ربما كانت مفاجأة من العيار الثقيل، تلك التي فجّرها نائب رئيس مجلس الإدارة في شركة مشاريع الكويت القابضة (كيبكو)، فيصل العيّار، من خلال خوضه غمار الكتابة... وليس أي نوع من الكتابة. ولكن الطيّار السابق في سلاح الجو، لم يكتف على ما يبدو بالتحليق عالياً في سماء عالم المال والأعمال على متن «كيبكو»، التي تحوّلت تحت قيادته إلى واحدة من أهم وأبرز المجموعات الإقليمية، وباتت «قابضة» مترامية الأطرف تنتشر في أكثر من 24 دولة، وبأصول تزيد على 33 مليار دولار. لفترة غير وجيزة، ابتعد الرجل الذي يتسلح بخبرة تزيد على 35 عاماً في متاهات الاقتصاد و«البزنس» عن مكتبه والأرقام والمؤشرات والأسهم والأرباح، التي اعتاد تحقيقها، ليتجه نحو أرقام من نوع آخر، أرقامٌ فيها الكثير الكثير من «المال... والرمال». مال مهدور... ورمال متحركة، آثر العيار إلا أن يخوض فيها، علّه يجنّب الكويت رياحا «رملية» مماثلة قد تلوح في الأفق من خلال وضع النقاط على الحروف، والعودة إلى أوراق وملفات صفقات الماضي، التي كبّدت الدولة مليارات الدنانير. بعيداً عن العرف الذي بات تقليدياً إلى حد كبير لدى الساسة ورجال الأعمال في كتابة سيرهم الذاتية، سطّر العيّار سيرة من نوع آخر تواكب مختلف المراحل التي مر بها الاقتصاد الكويتي منذ اكتشاف النفط إلى الآن، وهي مراحل متنوعة شهدت فيها خارطة الاستثمارات الكويتية في الداخل والخارج تموجات ارتفعت وانخفضت وفقا للمؤثرات المحلية والخارجية على حد سواء. يتناول العيّار الذي وقّع كتاب «مال ورمال» أول من أمس في حفل حاشد استضافه فرع مكتبة «ذات السلاسل» في مجمع «الأفنيوز» بحضور نخبة من الاقتصاديين والإعلاميين والمهتمين، مسيرة «استثمارات كويتية بين مطرقة السياسة وسندان سوء الإدارة». وتعليقا على هذا الحدث، يقول العيار «تابعت مثل غيري من الكويتيين على مدار العقود الماضية استثمارات الكويت سواء داخل البلاد أو خارجها، واستخلصت وجود الكثير من المعلومات الغائبة، ولذلك ارتأيت الإشراف على مشروع يعمل على جمع تلك المعلومات من مصادر مختلفة على أمل استفادة الأجيال من هذه التجارب والتعلم منها». وأضاف «يتناول الكتاب مجموعة من القضايا الاستثمارية التي شهدتها الكويت خلال أكثر من حقبة مثل صفقة (كي- داو)، وهي النموذج الحي على تأثير السياسة على الاقتصاد، وبناء المصفاة الرابعة التي تجسّد فداحة ثمن تأخير المشاريع وتعطيلها، والهدر وخسارة المليارات في حالة الخطوط الجوية الكويتية، في وقت تتعاظم فيه مكاسب شركات الطيران الخليجية، هذه بعض القضايا التي يتناولها الكتاب، والتي تؤكد أن السياسة تؤثر في كثير من الأحيان بشكل سلبي على العمليات الاستثمارية والاقتصادية والتجارية والمالية». ولفت «لقد أكد لنا هذا البحث التشابك الملتبس بين القرارين السياسي والاقتصادي، كما أظهر لنا أن المحاسبة لم تأخذ مجراها في الكثير من الحالات رغم لجان التحقيق وتدخل النيابة والضجيج الإعلامي، ولكن على الرغم من ذلك، فإن القارئ سيشعر بالفخر ببعض التجارب التي ترفع الرأس والمواقف المشرفة والقرارات الاستراتيجية الصائبة، وكلمة حق قالها أناس لا يخافون لومة لائم ومسؤولون كانوا على قدر كبير من المسؤولية ونظافة الكف». ويقع كتاب «مال ورمال» في 390 صفحة، وهو صادر عن منشورات «ذات السلاسل». المسؤولية يرى فيصل العيار أنه تقع على عاتق الشركات ورجال الأعمال مسؤولية اجتماعية، لا تقل أهمية عن المسؤولية الاقتصادية، ويندرج هذا الباب في كتاب العيار «مال وأعمال» في سعي منه لتوسيع دوائر الوعي بأهمية قراءة تجارب الكويت الاستثمارية، وما لذلك من تداعيات في الماضي والحاضر والمستقبل. ويستند الكاتب إلى أكثر من 35 عاماً من الخبرات المتراكمة في عالم الاقتصاد والأعمال والمال والاستثمار، وتحديدا في إحدى أكبر المجموعات الاستثمارية في الكويت والمنطقة «مشاريع الكويت القابضة» التي تحولت تحت قيادته إلى مجموعة إقليمية منتشرة في 24 دولة وبأصول تزيد على 33 مليار دولار في قطاعات مختلفة. ومن هذه الخبرات المتنوعة قطاعياً وجغرافياً، يطل العيّار على أصحاب القرار والناشطين في الشأن الاقتصادي والمالي وعموم المهتمين بالاستثمارات الكويتية على مر التاريخ، ليقدم عملاً وضع فكرته الأولى ودعم تطور أبحاثه ليخرج إلى النور كأول كتاب من نوعه على أمل أن يشكّل مرجعاً مدعماً بتوثيق واسع النطاق. هاجس المعرفة وقد يسأل البعض لماذا أقدم العيّار على هذه الخطوة، وهو العارف بتعقيداتها وتشعب كواليسها وفرط حساسية بعض جوانبها السياسية، ناهيك عن خطورة الاستنتاجات الممكنة منها؟ وقد يأخذ البعض عليه أنه يفتح أبواباً على مواجع، وينكأ جراحاً من الأفضل تركها تلتئم كيفما اتفق، وقد يثار غبار من هنا وهناك حول ذكر هذا الاسم أو ذاك في سياق البحث عن الحقيقة الضائعة أحيانا والمطموسة أحيانا أخرى، وقد يجد البعض ضالته في رحلة هذا الكتاب الممتدة على أكثر من 35 عاما من التجارب المالية والاستثمارية مقابل آخرين يفضلون تجنب اقتحام هذه المتاهة من جديد. ويقابل كل تلك الأسئلة والهواجس جواب واحد هو «هاجس المعرفة»، هذا الهاجس يسكن فيصل العيار منذ زمن طويل حتى تبلورت فكرته وسعى لتجسيدها في هذا الكتاب، له شرف المحاولة علماً أنه بغى عن أي قيل وقال بحكم موقعه القيادي في مجموعة «كيبكو» المترامية المصالح، لكنه ليس من أولئك الذين يؤثرون السلامة في مقاعد المتفرجين، ولا هو من الخائفين من تضارب أي مصالح، لا بل ينشد الحوكمة في الشركة وشركاتها التابعة كما ينشدها في مؤسسات الدولة والمجتمع المدني. الدور والإنجازات يتولى العيار منصب نائب رئيس مجلس الإدارة في «كيبكو»، وكان قد انضم إليها عام 1990 عندما كانت شركة استثمارية إقليمة تدير أصولاً بقيمة 220 مليون دولار، وتحولت الشركة تحت قيادته الى إحدى الشركات القابضة الرائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتركز أنشطتها الرئيسية في قطاعات الخدمات المالية والإعلام والعقار والصناعة، وتنشط في 24 دولة ولديها أصول مجمعة بقيمة 32 مليار دولار. وكان له الدور البارز في إنشاء وتطوير «OSN»، وهي أكبر شركة في مجال خدمات التلفزة الفضائية المدفوعة في المنطقة، وفي تطوير الشركة السعودية لمنتجات الألبان والأغذية (سدافكو) التي تعتبر إحدى شركات إنتاج الألبان الرائدة في السعودية، وتوسعة وبيع شركة الوطنية للاتصالات التي تعتبر من شركات تشغيل الهاتف المحمول الرئيسية في المنطقة. ويتولى العيار رئاسة مجلس إدارة شركة «بانثر ميديا غروب» - دبي (OSN)، ونائب رئيس مجلس الإدارة في كل من مجموعة الخليج للتأمين - الكويت، وبنك الخليج المتحد - البحرين، والبنك الأردني الكويتي (الأردن) ومبرة مشاريع الخير- الكويت، كما أنه عضو مجلس إدارة في كل من شركة «سدافكو» - السعودية، وشركة الخليج مصر للسياحة والفنادق - مصر، وهو عضو مجلس أُمناء الجامعة الأميركية في الكويت، والرئيس الفخري للجمعية الكويتية لاختلافات التعلم. الجوائز حصل العيّار على جائزة الإنجاز من جمعية المصرفيين العرب لأميركا الشمالية في العام 2005، كما فاز بجائزة المنتدى الاقتصادي العربي في تونس، وجائزة المنتدى الاقتصادي العربي في بيروت عام 2007، بالإضافة الى جائزة الملتقى المالي في الكويت عام 2009.