في لحظة غير متوقعة، وبعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء، صدرت سلسلة أوامر ملكية سدت المناصب الوزارية الشاغرة، ودفعت بثمانية وزراء جدد لوزارات كانت محل سهام النقد، لضعف أدائها وسلبيتها في قضايا كثيرة، وتباطئها في أداء دورها. في المجلس الوزاري بقي النشطون، وانضمت إليهم مجموعة يشهد لها أداؤها وتجربتها في مجالاتها السابقة، فجاء الاختيار دقيقاً وبارعاً يصنع من المجلس الجديد خلية نحل، فيصطف الجدد من وزراء الخدمات إلى زملائهم الجادين المجتهدين، مثل خالد الفيصل ومحمد العيسى وتوفيق الربيعة وعادل فقيه، ليكون المجلس الجديد خلية عمل مكتملة، تجمع حقاً وصدقاً نخبة البلد وأبرز أفراده وأكثرهم إنتاجاً واجتهاداً، باستثناء الدكتور سليمان أبا الخيل فإن الأسماء الأخرى لم تدخل دائرة الترشيحات ولم تدر حولها الإشاعات التي ملأت المواقع طوال الأشهر الماضية، والأكيد أنها أحبطت أماني ورغبات متطلعين كثر خصوصاً في ما يخص الوزارات الشاغرة. تردد اسم الدكتور سليمان أبا الخيل لوزارة الشؤون الإسلامية استناداً إلى نجاحه الباهر في جامعة الإمام، إذ أنقذها من مظاهر الحزبية وأعاد لها صورتها الأصلية ودروها الفاعل، وهو الأقدر بشجاعته وحزمه ووعيه على أن يعيد الكرة مع وزارته الجديدة بدور قد نرى أولى نتائجه الجمعة المقبلة. الدكتور محمد آل هيازع فارس مجهول ارتقى بجامعة جازان وصنع لها مكانة متقدمة، مراهناً على أن العلم يتجاوز حدود الحرم الجامعي، فأرسل طلابه صيفاً وامتيازاً إلى أرقى الجامعات وأرفعها سمعة. المهندس وليد الخريجي عمل بصمت في الصوامع وحررها من البيروقراطية، وبعد أن كانت مؤسسة ذات دور غامض أصبحت خزناً استراتيجياً للوطن، تستشعر السوق وتستبقها وتحرص على أمن البلد الغذائي. الدكتور خالد السبتي رجل دقيق، ربما حرمه منصبه السابق من إظهار قدراته، بينما هو اليوم أمام تحدٍ جدي يعرف تفاصيله ويفهم متطلباته، ولا يتطلب منه الأمر سوى الحزم والقرار الجريء لإعادة الروح إلى الجامعات ومنحها الشخصية الفعلية، وحماية برنامج الابتعاث الذي يشكل مستقبل البلد ورهانه. الدكتور عبدالعزير الخضيري شريك الأمير خالد الفيصل في مراحل كثيرة ويتناغم معه بشكل فريد، فهو رجل جريء حازم يتطلع إلى التجديد والتغيير ويختزن رؤى خلاقة، الحاجة اليوم إلى وزير إعلام قوي يكون دفاعاً عن البلد ونصرة له وترسيخاً لدوره القوي وسياسته الواضحة وتحصين مواطنيه. وزارة الشؤون الاجتماعية كانت ثغرة في العمل الاجتماعي، ولعل الوزير سليمان الحميد يوجه عنايته إلى المستفيدين منه، وهم جميعاً من اليتامى والفقراء وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، فيكون رجلاً ميدانياً يقف بنفسه على شؤونهم ويتابع أحوالهم ولا شك في أنه يستطيع أن يحرك رجال الأعمال بحكم خبرته، ليكونوا أكثر فاعلية في المساهمة الاجتماعية، حتى لا يكون للفقر سجلاً ولا للمساكين حاجة معلقة. لقد أعلن ملك الناس، المهموم بشعبه وتلبية متطلباته، والعامل على أن تكون خدمة المواطن هي الأساس والقاعدة، حتى أنها توجيهه الثابت لكل مسؤول جديد، أن لا تردد في حسم الأمر متى كانت هذه الغاية غير مكتملة أو متحققة، لذلك دفع بهذه المجموعة الجديدة في أضخم تغيير وزاري يرتبط بالناس وهمومهم وحاجاتهم. هذه مقالة احتفائية، فأنا شخصياً فرح بهذه الخطوة الرائعة ومتفائل بها، أما نقد الوزراء السابقين فليس جديداً وليس عيباً أو إساءة، لأن العمل العام ميدان مفتوح لا تُنال ميدالية الرضا فيه إلا بقدر النجاح والتميز، الوزراء الجدد سيحركون الراكد وسيعملون بجد، فلا مجال للتكاسل والتراخي، ولا صبر على السلبي. أكمل الملك عبدالله بن عبدالعزيز خريطة فريق العمل في كل المجالات، وأضحى الامتحان الحقيقي هو مدى استحقاق هذه الثقة والقدرة على ترجمتها عملياً.