طبيب وداعية إسلامي هندي؛ انتقل من ممارسة الطب إلى ميدان الدعوة الإسلامية فاستلهم أسلوب الداعية الراحل الشيخ أحمد ديدات في الحجاج والمناظرة، وأصبح من أبرز الدعاة وعلماء مقارنة الأديان في العصر الحديث. انتشرت محاضراته ومناظراته في أنحاء العالم وأسلم على يديه آلاف الأشخاص. المولد والنشأة وُلد ذاكر عبد الكريم نائيك يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول عام 1965 في مدينة مومباي غربي الهند. الدراسة والتكوين أكمل نائيك تعليمه الأولي بمدرسة سانت بيتر الثانوية في مومباي، ثم التحق بكلية الطب في جامعة مومباي حيث حصل على شهادة بكالوريوس في الجراحة. الوظائف والمسؤوليات زاول نائيك الطب عدة سنوات، ومع توجهه لميدان الدعوة أسس عام 1991 "مؤسسة البحث الإسلامي" غير الربحية والمتخصصة في تدريب الدعاة. وتتبع للمؤسسة "المدرسة الإسلامية الدولية" في بومباي، و"تلفزيون السلام" (Peace TV) التي تهتم بقضايا مقارنة الأديان ويغطي بثها 100 دولة. وإضافة إلى مسؤولياته الدعوية الخاصة، يعتبر من أبرز منظمي "مؤتمر الإسلام والأديان" الذي يعقد سنويا في مومباي بالهند ويحضره أكثر من مليون مسلم. التجربة الدعوية افتتح نائيك مسيرته الدعويةفي ثمانينيات القرن العشرين، وبدءا من 1993 ترك مهنة الطب التي كان يعتقد أنها "أفضل مهنة في العالم"، وتفرغ لأنشطة الدعوة بعد أن أعجِب بأسلوب الشيخ الجنوب أفريقي الراحل أحمد ديدات، القائم على المناظرات المباشرة مع رجال الدين المسيحيين والملحدين. ولذلك فإنه يقول عن نفسه "لقد انتقلتُ من طب الأبدان إلى طب الأرواح". خاض غمار عشرات المناظرات مع علماء ورجال دين من المسيحيين واليهود، عُقدت أشهرها في أبريل/نيسان عام 2000 مع المبشر وعالم الأحياء الدكتور ويليام كامبل في أميركا، وكانت بعنوان "القرآن والإنجيل في ضوء العلم". زاد نائيك على شيخه ديدات بمناظراته مع العلماء الهندوس والسيخ والبوذيين، وهو ما جعل الأخير يخاطبه قائلا له حين لقيه: "يا بني.. لقد حققتَ في أربع سنوات ما استغرق مني أربعين سنة، ولذلك فأنت هو: ديدات الأكبر". حاور أيضا عددا كبيرا من الملحدين الذين يعتبر إقناعهم بالدين الإسلامي أسهل من إقناع غيرهم لأنهم وفق قوله "لا يعتقدون بوجود إله أصلا، ولذلك فهم يؤمنون بنصف كلمة التوحيد وهو نفي آلهة الشرك، ولأنهم غالبا يؤمنون بالبراهين العلمية فأنا قادر على مساجلتهم بها لإثبات النصف الآخر وهو وجود الله تعالى، مركزا على الحقائق العلمية الثابتة وليس النظريات المعرضة للتغير". ألقى نائيك أكثر من ألف محاضرة في أرجاء العالم، وعُرف بقوة حجته واستحضاره السريع للنصوص الدينيةالإسلامية واقتباساته المكينة من الكتب المقدسة، فهو يحفظ الكثير من نصوص التوراة والإنجيل وخاصة تلك التي يُكثر رجال الدين المسيحي واليهودي إيرادها، مع إتقانه لحفظ القرآن الكريم والكثير من أحاديث السنة النبوية، ومعرفته العميقة بعلم المنطق والأدلة العلمية. 5034265669001 1aa9e6ba-5d63-4c4b-b3b8-d03e2cee47c5 3d9db57d-5277-497b-8bac-749832d6a5e3 video أسلم على يديه الآلاف في أنحاء العالم مباشرة أو عبر متابعة أشرطته المسموعة والمرئية وبرامجه التلفزيونية على العديد من القنوات في العالم، وقد أدرك بتجربته أن "الأفارقة هم أسهل الشعوب استجابة للحق ودعوة الإسلام، ويليهم الصينيون واليابانيون ثم الشعوب الغربية، أما أصعبها استجابة فهم الهنود لتعدد أديانهم والتمييز الاجتماعي الذي يمارسونه ضد من يترك دينه منهم". يرجع نائيك أسباب نجاحه الدعوي العالمي إلى فضل الله أولا وحرصه في مناظراته على "البحث عن كلمة سواء بين المسلمين وغيرهم"، ثم اعتماده منهج "إفراغ الكأس من المفاهيم المضللة وتصحيحها بمعالجة الذهنيات السلبية، عبر تشجيع المخاطبين على عرض نظرياتهم عن الإسلام حتى ولو كانت مسيئة أو جارحة، ثم أرد عليها علميا مما يسبب ارتياحا وانفتاحا أكثر لديهم". ويضيف: "في حواراتي أستحضر دائما 20 سؤالا عن الإسلام هي الأكثر شيوعا بين غير المسلمين بسبب وسائل الإعلام، ثم أحضّر لها إجابات مقنعة من القرآن والسنة تؤكد صحة عقيدة الإسلام، وأنه دين متسامح ومؤيد لكل ما هو نافع للبشرية، وأما ما فيه من ممنوعات فإنما هي أشياء ضارة بها كالمسكرات (الخمر)، والانحلال الخلقي (الزنا)، والممارسات الاقتصادية الضارة (الربا)". وخلال استضافته في برنامج "بلا حدود" على شاشة الجزيرة-حلقة 13 يوليو/تموز 2016- قال الداعية الهنديإن الإعلام العالمي يصور للعالم أن الإسلام هو مشكلة البشرية، بينما هو الحل لمشكلاتها. وأضاف أنوسائل الإعلام تريد فقط أن تسيء للإسلام وتختار النماذج السيئة من المسلمين، وتبرزهم على أنهم إرهابيون ليقولوا بذلك إن كل مسلم إرهابي. وتابع في الحوار المذكور أنه قبلهجمات11 سبتمبر 2001 ولمدةمئتي عام قبلها لم يطلق مصطلح إرهابي على أي مسلم، ومعظم عمليات القتلوالاغتيال في المئتي عام الماضية قام بها غير مسلمين. ولتصحيح صورة الإسلام وإزالة التصورات الخاطئة عنه، يرى نائيك أنهلا بد للمسلمين من استخدام الإعلام وهو نفس السلاح الذي يستخدم ضده، "وقد أطلقنا تلفزيون السلام بأكثر من أربع لغاتقبل أكثر منعشر سنوات لإزالة هذه التصورات الخاطئة، ويشاهد هذا التلفزيونبالإنجليزية حالياأكثر منمئة مليون مشاهد". وأوضح أن أهم القضايا المثارة عالميا وأكثرها شيوعا عن الإسلام هي الجهاد والتطرف والإرهاب. وعن رؤيته لمستقبل الإسلام ومسؤولية المسلمين في نشره، قال "من واجب كل مسلم تبليغ رسالة الإسلام لغير المسلمين وإزالة التصورات والشبهات الخاطئة عنه بدعوة الناس إلى الحق والتواصي بالصبر". وفي يونيو/حزيران 2010 منعت حكومة بريطانيا -التي زارها سابقا عشرات المرات- نائيك من دخول أراضيها لإلقاء عدة محاضرات متهمة إياه بـ"الترويج للفكر الإرهابي"، ووصفته صحيفة صنداي تايمز بأنه "داعية يحض على الكراهية ويدعو إلى الإرهاب، ولا يحترم النساء لأنه يرى أن تبرجهن أحد أسباب ظاهرة الاغتصاب". أما هو فيقول إن مرد اتهام الصحيفة له بالإرهاب هو أنه أدان قتل الحكومات الغربية للمسلمين في بلدان عدة مثل العراق وباكستان وأفغانستان، بنفس قوة إدانته لهجمات 11 سبتمبر 2001 بأميركا وتفجيرات لندن 2005. ويتهم نائيك -الذي يحظى بإعجاب الملايين ويعد من أشهر الدعاة المسلمين على مستوى العالم- الصحيفة بـ"استخدام معايير مزدوجة"، لأنها هي التي نشرت قبل ذلك إحصائيات تشير إلى أن 25% من البريطانيين يعتقدون أن تبرج النساء يساهم في ظاهرة الاغتصاب، ولم تتهمهم بما اتهمته هو به من "افتراءات". وفي يوليو/تموز 2016 وبينما كان نائيك في زيارة للسعودية؛ اتهمته حكومة بنغلاديش بالتحريض على هجوم وقع في العاصمة دكا في الثالث من الشهر نفسه، وأسفر عن مقتل 22 دبلوماسيا أكثرهم من اليابان وإيطاليا، وقالت إن أحد منفذي الهجوم كان يتابع نائيك على مواقع التواصل الاجتماعي. وبدورها قالت الحكومة الهندية إنها ستعتقل نائيك فور عودته من السعودية "بسبب خطابه الذي يحض على الكراهية والذي كان دافعًا للإرهابيين في هجوم دكا"، وقررت مراقبة بيته وتفتيش مؤسساته. وقد دفعته تلك الإجراءات والاتهامات -التي ينفيها جملة وتفصيلا- إلى البقاء خارج الهند. كما رصدت جماعات شيعية وهندوسية مكافآت مالية لمن يقتله. المؤلفات ألف نائيك كتبا ودراسات عديدة، منها: "مفهوم الإله في الأديان الكبرى"، و"القرآن والعلم الحديث"، و"الأسئلة الشائعة لدى غير المسلمين حول الإسلام"، كما نشر عشرات المقالات والبحوث -التي تتناول قضايا المقارنة بين الإسلام والمسيحية وعلاقة الإسلام بالعلمانية والعلم الحديث- في بعض المجلات الإسلامية الهندية. الجوائز والأوسمة حصل نائيك على عدة جوائز تقديرية، منها: جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم لعام 2013، وجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام 2015. واختارته مؤسسة "إنديان إكسبريس" الهندية عام 2009 ضمن أكثر الشخصيات الهندية تأثيرا، كما كان ثالثا في قائمة عشر "شخصيات روحية" هي الأقوى تأثيرا في الهند.