×
محافظة المنطقة الشرقية

مظاهرات تضامن مع حلب في عدد من المدن الأوروبية

صورة الخبر

السياسة والحرب حينما تكونان غاشمتين، فهما مثل القرنين لرأس الشيطان. الأول منهما يكون على طاولة المفاوضات لكسب مزيد من الوقت. وأما القرن الثاني فهو يقصف كل شيء بلا رحمة ليحرز تقدما على الأرض من أجل أن يتفاوض كأنه عتل جبار عنيد. عندما تجتمع الدول الكبرى على طاولة المفاوضات وتخرج بتصريحات أنهم لم يصلوا بعد إلى اتفاق «كما جرت العادة»!! فهل المقصود الاستمرار في الإبادة والقتل؟!. أين هي سياسة الإنسانية التي يمضغونها بألسنتهم؟ وهي في الواقع محض هراء. بل لست أدرى كيف يكون لديهم مصداقية حين يتكلمون ويتشدقون عن الحريات والإنسانية والحفاظ على البيئة والطبيعة، ويضعون قوانين صارمة وعقوبات للحفاظ على أنواع من الحيوانات التي يتوقع لها الانقراض، في حين يغضون الطرف جهارا عن الحقوق والحماية للنفوس البشرية العربية المسلمة والتي تفنى وتباد ليلا ونهارا في حلب وسوريا وباقي بقاع الأراضي العربية والإسلامية!. لماذا لا نعتبر أن الإنسان العربي والمسلم يعد من كائنات البيئة الحية التي يحق لها العيش بسلام؟! أو نعتبره من الآثار التاريخية القديمة التي يهتم ويحافظ عليها!!. منذ سنوات والحرب في سوريا «وقبلها في فلسطين التي لم ننسها» على طاول المفاوضات وستظل حتى يُخفّض عدد البشر ويهجر الآخر، وتركع الإرادة والمقاومة!. في هذه الحرب الغاشمة الظالمة لا يوجد شيء اسمه إنسان أو رحمة أو رأفة، بل كل شيء قابل للقصف المدارس، المساجد، المستشفيات، الأطفال، النساء، والعجائز فكلهم أهداف حربية مهمة واستراتيجية! إنه يا سادة منطق القوة والعجرفة والعنجهية والظلم «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ»، وعلى الضعيف أن يستنكر ويشجب بل حتى هذه الجمل تعتبر مستنكرة هذه الأيام. إن علينا استبدالها بكلمة «القلق الدائم» التي تطنطن بها تكرارا ومرارا هيئة الأمم المتحدة!! ومن ناحية أخرى فإن عدد العرب والمسلمين ما يقارب 1.6 مليار يعني 23% من سكان الأرض، فهل نحن نعيش الزمن الذي أخبر عنه الرسول عليه الصلاة والسلام؟! حيث قال: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: أو من قلة نحن يومئذ، قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم». التاريخ لن يرحم أحدا، فكل من خذل أو سكت سيكون من المشاركين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. والأهم أن الله سوف يحاسبنا جميعا على تقصيرنا تجاههم، بل قد يأتي يوم نقول فيه: «أكلت يوم أكل الثور الأبيض»! كنت أعتقد أن ما كنا نسمعه في التاريخ من نكسات ونكبات وخذلان مبالغات في النقل! ولكن ما نراه اليوم هو حقيقة، بل هو أفظع لأن آلة الحرب اليوم صارت أقوى وأعنف وأشنع وأوسع!! كنت أعتقد أن الشاعر أبو البقاء الرندي يبالغ حين رثى سقوط مدينة سورية حيث قال: وماشيا مرحا يلهيه موطنه// أبعد حمص تغر المرء أوطان. تلك المصيبة أنست ما تقدمها// وما لها مع طول الدهر نسيان!! كل ذلك كنت أظنه مجرد أبيات شعر نثرها للتاريخ ليتحدث عنها، ولكن التاريخ فعلا يعيد نفسه، وصدق الشاعر أيضا حين وصف واقعا مريرا هو للأسف يتكرر حيث قال: وللحوادث سلوان يسهلها// وما لما حل بالإسلام سلوان!! هناك سؤال يتبادر إلى ذهني ماذا لو كان هذا القصف الوحشي الهمجي على حلب وباقي مدن سوريا قد حدث في بلد غير عربي إسلامي! هل كان العالم سيفاوض ويحاور لعدة سنوات؟!. وللتوضيح فإن الحرب العالمية الأولى والثانية امتدت كل منها لأربع سنوات، واعتبرت مدة حرب طويلة جدا، وحاول الكل إنهاءها بسرعة حتى لا تطول أكثر لأنها ببساطة حدثت في قلب أوروبا المتحضر!! وأما السؤال الآخر البديهي والمنطقي فهو لماذا هذه الجزء من العالم بالذات ملتهب دائما بالصراعات منذ سنوات وعقود كأنه على بركان هائج لا يكاد يخرج من حرب حتى يدخل في أخرى؟! ومع ذلك كله لا بد للفجر أن ينبلج، وللحق أن ينتصر، وللظلم أن يندحر. صحيح أن حلب لا ناصر لهم من البشر، لكن الناصر الحق هو الله، وكفى بالله وليا ونصيرا، ونقول لهم: «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ». م. الهندسة الميكانيكية