×
محافظة المنطقة الشرقية

«إعلان أبوظبي»: صندوق دولي وملاذات آمنة لحماية ذاكرة الشعوب

صورة الخبر

اعتبر حقوقي مصري مهتم بملف العدالة الانتقالية أن تجربتي جنوب إفريقيا والمغرب هما الأقرب للحالة المصرية، مقترحا دمج التجربتين في قانون للعدالة الانتقالية، على أمل تحقيق مصالحة وطنية في بلده عبر عملية يرى حقوقيون أنه لا بد لها من شروط وآليات للوصول إلى عدالة سليمة تراعي خصوصية الحالة المصرية. ناصر أمين الحقوقي عضو «لجنة الخمسين» التي صاغت الدستور المصري الراهن، قال لوكالة الأناضول: «تمسكنا بوضع المادة 241 في الدستور، أملا في سن قانون للعدالة الانتقالية يقربنا من نجاحات تطبيقه في جنوب إفريقيا والمغرب». إقرار مثل هذا القانون هو أبرز آمال الحقوقيين في مصر منذ أن أطاحت ثورة شعبية بالرئيس الأسبق حسني مبارك (1981-2011). وتنص المادة 214 من الدستور المصري الذي بدأ العمل به في يناير 2014، على أن «يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له (انتهى في سبتمبر الماضي) بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية (لم يصدر حتى الآن) يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقا للمعايير الدولية». وعقب الإطاحة بأول رئيس مدنى منتخب ديمقراطياً في مصر الدكتور محمد مرسي (2012-2013) يوم 3 يوليو 2013، تقدم أمين وآخرون إلى الرئاسة المصرية وإلى وزارة كانت موجودة آنذاك باسم «العدالة الانتقالية» (ألغيت عام 2015) بمشروع قانون شامل لتطبيق العدالة الانتقالية. لكن حتى الآن، لم يصدر البرلمان المصري قانونا للعدالة الانتقالية، ولم يقدم تفسيرا لهذا التأخير، وهو ما يعتبره البعض مخالفة صريحة للدستور. تجارب في العدالة في جنوب إفريقيا مثلا، نجح الرئيس نيلسون مانديلا (1994-1999) عام 1994 في استحداث مسار «لجنة الحقيقة والمصالحة» بعد 5 عقود من الانتهاكات ضد السود في البلد الإفريقي، وذلك دون محاسبة واسعة لمرتكبي الجرائم. وبشكل واضح، تكرر هذا النموذج في المغرب عام 2004، عبر إنشاء «هيئة الإنصاف والمصالحة»، التي ركزت بصورة كبيرة على تعويض الضحايا. وهو مسار سبقت فيه الأرجنتين، حيث أسست لجنة لتقصي الحقائق وتسوية الانتهاكات التي ارتكبت بين عامي 1976 و1983، وكان من نتائجها إدانة مسؤولين وإصدار قوانين مشروطة للعفو. وضمن ما تعرف بثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس أواخر 2010، بدأ تطبيق قانون العدالة الانتقالية في تونس، عبر تشكيل «هيئة الحقيقة والكرامة» (مستقلة) للإشراف على تطبيق القانون عبر النظر فيما يتردد عن تجاوزات لحقوق الإنسان بين 1 يوليو 1955 (تاريخ الاستقلال)، ثم حكم الحبيب بورقيبة (1957-1987)، مرورا بعهد زين العابدين بن علي (1987-2011)، وانتهاء بحكومة الترويكا (2011- 2013). في المقابل، فشل اليمن في تطبيق قانون للعدالة الانتقالية في ظل الصراع المسلح المتواصل. غير قابلة للاستنساخ تجارب العدالة الانتقالية وبحسب سلوى القنطري مديرة مكتب «المركز للدولي للعدالة الانتقالية» بتونس (غير حكومي)، «لا بد أن تكون لها أرضية تساعد على التطبيق الصحيح، لاسيما وجود مجتمع مدني نشيط». القنطري -التي عملت في منظمات دولية وإقليمية في بلدها وفي مصر- ترى في حديث مع الأناضول، أن «العدالة الانتقالية تعطي درسا مهما بأن الديمقراطية يتم إرساؤها بلا حروب، وفي ظل حوار وتعاطٍ سليم مع حقوق الماضي». ومتحدثة عن التجربة التونسية، تابعت أن «العدالة الانتقالية صارت جزءا من المشهد بمبادرة تشريعية من الحكومة، ونأمل في نقل هذه التجربة إلى أي بلد يدرس تحقيق العدالة الانتقالية، مثل مصر، مع تأكيد أن لكل بلد خصوصيته، فتجارب العدالة لا تستنسخ ولا تستورد». شروط وآليات مستحضرا حقيقة أن لكل بلد خصوصيته، يرى أمين أن «ما ينفع مصر هو دمج تجربتي جنوب إفريقيا والمغرب، فالأولى أنشأت لجنة للحقيقة والمصالحة بعد صراع عنصري صعّب إجراءات الملاحقة، واكتفت بالحقيقة والاعتراف». وبالنسبة للمغرب وفق ناصر، فإن «التجربة قامت، وعبر تعويض الضحايا، على اعتراف الدولة بارتكاب جرائم.. الدولة تفادت المحاسبة». وللاستفادة من تجارب دول أخرى في مصر، يرى أنه «لا بد من أربع خطوات رئيسية هي: تحديد الفترة الزمنية لرصد الانتهاكات، ثم وضع برامج إصلاح تشريعي ومؤسسي، وثالثا وضع برامج تقصي حقائق وتعويض للضحايا، وأخيرا إنشاء مفوضية لتطبيق آلية العدالة الانتقالية والمحاسبة والعفو».;