لم تكد الاحتجاجات على «مجزرة الرواتب» تهدأ قليلاً حتى دخل قطاع غزة في نفق الظلام مجدداً، بعد توقف محطة توليد الطاقة الكهربائية الوحيدة عن العمل صباح أمس بسبب نفاد وقود الديزل اللازم لتشغيلها وإصرار حكومة رام الله على فرض الضرائب على الوقود. تأتي هذه التطورات في وقت أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن عميدة الأسيرات لينا الجربوني أمس، فيما يستعد قطاع كبير من الحركة الأسيرة لبدء معركة الأمعاء الخاوية المفتوحة، أو ما أطلق عليه معركة «الحرية والكرامة»، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المتآكلة في السجون الإسرائيلية (راجع ص4). ومع توقف محطة الطاقة عن العمل في قطاع غزة، بدأت شركة توزيع الكهرباء اعتباراً من أمس بالعمل وفق جدول ست ساعات وصل يومياً، قد تنخفض إلى أربع في حال تعطل أي من خطوط الإمدادات الإسرائيلية أو المصرية. وجاء أخطر تحذير من وزارة الصحة التي تديرها «حماس» في القطاع، والتي لفتت إلى تداعيات الأزمة على خدماتها الصحية الحيوية. وحذر الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة خلال مؤتمر صحافي من «قرب نفاد ما تبقى من كميات الوقود داخل المولدات الكهربائية في كل المرافق الصحية، والتي قد لا تتجاوز ثلاثة أيام فقط، ما يضع المرضى أمام كارثة حقيقية». ودخلت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» على خط الأزمة، داعية حكومة رام الله وسلطة الطاقة في غزة إلى احترام بنود مبادرة القوى لحل أزمة الكهرباء. وتتزامن هذه الأزمة مع إضراب مفتوح عن الطعام تنوي الحركة الأسيرة أن تخوضه، احتجاجاً على ممارسات الاحتلال وانتهاكاته ضدهم. ومن المقرر أن يبدأ 1500 أسير من الفصائل كافة الإضراب صباح اليوم تزامناً مع «يوم الأسير الفلسطيني» وتحت قيادة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الأسير مروان البرغوثي. وكخطوة استباقية للإضراب، بثت القناة الإسرائيلية الثانية أن وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان قرر تجميع الأسرى المضربين في سجن النقب، وإقامة مستشفى ميداني أمام السجن، ونقلت عنه أن الوزارة «لن تخضع لأي مطلب يأتي في إطار الإضراب عن الطعام». وعشية إضراب الأسرى، أطلقت سلطات الاحتلال عميدة الأسيرات لينا الجربوني، وصاحبة أطول محكومية قضتها أسيرة في شكل متواصل في تاريخ السجون الإسرائيلية. واستُقبلت الجربوني أمس في بلدتها عرابة البطوف في فلسطين الـ48 بحفاوة وسعادة، وإن لم تتمكن من التعرف إلى بيتها أو قريبات لها أو صديقاتها، فهي قضت في السجن محكوميتها البالغة 15 عاماً بتهمة مشاركتها في خلية تابعة لحركة «الجهاد الإسلامي» نفذت عمليات عسكرية داخل فلسطين التاريخية. ولم تنس الجربوني رفاقها الأسرى في السجون، فدعت في تصريح لموقع «عرب 48» لـ «الوقوف إلى جانب قضيتهم»، مشيرة إلى أنهم «يطالبون بإنهاء الانقسام، وإعادة الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني، ومطلبهم الأساس الحرية». في هذه الأثناء، وفي فعالية للقوة الوطنية والإسلامية لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، أكد القيادي في «حماس» حماد الرقب، أن ما في يدي الحركة من أوراق سيجعل الاحتلال يستجيب لمطالبها في أي صفقة تبادل أسرى مقبلة، مضيفاً أن «حماس» تسخّر كل طاقتها وإمكاناتها للإفراج عن الأسرى.