شكلت وفاة الصحفي محمد تامالت (42 عاما) في الجزائر صدمة كبيرةلدى الأوساط الإعلامية والحقوقية والسياسة، حيث توفي داخل سجنه بعد تدهور صحته نتيجة الإضراب عن الطعام. وكان تامالت، وهو مدير موقع السياق العربي ويحمل أيضا الجنسية البريطانية، قد اعتقل يوم 27 يونيو/حزيران الماضي عندما كان يهم بمغادرة الجزائر باتجاه مقر إقامته في لندن قبل أن يحاكم بتهم الإساءة لرموز الدولة في قصيدة هجاء في حق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة كتبها ونشرها على حسابه في فيسبوك. وقد أصدر القضاء في حقه حكما بالسجن النافذ عامين مع دفع غرامة مالية. واحتجاجا على ذلك شرع تامالت في إضراب عن الطعام رغم معاناته من ارتفاع في ضغط الدم والسكري، حيث دخل منذ 20 أغسطس/آب الماضي في غيبوبة ونقل إلى مستشفى باب الواد بالعاصمة قبل أن يعلن الأحد 11 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن وفاته. أمين سيدهم: ما وقع فاجعة كبيرة وسابقة خطيرة في تاريخ القضاء ووصمة عار في تاريخ الجزائر المستقلة(الجزيرة) وصمة عار وقد نددت أحزاب جزائرية معارضة بما تعرض له الصحفي، ومن بينها حركة مجتمع السلم وحزب طلائع الحريات وجيل جديد، مثلما طالبت منظمة العفو الدولية عبر مكتبها بالجزائر بفتح تحقيق مستقل وشفافبشأن ظروف الوفاة. ويقول أمين سيدهم محامي الصحفي محمد تامالت للجزيرة نت إن ما وقع فاجعة كبيرة وسابقة خطيرة في تاريخ القضاء ووصمة عار في تاريخ الجزائر المستقلة وحتى في تاريخ الصحافة الجزائرية التي لم تلعب دورها في مساندة أحد منتسبيها. ويشير إلى أن وفاة الصحفي جاءت بعد يوم واحد فقط من إحياء العالم ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وهو معتقل في المستشفى على أساس إبداء رأيه، "حتى وإن اختلفنا حول رأيه". ويعبر رياض بوخدشة ممثل المبادرة الوطنية من أجل كرمة الصحفي عن ألمه وأسفه "لموت واحد من النخبة" في هذه الظروف. ويؤكد للجزيرة نت أن الوفاة سببها الإضراب عن الطعام الناجم عن شعور بالظلم، "فلم يكن أمامه من خيار آخر سوى ذلك للتعبير عن رفضه للحكم الصادر في حقه". مساس خطير بالحقوق ويعتقد رياض أنه في كل الحالات ما كان ينبغي أن يسجن صحفي بسبب كتاباته، واصفا ما حصل بـ"التعسف والمساس الخطير بحقوق الإنسان"، وتساءل عن سبب عدم الإفراج المؤقت عن الصحفي مع تدهور صحته. ودعا بوخدشة كل الصحفيين إلى "التعبئة" من أجل رفع كل أشكال التعسف ضد أهل المهنة وحتى لا يتم الزج بهم في السجون وتسليط شتى العقوبات السالبة للحرية عليهم. من جهتها تقول الصحفية فتيحة زماموش إنه كان من الواجب إنسانيا التحاور معه خصوصابعد تدهور حالته. ولا تتردد فتحية في نقد ورفض الطريقة التي كان يكتب بها الصحفي والتي "وصلت أحيانا حد المساس بحرمة وحرية الآخرين، ولكن ذلك ليس سببا للتعامل معه بتلك الطريقة". فتيحة زماموش: كان من الواجب إنسانيا التحاور معه خصوصابعد تدهور حالته(الجزيرة) أبعاد أخرى وترجح أن تأخذ قضية وفاة تامالت مسجونا عقب إضراب عن الطعام أبعادا أخرى باعتباره أول صحفي يموت في السجن منذ الاستقلال. ويقول الصحفي في موقع "الطريق نيوز" جعفر خلوفي إنه مهما كان اختلافنا مع تامالت "فإن الصدمة أقوى من أي اعتبارات صحفية أو مهنية"، ويضيف للجزيرة نت أن الصدمة كبيرة، "فلأول مرة يموت صحفي جزائري داخل السجن أمامنا هكذا بكل بساطة". ويشير خلوفي إلى الشكوك التي أثارتها أسرة الصحفي حول ظروف اعتقاله وما شابها من تعتيم وسرية مبالغ فيها، كماينتقد المؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام التي لم تهتم بقضية تامالت "رغم الأصوات المخنوقة التي كانت تبعثها هيئة الدفاع". ويرى جعفر خلوفي أنه بعد موت تامالت بهذه الطريقة فإن أحسن ما يمكن القيام به هو تنظيم هذا القطاع "للدفاع على منْ لا يزال على قيد الحياة".