توقع تقرير حديث صدر أمس، أن تتسبب مجموعة من العوامل المحلية في تجميد برامج إعادة الهيكلة في مختلف الاقتصادات العالمية الكبرى، مما يؤدي إلى نمو اقتصادي منخفض على المستوى الفردي للدول والعالمي خلال العام المقبل 2017، مشيرًا إلى أن الأسواق الناشئة لن تشهد نموًا اقتصاديا كبيرًا أو مفاجئًا على مستوى الديون العالمية، وذلك لعدم وجود برامج إعادة الهيكلة. وقال تقرير «حالة العالم 2017»، إن مستويات الدَّين وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2000، متجاوزة حاجز 225 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن البنوك الأوروبية عانت من انخفاض أسعار أسهمها بنسبة تجاوزت 10 في المائة منذ اتخاذ القرار البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي، وفاقم هذا الانخفاض من التحديات التي يعاني منها القطاع المصرفي المتأثر بأسعار الفائدة المنخفضة، ومن بيئة تعاني كثيرا من العوائق التي تحول دون تنفيذ عمليات دمج وإعادة هيكلة. وتوقع التقرير الذي سيصدره المنتدى الاستراتيجي العربي خلال اجتماعاته التي تبدأ في دبي اليوم بمشاركة واسعة من خبراء دوليين ومحليين، أن ينتج عن الالتزامات النقدية والمالية الأوروبية مخاطر تتعلق بالنمو والاستقرار المالي لأوروبا والعالم ككل في العام المقبل. وقال التقرير - الذي أعدته «مجموعة يوروآسيا» - إنه «في هذه الأثناء سينأى القادة السياسيون الأوروبيون الذين يعملون على معالجة أزمات على أكثر من صعيد بأنفسهم عن بذل ما تبقى من جهد سياسي لديهم في معالجة تحديات مصرفية، وإذا ما أضيف هذا الأمر إلى التوقعات المالية المتدنية في دول تمتد من اليونان إلى الطرف الجنوبي من القارة الأوروبية، بما في ذلك فرنسا، فسيكون خطر حدوث عدوى مالية ممكنا». وحذر التقرير من أي أزمة مصرفية أوروبية، حيث ستكون لها موجات ارتدادية تضرب الأسواق العالمية، وبين أنه حتى مع نجاح الجهود الرامية إلى منع وقوع أزمة مصرفية ممنهجة، فإن التوقعات المالية الضعيفة لكثير من الاقتصادات الأوروبية مثل إيطاليا وفرنسا والبرتغال واليونان، قد تتسبب باضطرابات في النظام المالي العالمي، لا سيما أن القدرات السياسية المتدنية تجعل من الاستجابة للأزمات أكثر صعوبة، وإن كانت أضيق نطاقا. وأشار إلى أن التوقعات تبين أن معدل النمو في القارة الأوروبية سينخفض خلال العام المقبل مقارنة بالعام السابق له، ليصل إلى 1.4 في المائة، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، لذلك فإن أي ركود مالي في أوروبا سيؤثر على الاقتصاد العالمي، ومن شأن حدوث أي تداعيات في أوروبا تجب إعادة هيكلة شروط الإقراض. ونبه إلى أن الأسواق الناشئة قد تكون عرضة لخطر التعرض للمشكلات الأوروبية والتأثر بها بشكل كبير بضعف الأسواق الأوروبية، وقد تتأثر الاستثمارات أو الأصول الشرق أوسطية في أوروبا والمعرضة للتقلبات في الاقتصاد الأوروبي بالتوترات الاقتصادية. وفي الوقت ذاته قد تصطدم محاولات دول المنطقة لاستقطاب تمويل خارجي بعدم قابلية المستثمرين بالمخاطرة، وهو الأمر الذي عززته حالة التوتر الاقتصادي في أوروبا. ولفت التقرير إلى أن مستوى إنتاج أوبك سينخفض إلى نحو 33 مليون برميل يوميًا، وذلك بموجب اتفاق خفض الإنتاج الذي تم التوصل إليه في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسيكون لهذا الاتفاق دور أساسي في دفع الأسعار صعودًا، إذ ستتراوح بين 50 و55 دولارًا خلال النصف الأول من عام 2017، قبل أن تعاود الارتفاع في النصف الثاني، لكن دون أن تخترق سقف 60 دولارًا للبرميل. وبين أنه في ظل هذا السيناريو سيعاود النفط الصخري الأميركي تحقيق نمو متواضع بحلول منتصف عام 2017، ولكنه سيحقق مزيدًا من النمو في حال تجاوزت أسعار النفط حاجز 60 دولارًا للبرميل، وستكون لهذه العقبة تداعيات كبيرة على الدول المنتجة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تحتاج إلى أسعار نفط أعلى بُغية تحقيق توازن في موازناتها. ودعا التقرير دول المنطقة المُنتجة للنفط إلى ألا تُعوِّل كثيرًا على احتمالية أن يؤدي اتفاق تجميد إنتاج النفط أو حتى خفضه إلى دفع أسعار النفط صعودًا. وأشار إلى أنه «قد يتعين عليها كذلك تعزيز قدرتها على توفير الأموال من مصادر غير نفطية أو اللجوء إلى خفض الإنفاق الحكومي بشكل عاجل، خصوصا إذا ما تبنت مُجتمعة فكرة بقاء أسعار النفط منخفضة خلال الفترة المقبلة». ولفت إلى أن مجموعة من العوامل الهيكلية والضغوطات السياسية المستمرة ستحول دون انتعاش التجارة العالمية خلال عام 2017، وسيُشكّل ذلك تحديا أمام النمو العالمي الذي اعتمد على التجارة منذ عقود طويلة. وقال التقرير: «على قادة دول المنطقة، إذا ما أرادوا أن يبقوا في الطليعة، أن يتخذوا خطوات في التكامل التجاري شبيه بتلك التي بدأت تترسخ في الأسواق المتقدمة. يعتبر التكامل التجاري أحد أهم المجالات التي يمكن من خلالها تحقيق مزيد من النمو في المنطقة». وتنطلق أعمال المنتدى الاستراتيجي العربي اليوم، لبحث حالة العالم والعالم العربي سياسيا واقتصاديا، وتحليل التحديات والفرص التي ستواجه العالم على المستويين الاقتصادي والسياسي في 2017.