×
محافظة المنطقة الشرقية

باحث في شؤون المساجد: المملكة تصرف 100 مليار على 115 ألف مسجد

صورة الخبر

خطا الجيش السوري خطوة أخرى نحو السيطرة على حلب، وقطع أوصال مناطق سيطرة المتمردين. وصارت السيطرة على المدينة كلها مسألة وقت فحسب. إضعاف مواقع المتمردين في حلب هو نتيجة عدد من العوامل، محليّة ودوليّة على حد ســـواء. ويعود التقويض هذا إلى الخلافات داخل الائتلاف المعارض «فتح حلب»، الذي يوجه دفة الدفاع عن عاصمة الشمال السوري. وبدأت الصراعات بين المتمردين في إدلب وحلب، إثر تغيير اسم «جبهة النصرة» للتقارب مع قوى معارضة أقل تطرفاً. ومن جهة، كان هذا التغيير يساهم في رص صفوف المتمردين، ولكن من جهة أخرى، رأى المجتمع الدولي أنه يطعن في صفتهم «المعتدلة». وأدّت الخلافات في «فتح حلب» إلى انسحاب المجموعات الموالية لتركيا. وصار هذا التغير واضحاً مع بدء العملية العسكرية التركية «درع الفرات» في آب (أغسطس) 2016. وكان الهدف الرئيسي للأتراك بسط سيطرتهم على الحدود مع سورية، والمنطقة الواقعة بين جرابلس وأعزاز. والخطوة التالية هي السيطرة على بلدة الباب. وهذه السيطرة هي الجسر إلى شرذمة أوصال الكانتونات الكردية في شكل نهائي، وتمهد الطريق نحو الرقة. والسيطرة على الباب يقتضي نشر الجيش التركي أكبر قدر ممكن من القوات الموالية له في شمال محافظة حلب، وليس في المدينة نفسها التي انحسرت أهميتها العسكرية الإستراتيجية. ومع ذلك، يشير نجاح قوات الحكومة السورية في حلب إلى أن الأسد لا يزال يمتلك قدرات تعبئة، والحديث عن استنزاف النظام أمر مبالغ فيه إلى حد ما. وما لا يقل أهمية هو أن مشاركة روسيا في المعارك الأخيرة ثانوية. فموسكو - التي جوبه قصفها للمدينة بتنديد المجتمع الدولي وأضرّ بسمعتها ما يعوق الحوار مع الغرب - قررت، في الأسابيع الأخيرة، الامتناع عن شن ضربات جوية مباشرة في حلب المدينة، والانصراف إلى ضرب محورها الجنوبي - الغربي لمنع محاولات المسلحين كسر حلقة الحصار والانتقال إلى الهجوم المضاد. ويبدو أن موسكو تراهن على عودة محتملة للحوار الأميركي - الروسي حول سورية، إثر تولي دونالد ترامب إدارة البيت الأبيض، ما يحملها على خطوات مدروسة العواقب في سورية. فالمصالح الروسية أهم في حسابات الكرملين، والصراع السوري لا يستحق إطاحة العلاقات المتوترة مع الغرب. وحلب تقع اليوم عند تقاطع مصالح (مناطق نفوذ) روسية - تركية - كردية (أي أميركية). والتطور الأنسب لروسيا هو استتباب السيطرة على حلب في 2017، باللجوء الى أدنى مشاركة ممكنة للطائرات الروسية. ويساهم في تذليل المعوقات أمام مثل هذا الاستتباب، تراجع أهمية حلب في سلم أولويات معظم اللاعبين الإقليميين وانحسارها إلى مراتب ثانوية، وهو أمر طبعاً يفاقم عسر أوضاع المتمردين في الأحياء الشرقية من المدينة. وليس الاستيلاء على حلب بعيد المنال، ولكنه لن يؤدي على الأرجح إلى «تغييّر جذري»، وهي عبارة لا يمل السياسيون السوريون والروس من تكرارها. وعلى الأرجح ستلقى حلب مصير تدمر، التي كانت قيمتها الرمزية تفوق قيمتها العسكرية الإستراتيجية. ويبدو أنّ السبيل اليتيم إلى تسوية النزاع السوري هو تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ مع الحفاظ الإسمي على وحدة أراضيها. إن سورية التي تعاني فعلياً من نفوذ اللاعبين الخارجيين على أرضها، ستلقى مصير ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن مع عواقب أكثر خطورة. ولم تحسم بَعد مسألة من سيسيطر على الأرض التي يحتلها تنظيم «داعش». ويحمل الغموض كلاً من الأتراك والأكراد والأسد على الإعداد لهجوم محتمل على عاصمة الإسلاميين، الرقة. فالمواجهة في سورية تتجه تدريجاً إلى الشرق.     * أكــاديــمي مخــتص في شؤون شرق الأوســط، عن «أر به كا» الروســية، 29/11/2016، إعداد علي شرف الدين