حلب - سيطرت قوات النظام السوري على احياء حلب القديمة التي انسحبت منها الفصائل المعارضة، ما يحصر مقاتلي المعارضة في بقعة صغيرة نسبيا في ما تبقى لهم من الاحياء الجنوبية الشرقية. وتجاوز عدد النازحين من الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة ثمانين الفا منذ بدء الهجوم عليها في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر. على صعيد آخر، افادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" عن اطلاق صواريخ اسرائيلية ارض ارض في محيط مطار مزة العسكري عند مدخل دمشق. وقال المرصد السوري في بريد الكتروني صباح الأربعاء ان قوات النظام وحلفائها "تقوم بعمليات تمشيط في أحياء حلب القديمة الواقعة في القسم الأوسط من أحياء حلب الشرقية"، مشيرا الى انسحاب المقاتلين من هذه الاحياء بعد سيطرة قوات النظام ليلا على حيي باب الحديد واقيول الواقعين شمال شرق قلعة حلب. وكانت الاحياء القديمة تعد قلب حلب ومقصد السياح والتجار قبل تحول المدينة مسرحا للمعارك بين طرفي النزاع منذ العام 2012. وبدأت قوات النظام بدعم من مجموعات مسلحة موالية لها في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر هجوما لاستعادة السيطرة على شرق المدينة وحققت تقدما سريعا فيها. وانسحب مقاتلو الفصائل وفق عبدالرحمن، تحت وابل من القصف المدفعي العنيف لقوات النظام، بالإضافة الى الغارات الجوية. ودعا مقاتلو المعارضة في شرق حلب المحاصر إلى "إعلان هدنة إنسانية فورية لمدة خمسة أيام" وإجراء مفاوضات بشأن مستقبل المدينة وإجلاء "الحالات الطبية الحرجة والمدنيين" وذلك ضمن خطة إنسانية نشرت اليوم الأربعاء. وقال مسؤول بالمعارضة مقيم في تركيا لرويترز إن الخطة أرسلت إلى الأطراف الدولية التي لم ترد بعد. ودعت وثيقة "المبادرة الإنسانية" التي صدرت باسم مجلس قيادة حلب كل الأطراف المعنية لمناقشة مستقبل المدينة بمجرد أن تخف وطأة الوضع الإنساني في القطاع الذي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حلب. وطالبت الوثيقة التي تحمل اسم "مبادرة إنسانية من فصائل حلب المحاصرة لإنقاذ المدنيين في المدينة" بإجلاء "الحالات الطبية الحرجة... ويقدر عددها 500 حالة تحت رعاية الأمم المتحدة وبالضمانات الأمنية اللازمة." كما طالبت بإجلاء كل المدنيين الراغبين في مغادرة شرق حلب "إلى منطقة ريف حلب الشمالي حيث إن محافظة إدلب لم تعد منطقة آمنة". وأضافت الوثيقة "عندما يتم تخفيف وطأة الحالة الإنسانية في مدينة حلب الشرقية تقوم الأطراف المعنية بالتفاوض حول مستقبل المدينة". وعادة ما كان يتم نقل المقاتلين والمدنيين من مناطق تسيطر عليها المعارضة في أنحاء سوريا إلى إدلب التي تسيطر عليها المعارضة أيضا وفقا لاتفاقات تسوية مع الجيش السوري. لكن الوثيقة أكدت أن إدلب صارت حاليا منطقة خطرة للغاية بسبب القصف الجوي المكثف وعدم القدرة على التعامل مع العدد المتزايد للنازحين. وقالت الوثيقة "نؤكد كفصائل ثورية مسلحة أننا سندعم أي مبادرة إقليمية أو دولية من شأنها أن تخفف معاناة شعبنا". وأضافت "عبرنا بكل وضوح عن استعدادنا لتقديم الضمانات اللازمة لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لتنفيذ... المبادرات بما في ذلك إيصال المساعدات الإنسانية والطبية اللازمة". وقال ان "العديد من العائلات تضطر الى ترك جثث ابنائها تحت الانقاض وتهرب من شدة القصف". وافاد شاهد عيان في شرق حلب عن قصف عنيف يستهدف المنطقة. وباتت قوات النظام تسيطر على أكثر من 75 في المئة من مساحة الأحياء الشرقية. ومن شأن خسارة حلب ان تشكل نكسة كبيرة وربما قاضية لمقاتلي المعارضة السورية الذين كانوا قد سيطروا على الاحياء الشرقية منذ صيف العام 2012. ودفعت الاشتباكات عشرات الالاف من المدنيين الى الفرار من احياء المعارضة ومناطق الاشتباك. واعلن المرصد السوري ان عدد النازحين منذ بدء الهجوم الى احياء تحت سيطرة قوات النظام واخرى تحت سيطرة الاكراد تجاوز الثمانين الفا. كما نزح الاف اخرون وفق المرصد الى احياء لا تزال تحت سيطرة الفصائل. "نعيش على اعصابنا" وفي القسم الغربي من حلب، قالت مراسلة صحفية ان عشرات العائلات وصلت ليلا بعد نزوحها من احياء حلب القديمة. وقالت ام عبدو (30 عاما) بعد خروجها مع زوجها واولادها الخمسة ووالدتها واخوتها من حي باب الحديد "لم ننم وكان الوضع صعبا جدا.. كنا نعيش على اعصابنا منذ اربعة أيام". وكانت تحضن ابنها الرضيع في حافلة حكومية أقلت النازحين الى مركز الايواء المؤقت في جبرين شرق مدينة حلب. وقالت "كان المسلحون يحتمون بنا، لكن تمكن الجيش من إخراجنا". وفي مشاهد فيديو، يظهر جنود وهم يساعدون المدنيين مع اطفالهم على القفز من فجوة وسط جدار ليلا، قبل توجههم على متن حافلات خضراء اللون التي ضاقت بالركاب ومعظمهم من النساء والاطفال وكبار السن، في طريقهم الى جبرين. وتظهر الواجهة الامامية لاحد الباصات متصدعة جراء رصاصة اخترقتها واحدثت ثقبا. وقال عبدالفتاح اكريم (53 عاما) بعد خروجه من حي أغيور مع زوجته وابنته وابنه "خرج المسلحون من اغيور عند العصر، وطلب منا الجيش الخروج لتمشيط الحي من الألغام". وروى حسن اطلي الذي خرج من حي البياضة الظروف الصعبة التي كان يعيشها مع عائلته في شرق حلب. وقال "كان لدي صعوبة في تامين الحليب والحفاضات لابني البالغ من العمر ثمانية اشهر جراء الاسعار المرتفعة لكن الناس كانت تساعد بعضها". ومنذ بدء الهجوم منتصف الشهر الماضي، احصى المرصد السوري مقتل 369 مدنيا بينهم 45 طفلا جراء القصف والغارات على شرق حلب، فيما قتل 92 مدنيا بينهم 34 طفلا في غرب حلب نتيجة قصف من مقاتلي المعارضة. مقتل مستشار روسي وبين القتلى في حلب ضابط روسي برتبة كولونيل هو رسلان غاليتسكي اعلن الجيش الروسي وفاته متأثرا بجروح اصيب بها. وغاليتسكي هو أحد أرفع الضباط الذين يقتلون في سوريا منذ بدء التدخل الروسي في ايلول/سبتمبر 2015. وقد جرح قبل ايام في قصف مدفعي لمسلحي المعارضة في غرب حلب الذي تسيطر عليه القوات الحكومية. وتزامن تقدم قوات النظام في حلب مع تبادل الجانبين الروسي والأميركي الاتهامات بتعطيل محاولات التوصل الى هدنة أو تسوية لاخراج المقاتلين من المدينة. وكانت روسيا، ابرز داعمي النظام السوري، اعلنت الاثنين عن محادثات مع الاميركيين ستعقد الثلاثاء او الاربعاء في جنيف لبحث اليات خروج مقاتلي المعارضة من شرق حلب. الا ان اي اجتماعا لم يعقد. واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء الولايات المتحدة بالمماطلة في بحث هذه المسالة. وفي وقت لاحق الثلاثاء، نفى وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان تكون واشنطن رفضت عقد لقاء مع روسيا لبحث خطة خروج مقاتلي المعارضة. لكنه تطرق خلال زيارته الى برلين الاثنين الى احتمال عقد لقاء جديد مع نظيره الروسي الاربعاء او الخميس في هامبورغ على هامش الاجتماعات السنوية لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا. على جبهة اخرى في سوريا، افادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" بمقتل ستة اشخاص من عمال حقول الرميلان النفطية جراء "انفجار عبوة ناسفة استهدفت حافلة كانت تقلهم شمال شرق مدينة الحسكة" في شمال شرق سوريا. من جهة أخرى، استهدفت صواريخ ارض -ارض اسرائيلية فجر الاربعاء محيط مطار المزة العسكري غرب دمشق، وفق ما افادت وكالة الانباء السورية الرسمية. وقال المصدر العسكري لسانا "أقدم العدو الاسرائيلي عند الساعة الثالثة فجر اليوم على اطلاق عدة صواريخ أرض أرض من داخل الاراضي المحتلة غرب تل أبو الندى، سقطت فى محيط مطار المزة غرب دمشق، ما أدى الى نشوب حريق في المكان دون وقوع إصابات".