×
محافظة المنطقة الشرقية

انطلاق حملة أرامكو للتوعية المرورية ببقيق

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي انتهت أزمة راهبات معلولا. أفرج عنهن مقابل أكثر من مئة وخمسين معتقلة في سجون بشار الأسد. واستعرضت وسائل الإعلام في لبنان وسورية كل ما في جعبتها من أدوات التشويق والجذب ومحاولات توظيف الحدث لمصالح سياسية. الاستنكار المبدئي لاختطاف الراهبات ووقوف «جبهة النصرة» وراء احتجازهن، ينبغي ألا يحجبا رؤية عدد من الحقائق التي أحاطت بالمسألة منذ بدايتها إلى النهاية السعيدة (نسبياً) التي آلت إليها. الملاحظة الأولى هي أن النظام السوري ما زال يرى في مواطنيه أوراقاً صالحة لتحسين وضعه السياسي وصورته. وبعد حوالى العام على مبادلة الأسرى الإيرانيين لدى الجيش الحر بأكثر من ألف معتقل لديه، كرر المسؤولون الأمنيون السوريون العملية ذاتها ضمن ظروف شديدة الشبه، لناحية وجود وسيط أجنبي متهم بتمويل «الإرهابيين» (الأتراك في حالة الأسرى الإيرانيين والقطريون في قضية الراهبات)، وتجاهله الوضعَ القانوني للمعتقلين الذين يفرج عنهم والذين غالباً ما يكونون قد أمضوا فترات طويلة قيد الاعتقال الاعتباطي وما يرافقه من سوء معاملة. هذه التفاصيل، على جزئيتها، تعلن للمرة الألف ربما الموقع الحقيقي الذي تحتله حقوق الإنسان والعدالة والقانون في منظومة حكم آل الأسد: الصفر المطلق في مواجهة إرادة أجهزة الاستخبارات المتغولة والحاكمة الحقيقية في سورية. تتعلق الملاحظة الثانية بأداء وسائل الإعلام، خصوصاً اللبنانية المرئية منها، التي تابعت اختطاف الراهبات منذ دخول مقاتلي المعارضة إلى بلدة معلولا التاريخية إلى يوم الإفراج عنهن. لا مفر من القول إن وضع الإعلام اللبناني بات يتطلب عناية عاجلة، ذلك أن الميل إلى التلاعب بالحقائق ودفع الأمور خارج سياقاتها والتذاكي في التعامل مع الوقائع لتوظيفها في الاتجاه الذي يخدم الطرف السياسي الممول للمحطة، صار يتعارض مع الحد الأدنى من شروط الموضوعية والمهنية. وكان مدهشاً فعلا زج اسم بلدة عرسال في كل ما يتناول القضية وما لا صلة له بها على نحو يدعو إلى التساؤل عن مبرر هذا الإلحاح المشبوه، على الأقل. وكان ملفتاً أيضاً، الأسئلة «الذكية» الموجهة إلى الراهبات التي أعلنت المتحدثة باسمهن أنهن لم يتعرضن لسوء من قبل الخاطفين، وكأن المطلوب كان استصدار شهادة إدانة بأي ثمن على نحو يخدم رواية النظام السوري عن المجموعات الإرهابية. الملاحظة الثالثة ترتبط بسابقتها، من جهة استغلال بعض القوى السياسية اللبنانية قضية الراهبات خدمة لمصالحها ودعاويها، فالمبالغة إلى حد الإفراط في استحضار حادثة الخطف من قبل قوى تتجاهل حتى اليوم أن أكثر من ألف وأربعمائة سوري وسورية قتلوا بالغازات السامة التي أطلقها نظامهم عليهم، يدعو إلى الاشمئزاز. وسحب خطف الراهبات إلى ساحات «حماية الأقليات» والخوف على مستقبلها في الوقت الذي يتجاهل الحريصون ذاتهم أن مئات القتلى يسقطون بفعل براميل «حامي الأقليات» ذاته في حلب ودرعا وداريا وغيرها، لا يشير إلا إلى فجوة أخلاقية هائلة الاتساع عند سياسيين ينظرون بعين واحدة إلى مأساة تكاد فظائعها تحجب نور الشمس. الملاحظة الرابعة تتبع سابقتها أيضاً. وعلى من يعتقد، في صفوف النظام السوري وأتباعه في لبنان، أن يقلب الظلم عدلاً والقمع تحريراً ومحاولات ليّ قوانين التاريخ والطبيعة بحيلة من هنا وكذبة من هناك، أن يدرك أنه مخطئ تماماً. وقضية الراهبات في أول المطاف وفي آخره، ليست غير تفصيل بسيط في لوحة الثورة السورية الكبرى، تفصيل أسود وغير مقبول، لكنه لا يمكن ولا يجوز في حال أن يغطي عدالة أهداف الثورة وحقيقتها.