×
محافظة المنطقة الشرقية

أحمد راتب يودِّع «بلد السلطان» ويرحل تاركًا «الأب الروحي» بمفرده

صورة الخبر

القمة الخليجيَّة السابعة والثلاثون، وما تلاها من زيارات أخويَّة تاريخيَّة لخادم الحرمين، إلى دول الخليج، أكَّدت أنَّ دول الخليج باتت مهيَّأة تمامًا لتحقيق الاتِّحاد فيما بينها، دون أيِّ عقبات، فالكلمة واحدة، والمواقف واحدة، وقبل ذلك: الدِّين واحد، والدَّم واحد، والأرض واحدة، وبعد، فالتهديدات التي تواجهها دول الخليج واحدة، والمتربص بهم واحد، وفي ظل هذه المعطيات يصبح طبيعيًّا أن تتَّحد الدول الست لتشكِّل واحدًا من أقوى وأهمِّ الاتِّحادات الدوليَّة؛ لاعتبارات عدَّة، منها أنَّ مقوِّمات الاتِّحاد الحقيقي متوفرة في الدول الست، من حيث وحدة الدِّين، والعِرق، والأرض، وأنَّ هذه الدول أصبحت -اليوم- تنعم بتعداد بشريٍّ مناسب، مقارنة بما كانت عليه قبل عقود قليلة، و60% من هذا التعداد هم من الشباب، وهم شباب مؤهَّلون، فتسعون بالمئة على الأقل من الشباب الخليجي يحملون شهادات جامعيَّة، ونسبة كبيرة منهم حاصلون على درجاتهم العلميَّة من الدول المتقدِّمة، وجزء كبير من هذه النسبة يحملون الشهادات العُليا من ماجستير، ودكتوراة، وهذه الميزة -كما يعرف المراقبون- لا تتوفَّر في أيِّ اتِّحاد قائم في العالم في الوقت الحاضر، وأوَّلها الاتِّحاد الأوروبيّ، الذي لا تزيد نسبة الشباب بين مواطنيه الأصليين عن 20%، إضافة إلى تدنِّي التعليم في أوساط الشباب في العالم كلِّه، ومن الاعتبارات المهمَّة الأخرى الدَّاعية لتحقق الاتِّحاد: الثروات الهائلة التي منَّ اللهُ تعالى بها على دول الخليج من نفط، ومعادن، وثروات طبيعيَّة أخرى، تجعلها أغنى دول العالم، ولو اتَّحدت فيما بينها لشكَّلت مركز الاقتصاد العالمي الأوَّل، كما أنَّ مستوياتها الاقتصاديَّة متقاربة، خلاف الاتِّحاد الأوروبيّ الذي يضمُّ دولاً غنيَّة، وأخرى فقيرة، حتَّى أصبحت الفقيرة عبئًا على الغنيَّة، ولم تتحمَّل التحوُّل لاقتصاد اليورو، فأفلست، مثل اليونان، وفنلندا، وأوشكت إسبانيا، والبقية تأتي، وسيؤدِّي ذلك إلى تفكُّك الاتِّحاد الأوروبيِّ -ولاشك- فلا ندري مَن سينسحب منه بعد بريطانيا تباعًا، وسوى الثروات الطبيعيَّة الهائلة لا ننسى الموقع الجغرافي الإستراتيجيّ الهائل لدول الخليج، فهي تملك ساحلين كاملين تقريبًا لبحرين كبيرين، البحر الأحمر، والخليج العربي، وفي سواحلها يقع عنق الزجاجة لنصف الملاحة البحريَّة العالميَّة المهمَّة، الرابطة بين الشرق والغرب، فلو اتَّحدت هذه الدول لتمكَّنت من تشكيل قوَّة عسكريَّة وأمنيَّة ضاربة في المنطقة، ولن يكون صعبًا بناء جيش تعداده نصف مليون، إلى مليون جندي، وكان درع الجزيرة في الماضي القريب يقترب من هذا العدد، ناهيكم عن التسليح الحديث، الذي توفره القوَّة الاقتصاديَّة الباهرة. أمَّا الملمح الأهمُّ الذي يشي بقرب تحقق الاتِّحاد قريبًا، فهو التفاف الخليج حول المملكة، وقائدها سلمان، الزعيم العربيّ الأهمّ في الوقت الحاضر دون منازع، لكلِّ ما أقدم عليه من خطوات شجاعة، يندر مثيلها في زمن التنازلات والتخاذلات. فقد استُقبل قائد الحزم استقبال الفاتحين في كلِّ دول الخليج التي زارها، واقترن اسمه -يحفظه الله- بأسماء قادتها على لسان أبناء شعوب تلك الدول، وشكَّل ذلك رسالةً قويَّةً وواضحةً لكلِّ المراهنين على تماسك ووحدة مجلس التعاون من القوى الكُبرَى، ومن قوى أخرى إقليميَّة لا تريد إلاَّ الشرَّ، والدماءَ لدول الخليج خصوصًا، والعالم العربي عمومًا، وكان هذا الترحاب بالزعيم العربي الأكبر، والتفاف دول الخليج حول شقيقتهم الكبرى دليلاً قاطعًا على أنَّ هذه المنطقة أبعد ما تكون عن أطماعهم ومكائدهم، وأنَّها تسير بخطى ثابتة نحو الاتِّحاد الذي أصبح ضرورةً لا ترفًا. Moraif@kau.edu.sa