أكد عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للدعوة والاحتساب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو لجنة المناصحة الدكتور محمد بن أحمد الفيفي، أن قرار تجريم الجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية جاء واضحا ومحددا ليضع النقاط على الحروف ويسمي الأشياء بأسمائها ويذكرها بأوصافها التي لا تلتبس على من له أدنى بصيرة بذلك. وبين أن مثل هذا القرار المسدد من ولاة الأمر جاء في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى مثل هذه الشفافية والوضوح في زمن يلعب الإعلام ودعاة الفتن والثورات دورا خطيرا بتزييف الحقائق وتضليل الرأي العام فأشكل على كثير من الناس ما يراه في كثير من القنوات والفعاليات والمؤلفات من تلميع لهذه الجماعة أو الأخرى ونشر أفكارها حتى أصبحت من كثرتها وشهرتها عند البعض من مسلمات الدين التي لا تقبل النقاش والجدل، وأن مجرد انتقادها أو الاعتراض عليها هو مساس بالدين. وقال: المتأمل لنشأة أغلب هذه الجماعات يجد أنها إنما جاءت من رحم جماعة الإخوان فهي أصل الشرور والفتن بشقيها الأول (البنائي) وهي طريقة (حسن البنا) وذلك بعدم المواجهة والعمل بمبدأ ومفهوم (الدولة العميقة) حتى تتقوى الجماعة وأما الشق الثاني فهو (القطبي) نسبة إلى (سيد قطب) وهي طريقة تتبنى المواجهة، فنواة تنظيم القاعدة بفروعه كانت بدايتهم من جماعة الإخوان فقد انشقت عنها جماعة التكفير والهجرة بقيادة شكري مصطفى وكذلك أيمن الظواهري يعد من أبرز المنتسبين إلى الجماعة وقد اعتقل بعد اغتيال السادات، وكذلك خرج من رحم هذه الجماعة ما يسمى بحزب التحرير الذي ينتمي إليه محمد المسعري الموجود حاليا في بريطانيا. وأردف: اتخذت هذه الجماعات المنشقة مسارات متعددة حتى وصلت إلى بعض البلدان العربية حتى حطت رحالها في أفغانستان ومناطق الصراع الأخرى لتستفيد من وجود الشباب المسلم هناك وتجنيدهم وتبغيضهم في حكوماتهم كما أشار إلى شيء من هذا العلامة محمد العثيمين رحمه الله وهو يصف حال تلك الجماعات التي تستغل تلك الظروف العصيبة لتجنيد الشباب كما جاء في «الفتاوى 25/330». ولاحظ عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للدعوة والاحتساب، أن مما تميز به هذا البيان هو شموله لتنظيم القاعدة بفروعه في الجزيرة واليمن والعراق وكذلك بأسمائه (داعش، جبهة النصرة، حزب الله، الحوثيين) والمشكلة مع وضوح القرار وشموليته لهذه الجماعات إلا أن هناك من يحاول توجيهه وقصره على من ورد ذكرهم فيه متناسيا أو متجاهلا الكلام على الإخوان وهذا إما أنه يجهل حقيقة الجماعة أو أنه يتبنى فكرها ولكنه يجيد التلون في مثل هذه الظروف وحسب ما تمليه المصلحة. وقال: الإخوان لا يعرفهم كثير من الناس مع أن وجودهم متغلغل في كثير من المؤسسات والإدارات، وإن كانوا لا يصرحون بانتمائهم بلسان المقال ولكنهم قد أكدوا انتماءهم بلسان الحال وذلك بالدفاع عن الجماعة ورموزها وإعلامها، وترويج كتبها وأفكارها خصوصا منذ دخولهم للملكة في مطلع الخمسينيات الميلادية. وشدد على أن سمو الأمير نايف رحمه الله حذر من خطورة جماعة الإخوان مبكرا كما جاء في صحيفة السياسة الكويتية 25 نوفمبر 2002م حيث قال «مشكلاتنا كلها جاءت من الإخوان المسلمين لقد تحملنا الكثير منهم ولسنا وحدنا الذين تحملنا منهم الكثير، إنهم سبب المشاكل في عالمنا العربي وربما عالمنا الإسلامي، حزب الإخوان المسلمين دمر العالم العربي»، وقال «بحكم مسؤوليتي أقول: إن الإخوان لما اشتدت عليهم الأمور وعلقت لهم المشانق في دولهم لجأوا إلى المملكة فتحملتهم وصانتهم وحفظت حياتهم بعد الله، وحفظت كرامتهم ومحارمهم وجعلتهم آمنين، وإخواننا في الدول العربية الأخرى قبلوا بهذا الوضع وقالوا إنه يجب ألا يتحركوا من المملكة، لكن بعد بقائهم سنوات بين ظهرانينا وجدنا أنهم يطلبون العمل فأوجدنا لهم السبل ففيهم (مدرسون) و(عمداء) فتحنا أمامهم أبواب (المدارس) و(الجامعات)، لكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة فأخذوا (يجندون) الناس (وينشئون التيارات) وأصبحوا ضد المملكة». وبين أن العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في عام 1416هـ حذر أيضا من هذه الجماعة كما جاء في «الفتاوى» حيث قال «حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم؛ لأنه ليس عندهم نشاط في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك وإنكار البدع، لهم أساليب خاصة ينقصها عدم النشاط في الدعوة إلى الله، وعدم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنة والجماعة...» ا. هـ، فكما ترى أن هذه الجماعة ليس عندها نشاط في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك وإنكار البدع، وماذا تنتظر من جماعة لا تعنى بالدعوة إلى التوحيد وإنكار الشرك والبدع. واستدرك قائلا: لكن المشكلة أن هناك من يحاول إخفاء هذه الحقائق وعدم إبراز أقوال ولاة الأمر والعلماء في حقيقة هذه الجماعة للناس إما جهلا منهم بخطورتها وإما أنهم متعاطفون معها ومؤيدون لها ولأجندتها. ولفت الفيفي إلى أن مما يتميز به البيان أن الأوصاف التي وردت فيه أغلبها موجود في جماعة الاخوان وذلك مثل خلع البيعة وصرفها للمرشد العام للجماعة والمشاركة في التحريض والزج بالشباب في أماكن الصراع والفتنة وكذلك تأييد التنظيمات وكذلك جمع التبرعات لمصلحة الجماعة كما ذكر محمود عبدالحليم في كتاب (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ). وزاد: مما نص عليه البيان (تنظيم الجماعات) فإن جماعة الإخوان قد أخذت على عاتقها وضع قاعدة خطيرة وهي قاعدة المعذرة والتعاون «نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه» وقد سماها العلامة العثيمين رحمه الله: (القاعدة الخشبية)، وسماها العلامة صالح الفوزان: (القاعدة الطاغوتية)، إلا أن مهمتها تجميع الأحزاب والجماعات تحت لوائها حتى الرافضة والنصارى قال الحسن البنا كما جاء في مجموع رسائل البنا «إن الإخوان المسلمين دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية». فانظر إلى هذا الخليط والمزيج لجمع أكبر عدد من الناس ولو على حساب الدين والثوابت. وأضاف: ليس هناك أي مانع أن تتعاون هذه الجماعة حتى مع الملاحدة والشيوعيين في سبيل تحقيق مصالحها الكبرى فمن أصولهم أن الغاية تبرر الوسيلة، يقول عبدالله أبو عزة مسؤول تنظيم الإخوان المسلمين في غزة ما نصه «ورغم العداء المستحكم بين الإخوان والشيوعيين من الناحيتين العقيدية (الأيديولوجية) والحركية، فقد قرر الإخوان دراسة إمكانات التعاون مع الشيوعيين بكل جدية وإخلاص. وتم الاتفاق على لقاء بين ممثلي الفريقين»، وذلك في كتاب (مع الحركة الإسلامية في الدول العربية) لمؤلفه الدكتور عبدالله أبوعزة. وذكر عضو لجنة المناصحة أن مما تميز به القرار كذلك ما نص عليه من تجريم أي (وسيلة من وسائل التعاطف والتأييد) مع هذه الجماعات كاستخدامات الشعارات في وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك ولائهم لتلك الدول التي تعتبر المحضن الرئيسي لهذه الجماعة، لافتا إلى أن هذا ينطبق تماما على هذه الجماعة وأتباعها فهم ممن يؤيدون المظاهرات والاعتصامات والمسيرات والإفادة منها في الضغط على الحكومات لإسقاط الرؤساء أو تغيير القرارات، واستصدروا الفتاوى المجيزة لها، بل جعلوها نوعا من الجهاد والرباط في سبيل الله، وأن من يموت فيها يعتبر شهيدا. وخلص إلى القول: إن وصف القرار لجماعة الإخوان المسلمين على أنها (جماعة إرهابية) لم يكن صادرا من فراغ بل كان عن رصد وتثبت وتوثيق خصوصا أن تاريخ الجماعة المظلم يشهد بأن كثيرا من الجماعات الموجودة اليوم على الساحة إنما خرجت من رحم الإخوان فضلا عن أن صفحاتها ملوثة ومليئة بمثل هذه الجرائم ومحاولات الاغتيالات.