×
محافظة جازان

وكيل محافظة الطوال يكرم جابر عواف لحصوله على جائزة التميز

صورة الخبر

علي قباجه من يصنف الإرهاب؟ ومن يضع محدداته؟ العالم العربي اليوم أشبه بمرجل يغلي، مملوء بالاحتقان، ومتخم بالتوترات، والقتل فيه من كل حدب وصوب، وهناك عشرات الأطراف المتقاتلة، سواء على أساس عرقي أو طائفي أو جهوي، وتكرست الضغائن بين إخوة الدين والعقيدة والتاريخ والقومية، وأضحت كل جهة تنعت الأخرى بالإرهاب، وتستبيح دمها تحت هذا المسمى. في سوريا الدماء وصلت إلى الركب، والقتلى بالآلاف، وكل طرف يرفع لواء الحق والمظلومية، ويُشطن الآخر، بتهمة قالبها جاهز وهي الوصم بالإرهاب! لا شك أن الإرهاب موجود، وما داعش المجرمة وأخواتها عنا ببعيد، لكن الحرب الآن ليست بين إرهاب وشرعية فقط، فقد تداخلت الأحداث وتشعبت، ودخلت الأيادي الخارجية العابثة في هذا البلد، وفي العراق أيضاً، وأضحى كل طرف يطمح لمصالحه، ومن يقف في طريقه يصفه بالإرهاب، ومن ثم يحشد لحربه. داعش اليوم أضحى رمزاً للعنف، لكن يتستر خلفه الكثير من القتلة، فلا بد من التوصل لفهم مفاده أن القتل واستباحة الدم لأجل سلطة أو جاه أو سلطان أو لفرض دين وطائفة هو عين التطرف، وهذا ليس مقتصراً على التنظيم وحده. مفهوم الإرهاب أصبح فضفاضاً، ويخضع لمرجعيات كل طرف، وهذا من شأنه أن يمهد لانفجار أكبر من الممكن أن يحرق المنطقة بأكملها. هذه القضية الخطرة تتطلب من صنّاع القرار العربي، وتحديداً الجامعة العربية، أن تضع مفهوماً واضحاً ومفصلاً للإرهاب تشمل به كل من ينتهك الحقوق الأساسية للمواطنين سواء كانوا كيانات أو منظمات أو أفراد، دون أن يخضع لأي شكل من أشكال المجاملات أو الاعتبارات سياسية. الحالة الآن تتطلب ضبطاً، فمن يقتل للحفاظ على السلطة، ويهجر ويبيد، ويمارس أبشع الانتهاكات، لا يختلف عن من يقاتل باسم الدين ويطوعه لتنفيذ أجنداته السوداء. العرب بحاجة إلى حشد كل منظماتهم السلطوية والدينية، لصياغة قانون جمعي خاص بالتطرف، وألا يتركوا الأمور لأصحاب الأهواء، ليستبيحوا الدماء، تنفيذاً لغايات مقيتة. خرجت بعض الدعوات مؤخراً لمحاربة الأفكار الدخيلة عن طريق نشر الوعي، وتوضيح المفاهيم لعامة الناس، وقطع الطريق على دعاة الفتن، وتصحيح ما شوهته الأيادي العابثة بما يتوافق مع المبادئ السماوية والأخلاق الإنسانية، لكن هذه الدعوات غير كافية إذا لم يتم تبنيها بشكل فاعل وقوي من قبل كل الحكومات دون استثناء. الأمر يتطلب الآن وضع مبادئ تتفق عليها الأقطار، ومن ينتهكها لا بد من ردعه ومحاربته، فهذا قد يكون حلاً ناجعاً يضع حداً أمام حالات الإسفاف والتساهل بإزهاق الأرواح والدماء الجارية في الوطن العربي. Aliqabajah@gmail.com