×
محافظة الرياض

اعلان عن وظائف شاغرة بشركة اراسكو الأفضلية لسكان الخرج

صورة الخبر

بقلم: د. روعة صالح * الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم. والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي الذي بعثه الله رحمة للعالمين، وجعل من أمته الأمية خير أمة أخرجت للناس. كانت في جاهلية جهلاء، فأنزل الله على رسوله (إقرأ) فأصبحت بها حين قرأت وكتبت؛ معلمة العالم، وحاملة راية الفكر والعلم عن بني البشر قروناً. ينتابنا احساس رائع وشعور أروع بأننا من سكان ومواليد طيبة الطيبة، فنفخر بأننا ننتمي لتراب هذه المدينة الأطهر، فكل شبر في هذه الارض الطيبة يذكرنا بسيد البشر ، ونستحضر كل حالاته، أكانت في غزواته أم حياته أم أصحابه الأطهار رضوان الله عليهم، وعندما نمر بأي أرض تاريخية تحضر تلك الوقائع، ونشعر بها، ونعيشها واقعا. الحنين يتفجر وقتما نكون بمكان كان فيه الرسول الكريم، فتتنزل كل ما قرأناه من سيرته الطاهرة، وما تعلمناه وتربينا عليه من آبائنا -رحمهم الله تعالى-، وها أنا أتذكر والدي -يرحمه الله- وهو يحرص على ترسيخ سيرة رسولنا الأطهر كل يوم، وحديثه الشائق ونحن نسوح بخيالاتنا مع ذلك السرد الساحر، حتى تغلغل كل ما قاله في قلوبنا، تتفجر وقتما نكون في تلك البقاع، وهذه مزية لا تحضر إلا لأهل طيبة الطيبة الذين أكرمهم الله أن يعيشوا في هذه البقعة الطاهرة. هنا سار النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا سابق زوجه أم المؤمنين، وهنا اجتمع بصحابته الكرام، وهنا استقبله أهل المدينة المنورة، في كل ثنية، وكل جبل ، وكل حصن، هناك أشواق للرسول الأكرم وذكرى حاضرة. وكم كانت فرحتي كبيرة، عندما كنت متعاونة مع مركز بحوث ودراسات المدينة ضمن الوفد الذي يشرح للاميرة عادلة بنت عبدالله عن المدينة المنورة، إبان زيارتها الكريمة لها، واستبشرنا خيرا عندما وعدتنا بفعل شي لآثارها، واستبشرنا اكثر عندما قرأت في الصحف عن تلك الاتفاقية التي أبرمت للحفاظ على الثراث المعماري للمدينة. ما الذي استدعاني لأكتب كل تلك الخواطر عن آثار المدينة، وما نحمله في نفوسنا عنها، فأقول إن أعمال الهدم التي طالت كل جزء في المدينة، ونشعر أنها تستقطع شيئا من أجسادنا مع كل آلة حفر . وفي الآونة الاخيرة عندما زرت قصر هشام بن عبد الملك، كم تألمت وأنا أرى ان القصر طالته اليوم أعمال الهدم، وتذكرت زياراتنا الأسبوعية التي يأخذنا شيخنا الموقر المؤرخ لاثار المدينة الدكتور أحمد الشعبي، وكنت مذهولة وانا أشاهد جماليات وفن عمارة هذا القصر، فيالجماله وروعتة، حيث يمتزج جمال المعمار مع جمال البناء، فنرى الغرف جملت بالحجارة المزخرفة، والبرج المهدوم في شكل دائري، وهناك أناقة الشرفة المنهدمة التي تشرف على وادي العقيق، وتشاهد المدينة منها ، حيث يتعاشق ألوان الطين الأحمر والأبيض سويا مع جمال الحجارة المعشقة من جهة ،والملساء من جهة اخرى. وقصر هشام بن عبد الملك أو مسلمة بن عبد الملك بن عروة بن الزبير بن العوام يعتبر من أبرز القصور التي بنيت في العهد الأموي، وأغلب القصور التي بنيت على جانبي وادي العقيق ، وكما ذكر المؤرخ إبراهيم العياشي -رحمه الله- أن أخبار القصر شحيحة جدا في ما يتعلق بالمصادر. وذكر أنه في أسفل الحرة من القصر كانت توجد صخرة كبيرة مكتوب عليها بالخط الكوفي ما نصه حرفيا: أنا مسلمة بن عبد الله بن عروة بن الزبير، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وعلى ذلك أحيا وأموت وأبعث إن شاء الله، والآن يوجد قريبا من الصخرة كتابة تاريخية ذكرالمؤرخون بأنها أقدم كتابة تاريخية في الجزيرة العربية. وعن وضع القصر الآن؛ يستطرد العياشي بقوله: شق طريق جديد من الناحية الشمالية للكتابة التاريخية والذي أدى إلى دفنها مما دفع المهتمين بالآثار بالمطالبة بالحفاظ عليها، فقامت هيئة الآثار بتسويرها لتبدو ظاهرة للعيان، يحتاج القصر إلى محافظة واهتمام كونه يحوي كتابة تعد من أقدم الكتابات. بني القصر من الحجارة وجدرانه من الطين ويقدر طوله ب25 مترا ، وبه بئر منحوتة وهو من المناطق الأثرية التي ينبغي المحافظة عليها، وتقدير قيمتها تاريخيا وصيانتها و إبقاء معالمها واضحة دون تغيير؛ لأنها تمثل جزءا من تراث الأمة المجتمعي التي حافظ عليها السابقون لأكثر من 1400 سنة؛ والآن القصر قائم في موقعه وغير متاح للزيارة لأنه تحول إلى ملكية خاصة قبل 60سنة. وذكر السيد أحمد ياسين الخياري أن القصر آل عن طريق الإهداء من الملك سعود رحمه الله إلى فضيلة القاضي الشيخ محمد الحافظ، فأحيا جميع معالمه القديمة، كما أحيا البئر، وقام بزراعة جميع المناطق المحيطة بالقصر. الآثار التي تربطنا كشواهد وبناء مع أجدادنا وصحابتنا ورسولنا الأكرم لم يبق منه إلا القليل، فهل نحفظه للأجيال المقبلة، نحن لحقنا منه جزءا بسيطا ، والسؤال المرّ؟ هل يلحق أجيالنا القادمة قصر هشام بن عبدالملك ومثيلاتها أم سوف يقال لهم كان هنا قصر هشام ؟.. بكل أسى وتوجع أصرخ: لنبق لأجيالنا ونحفظ ولو جزءا يسيرا من تراث أولئك العظماء. * د. روعة صالح باحثة في التراث وآثار المدينة المنورة باحثة معاونة في مركز بحوث ودراسات المدينة