طغى أخيراً اسم رافي وهبي الكاتب على اسمه كممثل من دون أن يحرز نصراً حاسماً حتى الآن. فبعد أدوار درامية في مسلسلات سورية عدّة، قدّم وهبي ثلاثة أعمال من الطراز الأول على مدار مواسم رمضانية متتالية، هي: «سنعود بعد قليل» و «حلاوة روح» و «العرّاب- نادي الشرق». وفي مقابلة مع «الحياة»، يتحدّت الكاتب والممثّل بجرأة عمّا له وعمّا لدائرة الدراما التلفزيونية من حوله، من إنتاج وإخراج وتمثيل، وما عليها أيضاً. لا يرى وهبي أن الإقتباس تهمة، فهو يدرك جيداً أنه سلاح ذو حدين، ويعرف أنه في شرع الفنون قديم، ما دام لا يتخطى «الاستلهام» في طريقه نحو «التأصيل» بارتباطه بالفضاء الواقعي المحلي. يقول: «أنطلق دائماً من فكرة أن الفن هو مرآة المجتمع، لذا لا يمكنني كتابة عمل جيد ان لم يكن على ارتباط بالواقع، هذا الإرتباط قد يكون مباشراً ومتعلقاً بالحدث كـ «حلاوة الروح» أو مرتبطاً بي شخصياً كـ «سنعود بعد قليل» أو كـ «نادي الشرق» الذي أعد أساساً كمقاربة محلية لمافيا الفساد خلال العملية الانتقالية التي عاشتها سورية بين عامي 2000 و2010، ومدى مسؤوليتها في ما جرى لاحقاً». يؤكد وهبي أن «اختيار اسم «العرّاب» كان فيه ظلم، وكلّ من تابع العمل أدرك أنه مسلسل واقعي سوري، أتحدّث فيه عن السنوات التي سبقت الاحداث في سورية لرؤية مدى تأثيرها على ما حصل، هل كنّا في حال احتقان اجتماعي؟ مطلبي؟ لأي درجة كان الفساد مؤثراً؟ هل يتحمل كامل المسؤولية عما حصل من حرب او هناك عوامل أخرى؟ أمّا في المضمون فالعمل هو محلي خالص لكنّ التسمية هي ذريعة إنتاجية وحجة لوعد المشاهد والمحطات بوجود مافيا وغموض وحركة»، مضيفاً: «أنا سميته «سفينة نوح»، لكنّ المنتج اختار الاسم الجديد لأسباب تسويقية وركّز على «العراب» كعمل مقتبس من الفيلم والرواية، لكننا أنا والمخرج والعمل دفعنا ثمن التسمية كقيمة فنية، لأننا حوسبنا على أساس اننا نقتبس من العرّاب». يجيب وهبي عن تساؤلات حول شخصيات عمله الأخير، ما إذا كانت تشير الى أشخاص محددين، قائلاً: «اعتبر ان البحث عن النموذج المقصود إساءة وتسطيح للعمل، لأنه يهمني ان يتحوّل النموذج الى رمز للفساد، فتعمدت أن أضع إشارات تتعلق بالكثير من الأفراد في المجتمع السوري، كي لا أدين شخصاً محدداً بل كي أدين الفكرة بشكل عام». وحول ما قيل عن إضافة جمال سليمان بعض الجمل في حواره، يوضح وهبي أن سليمان «كان له بعض الإضافات بعد نقاش بيني وبينه وبين المخرج حاتم علي»، من دون أن يحددها. ويكشف وهبي عن بعض خبايا الجزء الثاني بعد اتفاقه مع المنتج والمخرج على بدء التحضير، قائلاً: «اتخذنا القرار ووضعنا التواريخ، سنكمل زمنياً في العمل بالشخصيات نفسها، لا اعرف الى أيّ درجة سأتمسّك برواية «العرّاب» أو الفيلم المقتبس عنها. أعتقد أنني قادر على الابتعاد عنه بالكامل بعدما ابتعدت عنه في شكل جيّد في الجزء الأوّل، أما وجود «أبو عليا» (جمال سليمان) فمن الممكن ألا يكون موجوداً في الجزء الثاني». وبعد إلحاح لطيف، يتابع وهبي: «سيتصدى لمسألتين مهمتين، صراع داخلي في العائلة بين الإخوة على ما تبقى بعد بداية الانهيار، وستكون هناك عودة للعائلة بقوّة لكن بعد ان يجدوا مفتاح القوة، وسيكون للحيّ العشوائي مساحة أكبر». وفي حين يعبرّ وهبي عن تحقيق الصورة نتيجة قريبة من النص بنسبة 85 في المئة، يؤكد حرصه في الجزء الثاني على انهاء النص قبل البدء بالتصوير لمناقشته والتعديل فيه، وتلافي بطء الأحداث. إلى ذلك يلفت إلى تزايد «حذف المشاهد» من المحطات، موضحاً: «حذفوا الكثير من المشاهد قبل أن يكتشفوا ان ذلك يؤذي العمل، لذلك بدأوا بتخفيف حدّة الحذف. اليوم لدينا اعمال مهمة تناقش مواضيع مصيرية على محطات لا يعنيها الا المشاهدة والإستقطاب». وحول تأديته شخصية «يامن» في العمل والمعادلة القائمة بين التمثيل والكتابة داخله، يقول وهبي: «لم أكن أريد أن اجسد شخصية «يامن» في خط العنف، كانت رغبتي أن أجسد دور «نورس» الذي لعبه حاتم علي، لكنّ المميز في «يامن» أنه شخصية مختلفة ظهرت كشخص عنيف وقاسٍ، لكنني اكتشفت من ثمّ أنه ضعيف وطفل احياناً يفتقد الأمان، وهذا أهم على مستوى الرسالة، لأن ثمة شخصاً ربّاه ليكون كذلك». ويضيف: «في العملية الفنية، الممثل هو تابع، على رغم نجوميته، هو اداة لتقديم العمل. أشعر بأنني في مكاني عندما أكون أساس العمل ككاتب حيث أعبّر أكثر. لكنّ جمالية التمثيل تكمن في شغف تقديم شخصية مختلفة عنك من جهة، والشهرة من جهة أخرى. أنا استمتع بالعملين، لأنّ الكتابة تمكنني أيضاً من أن العب كل الشخصيات، حتى النسائية منها. يمكنني أن أفصل بين رافي الممثل ورافي الكاتب، التمثيل يعيدني إلى طفولتي أكثر، بينما الكاتب يجعلني اكبر واكثر جدية، لكنه ممتع جداً. إنهما متعة اللعب والفكر». وعلى رغم نجاح «نادي الشرق»، يوضح وهبي سبب شعوره بالإحباط. «للأسف هناك عدد من الكتاب بدأوا يهاجمونني. أوّد ان اقول لهم انني محبط جداً وحزين بسبب تلميحات واتهامات بحقي، انا لم أغضب منهم بقدر ما احبطت. بعضهم يتهمني باللجوء إلى المنتج الخليجي بسبب المال، أقول لهم، ليس لديّ اي علاقة مع أي منتج، انا اكتب العمل وأبحث عن المخرج المناسب له ومن ثمّ ارى المنتج. نحن السوريين اليوم أحوج ما نكون الى دعم تجارب بعضنا بعضاً، ويؤسفني ان يهاجمني اساتذة وزملاء، لذا أقول لهم: جرحتموني كثيراً، فتوقفوا، من المعيب ما تفعلونه». وأما عن جديده إضافة إلى «العرّاب- نادي الشرق»، فيؤكد وهبي جدية «خبز وملح ودم» الذي بدأ كتابته منذ العام الماضي ولكنه تعثر انتاجياً، مشدداً على رغبته هو والمخرج الليث حجّو في تقديمه هذا العام. ويتحدث في هذا الإطار عن ميزات ثلاثة عند أهم المخرجين الذين عمل معهم. «الصورة والدلالات لدى شوقي الماجري، والحساسية العالية لدى الليث حجّو والشراكة الدائمة معه، وقدرة حاتم علي على تقديم هوية العمل وصيغته من خلال توازن العناصر الفنيّة».