كنا نعتقد أن البطالة بين شبابنا وشاباتنا (وهذا وضع موجود في أغلب دول العالم)، وإن كانت تختلف ارتفاعا وانخفاضا بين كل دولة وأخرى، ولكن أظهر تقرير صدر مؤخرا للهيئة العامة للإحصاء أن هناك بطالة بين المقيمين داخل المملكة وصلت إلى (58027)، وهذا رقم مرعب، بمعنى أننا لدينا أكثر من 58 ألف قنبلة موقوتة ربما تنفجر في أي وقت، فكلنا نعلم أن هؤلاء العمالة حضروا للعمل ولديهم أسر ينفقون عليها في بلدانهم تنتظر هذا المقابل الشهري، خلاف أن معيشتهم هنا تتطلب صرفا وإنفاقا لحياتهم اليومية، ومع انقطاع هذا المورد فإن ولوجهم لعالم الجريمة يكون أقرب من أي وقت مضى. ورسولنا الكريم - عليه الصلاة والسلام- قال: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر»، حيث قرن رسولنا الكريم - عليه الصلاة والسلام- الكفر بالفقر؛ لأن الإنسان يضطر مع الحاجة الملحة إلى الانصياع لأصدقاء السوء وإن كان هذا ضد طبيعته. بطالة المقيم أخطر من بطالة المواطن، فالمقيم ليس لديه روابط أسرية أو علاقات اجتماعية تردعه عن ارتكاب الأخطاء - لا سمح الله-، أما المواطن فلديه ما يسمى في علم الاجتماع بالضبط الاجتماعي الذي يشكل رادعا عن ارتكاب المشاكل؛ بسبب وجود الأهل والأقارب وخوفه من الفضيحة في حال انكشاف أمره. يجب أن نفرق بين العامل المنتج والعامل غير المنتج، فالأول: شخص عامل يفيد البلد ويستفيد ولا يمكن أن ننكر ما قدموا من خدمات جليلة لوطننا، أما الثاني: فوجوده غير مجد له وللبلد وجلوسه هكذا بدون عمل مؤشر خطير ينذر بكارثة ومن المفترض في حال حدوث مشاكل في عمله وتعذر وظيفته أو إفلاس شركته التي يعمل بها أن يتم الاستغناء عنه وتسفيره بعد إعطائه كافة حقوقه. الغريب في الأمر، صمت الجهات المعنية عن هذا الوضع غير الصحي، وربما تزداد نسبة العمالة العاطلة عن العمل مستقبلا؛ بسبب تغيّر الأوضاع الاقتصادية؛ جراء انخفاض أسعار البترول، فهل يعني هذا تكدس العمالة بدون وظائف داخل البلد وما يسببه من أضرار وكوارث اقتصادية وأمنية، يجب ربط إفلاس أو مشاكل الشركات مع وزارة العمل التي بدورها تتحرك سريعا لإلغاء التأشيرات وتسفير العمالة الزائدة عن الحاجة بعد التنسيق مع الجهات الأمنية، وفي هذا الإجراء أيضا حفظ لحقوق العمالة المتضررة التي ربما تجلس هنا بدون أجر، وجميعنا سمعنا عن بعض الشركات في الفترة القليلة الماضية التي أضرب موظفيها بسبب عدم حصولهم على رواتبهم. يجب التعامل مع هذا الملف بشكل جدي وألا تترك الأمور هكذا بدون حل سريع؛ لأنها - لا سمح الله- ستكون ككرة الثلج التي تتضخم ومن ثم يصعب حلها بينما في أيدينا التعامل معها حاليا بسهولة من خلال فحص ملف كل شركة من الشركات الكبيرة، وعلى الأخص التي تتجاوز عمالتها المئات وتحديد حاجتها منهم وفق إمكانياتها الحالية، وإنهاء خدمات الزائدين عن الحاجة. لا نخفي سرا عندما نذكر أن تجمعات العمالة وتكدسهم في منزل صغير بدون عمل ينذر بكارثة وهي ظاهرة بدأنا نلحظها في أحيائنا الشعبية، فلنسرع بمعالجتها قبل أن يستفحل الأمر.