنتج في كل محافظة وفقاً لتقدير الحكومة الفيديرالية (يذكر أن محافظة البصرة، أكبر منتج للنفط في البلد، تضغط باستمرار لاستلام 5 دولارات للبرميل). وماذا عن الالتزامات المالية لشركات النفط المقدرة ببلايين الدولارات. وما مدى الالتزام بخفض الإنتاج ومن ثم الصادرات وفقاً لاتفاق «أوبك؟ من الصعب تصوّر إيجاد حلول لجميع هذه المشاكل. وبالتالي، سيحتاج العراق سعراً أعلى مما هو مقدر له في موازنة 2017. وهنا، تتضارب الآراء حول السعر المنشود لضبط الموازنة. من جهة أخرى، تدرس شركة «شل» إمكان انسحابها من تطوير الحقول النفطية في جنوب البلاد، بخاصة من حقل «مجنون» العملاق الذي ينتج نحو 220 ألف برميل يومياً، ومن حقل «غرب القرنة». وتعمل «شل» بالشراكة في هذين الحقلين مع شركات دولية نفطية أخرى، مثل «إكسون موبيل» و«بتروناس» الماليزية. وقد رفضت «شل» تأكيد الأخبار الصحافية أو نفيها عن احتمال انسحابها من العراق. وشكّل إنتاج «شل» في العراق نحو 4.4 في المئة من مجمل إنتاج الشركة العالمي من النفط والغاز عام 2015. هناك سببان وراء احتمال انسحاب «شل» من العمليات النفطية في العراق. الأول هو الثمن الباهظ الذي التزمت به لشراء شركة «بريتش غاز» (بي جي)، وبالتالي فالشركة في حاجة الى سيولة مالية كافية لدفع ثمن شرائها «بي جي». وكما هو معروف، أدى شراء «بي جي» الى أن تصبح «شل» أكبر شركة عالمية في مجال الغاز المسال. ثانياً، تحاول «شل» تعزيز أرباحها، وتردد بعض الصحف النفطية أنها لا تربح كفاية من أعمالها في العراق. عانت الصناعة النفطية العراقية فساداً، حالها حال بقية المؤسسات في البلد منذ النظام الجديد. بل يمكن القول أن قطاع النفط تأثر أكثر من غيره بهذه المشكلة التي نخرت الاقتصاد العراقي. ويذكر أن هيئة النزاهة البرلمانية أصدرت في آذار (مارس) الماضي، مذكرات اعتقال بحق 18 وزيراً، وأكثر من 2700 مسؤول حكومي بتهم تتعلّق بالفساد خلال عام 2015.