×
محافظة الرياض

هيئة التخصصات الصحية تسجل 145 ألف وتوقف 88 ممارساً صحياً

صورة الخبر

إدواردو غليانو (ترجمة: صالح علماني) كوارث طبيعية صحراء خاوية من الخطوات ومن الأصوات، لا شيء سوى غبار تذروه الرياح. صينيون كثيرون كانوا يشنقون أنفسهم كيلا يقتلوا أنفسهم جوعا أو يقتلهم الجوع. التجار البريطانيون المنتصرون في حرب الأفيون أسسوا في لندن صندوق الإغاثة من الجوع في الصين. هذه المؤسسة الخيرية كانت تعد بتنصير تلك البلاد الوثنية عن طريق الجهاز الهضمي. في العام 1879، بعد ثلاثة شتاءات دون مطر، نقص الصينيون خمسة عشر مليونا. كوارث طبيعية أخرى في العام 1879، بعد ثلاثة شتاءات دون مطر، نقص الهنود تسعة ملايين. الطبيعة هي المذنبة: ــ إنها كوارث طبيعية ــ يقول العارفون. غير أنه في الهند، في تلك السنوات المريعة، كانت السوق أشد قسوة من الجفاف. من أجل قانون السوق يضيق على الحرية. وحرية التجارة التي تجبر على البيع، تمنع من الأكل. الهند هي مزرعة استعمارية، وليست مؤسسة خيرية. السوق يأمر. ويده غير المرئية حكيمة، تحل وتربط، ويجب ألا يتدخل أحد لتصويبها. الحكومة البريطانية تقتصر على مساعدة بعض المحتضرين على الموت في معسكرات عمل مسماة معسكرات إغاثة، وتطالب بالضرائب التي لا يمكن للفلاحين دفعها. الفلاحون يفقدون أراضيهم التي تباع مقابل لا شيء. ومقابل لا شيء تباع الأيدي التي تعمل فيها، بينما الشح يوصل إلى السحاب أسعار الحبوب التي يحتكرها التجار. المصدرون يبيعون أكثر من أي وقت آخر. جبال من الحنطة والرز تفرغ في ميناءي لندن وليفربول. والهند، المستعمرة الجائعة، لا تأكل ولكنها تقدم الطعام.. البريطانيون يأكلون جوع الهنود. تسعَّر جيدا في السوق هذه البضاعة المسماة جوعا، والتي توسع فرص الاستثمار، وتقلص تكاليف الإنتاج وترفع أسعار المنتجات. أمجاد طبيعية كانت الملكة فيكتوريا أشد المتحمسين تقديرا، والقارئة الوحيدة، لأشعار اللورد ليتون، نائبها في الهند. ومدفوعا بالامتنان الأدبي أو الحماسة الوطنية، أقام نائب الملكة الشاعر مأدبة هائلة على شرفها. فعندما أعلنت فيكتوريا إمبراطورة، استقبل ليتون في قصره في دلهي سبعين ألف مدعو، ولمدة سبعة أيام وسبع ليالٍ. وحسب إطراء جريدة «التايمز»، كانت تلك أغلى وأضخم مأدبة في التاريخ العالمي كله. في أوج الجفاف، بينما الشمس تشوي الحقول والليل يجمدها، قرأ نائب الملكة في المأدبة الرسالة المشجعة المرسلة من الإمبراطورة فيكتوريا التي تتنبأ لرعاياها الهنود بالسعادة، والازدهار والرفاهية. الصحفي الإنكليزي وليم ديبي، وكان هناك، قدر أن نحو مئة ألف هندي قد ماتوا من الجوع خلال سبعة أيام وسبع ليالٍ. طوابق عليا وطوابق سفلى في طقوس بطيئة ومعقدة، وخطابات متبادلة، وتبادل للشعارات والهدايا، كان الأمراء الهنود يتحولون إلى سادة إنكليز ويقسمون قسم الولاء للملكة فيكتوريا. أمراء تابعون. وكانت مقايضة الهدايا، على حد قول سفيرٍ لصاحبة الجلالة، مبادلة قبعات بضرائب. الأمراء العديدون يقيمون في القمة. والسلطة الاستعمارية تعيد، في نسخة متقنة، إنتاج هرم نظام السلالات. لم تكن الإمبراطورية بحاجة لأن تفرق كي تسود. فالحدود الاجتماعية والعرقية والثقافية جاءت هدية من التاريخ ومكرسة بالوراثة. منذ العام 1872 كانت الإحصائيات البريطانية تصنف سكان الهند وفق طوائفهم. ولم يقتصر النظام الأجنبي على ترسيخ شرعية هذا التقليد الوطني، وإنما استخدمه كذلك لتنظيم مجتمع أشد طبقية وأشد صرامة. وما كان بإمكان أي شرطي أن يتخيل شيئا أفضل من ذلك من أجل مراقبة مهمة ومصير كل شخص. الإمبريالية قننت هذه التراتبية والعبودية، ومنعت أيا كان من التحرك من مكانته. أيد خشنة الأمراء، في خدمة التاج البريطاني، يعيشون في ضيق بسبب شح النمور في الغابات وأزمة الغيرة التي تجتاح الحريم. في ذروة القرن العشرين، يحاولون التسلية كيفما يستطيعون: مهراجا بهاراتبور اشترى كل سيارات الرولز رايز المتوفرة في لندن وخصصها لجمع القمامة في ممتلكاته. ومهراجا جونغاده كان يملك كلابا كثيرة، لكل كلب منها غرفة خاصة وهاتف وخادم. ومهراجا ألوار أحرق ميدان سباق الخيل عندما خسر حصانه بوني سباقا. ومهراجا كابورثالا شيد نسخة مماثلة تماما لقصر فرساي. ومهراجا ميسور شيد نسخة مماثلة تماما لقصر ويندسور. ومهراجا غواليور اشترى قطارا مصغرا من الذهب والفضة ليجوب صالة طعام القصر حاملا الملح والبهارات لمدعويه. ومدافع مهراجا بارودا كانت من الذهب الخالص. ومهراجا حيدرآباد كان يستخدم ثقالة أوراق هي عبارة عن ماسة زنة مئة وأربعة وثمانين قيراطا.