×
محافظة الرياض

دورة تدريبية للطلاب والطالبات تسبق انطلاق برنامج التاجر الصغير

صورة الخبر

باريس: ميشال أبو نجم بينما تدخل الأزمة السورية غدا عامها الرابع، أخذت الدول الغربية والكثير من العواصم العربية والإقليمية تنظر بكثير من القلق إلى «الطبخة» الرئاسية التي يحضر لها مجلس الشعب السوري عبر العمل على قانون للانتخابات الرئاسية يعبد الطريق لولاية ثالثة من سبع سنين للرئيس بشار الأسد. وينبع القلق من مصدرين أساسيين: الأول أن الدول والعواصم المعنية ترى في إجراءات التحضير لإعادة انتخاب الأسد تمديدا للأزمة وتكريسا لفشل الجهود الدبلوماسية والسياسية التي بذلت حتى الآن من خلال الدورتين العقيمتين لـ«جنيف2». والثاني يبين أن النظام السوري قد دفن نهائيا الجهود الدبلوماسية وأنه يعتبر اليوم وضعه الميداني جيدا إلى درجة تمكنه من التذرع بـ«ديمقراطية» الانتخابات وبالتالي التأكيد على حصوله على شرعية جديدة نابعة من صناديق الاقتراع. وترى هذه المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن تنظيم عملية انتخابية غدا في ظل النظام الحالي وإشراف الأجهزة الأمنية المهيمنة ووفق القانون الذي يعمل عليه مجلس الشعب السوري «يعني بكل تأكيد فوز الأسد» لأن العملية السياسية في أساسها «مزيفة وموجهة للوصول إلى نتيجة كهذه». وتتساءل هذه المصادر: «هل من عاقل يمكن أن يتصور الأسد مجددا على رأس الدولة السورية وبعد سقوط 140 ألف قتيل وحصول دمار هائل في طول البلاد وعرضها؟». وأمس، قرعت باريس ناقوس الخطر، ودعت خارجيتها «النظام السوري وكل من له قدرة التأثير عليه (في إشارة واضحة إلى روسيا) لتوفير ظروف لاستئناف سريع وصادق للمفاوضات» في جنيف. وبحسب باريس فإن «جنيف2» التي قامت على المبادئ المنصوص عليها في خارطة الطريق التي صدرت عن مؤتمر «جنيف1» في شهر يونيو (حزيران) من عام 2012، «تستوجب تخلي السلطات في دمشق عن تنظيم أية انتخابات رئاسية خارج الإطار الذي نص عليه بيان (جنيف1)». والمعروف أن البيان المذكور يدعو إلى إنشاء سلطة انتقالية تعود إليها كل الصلاحيات التنفيذية بما فيها تلك العائدة لرئاسة الجمهورية. والحال أن فشل جولتي المفاوضات التي انطلقت في 22 يناير (كانون الثاني) في جنيف يعود تحديدا لرفض الوفد الحكومي مناقشة تشكيل السلطة الانتقالية وإصراره على مناقشة بند الإرهاب والانتهاء منه قبل أي بحث في موضوع السلطة الانتقالية، بيد أن الدعوة الفرنسية للقوى «المؤثرة» على النظام لا يبدو أنها ستجد أذنا صاغية. وبحسب المصادر الأوروبية، فإن المواقف التي عبر عنها الجانب الروسي الذي يوفر المظلة الدولية للنظام السوري لم تتزحزح بعد، إذ ما زالت موسكو تعتبر أن الحل يكمن في ترك السوريين يقررون من غير تدخلات خارجية وعبر العملية الانتخابية. ومن جانب آخر، تربط هذه المصادر بين الأزمتين الأوكرانية والسورية وترى أن عودة أجواء «الحرب الباردة» بين الغرب وروسيا «لا يخدم حاجة الأسرة الدولية لتعاون موسكو في الأزمة السورية». أما في ما يخص إيران فلم يظهر حتى الآن أن التقدم الذي أحرزته مجموعة 5+1 مع طهران بشأن الملف النووي قد انعكس «ليونة» في مواقف طهران مما هو دائر في سوريا. يبقى أن هناك عاملين مترابطين ميدانيا يعملان لصالح النظام: الأول هو التحولات الميدانية المتواصلة، حيث تستمر قوات النظام في استعادة المواقع الخارجة عن سيطرتها بالتدريج، خصوصا في وسط سوريا وفي ضواحي العاصمة دمشق. أما الثاني فيتمثل في اتساع الهوة بين مكونات المعارضة المسلحة «المعتدلة» التي يعول عليها أصدقاؤها غربا وشرقا لإعادة نوع من التوازن العسكري على الجبهات. فضلا عن ذلك، تستعر العلاقة بين الائتلاف الوطني المعارض والحكومة السورية ممثلة بوزير الدفاع من جهة، وبين رئيس الأركان والمجلس العسكري من جهة أخرى، ناهيك بالحرب المتواصلة بين «داعش» والأطراف الأخرى في المعارضة. إزاء هذا الواقع وإزاء التهميش الذي عرفته الأزمة السورية بسبب طغيان التطورات الأوكرانية على المسرح الدولي والتوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة الأميركية والحلف الأطلسي من جهة وروسيا من جهة أخرى، فإن عددا من العواصم الغربية والعربية بدأ مشاورات مكثفة للبحث في طرق إعادة الملف السوري إلى واجهة الاهتمامات السياسية الدولية وعدم ترك السوريين لمصيرهم المحزن ولمخططات الرئيس الأسد. ولذا فإن عودة الاهتمام في مجلس الأمن الدولي من خلال جلسة الاستماع للمبعوث الدولي العربي الإبراهيمي ثم القمة العربية القادمة في الكويت التي ستكون الأزمة السورية أول بند على جدول أعمالها قد يعيدان تحريك الجهود. لكن الأوساط الأوروبية تبقى مقتنعة أنه من غير حصول بداية تحول ميداني فإن الأمور «ستسير من سيئ إلى أسوأ» وقد يجيء وقت لن تجد المعارضة ما تتفاوض حوله مع النظام.