×
محافظة مكة المكرمة

هيئة المساحة الجيولوجية: زلزال جدة إشاعة

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي مع اقتراب زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للعاصمة السعودية نهاية الشهر الجاري، يعوّل مراقبون على نتائج اجتماع الرئيس الأميركي مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، واختبار قدرته في قيادة مبادرة أميركية لرعاية تفاهمات سعودية - إيرانية تجنب المنطقة مزيداً من التجاذبات السياسية، والاصطفاف المذهبي، والصراع الجاري في سورية تحديداً. والسؤال هنا: هل واشنطن مؤهلة في الراهن السياسي لقيادة هكذا مبادرة استراتيجية؟ من الواضح أن إدارة الرئيس أوباما لا تريد إحداث تغييرات في سياستها تجاه المنطقة، وبخاصة في مقاربة الملف الإيراني أو العراقي، أو حتى موقفها المتردد تجاه الأزمة السورية، إذ جددت الأسبوع الماضي رفضها تزويد المعارضة السورية بأسلحة نوعية، وبخاصة المضادة للطائرات، وفرض مسارات إنسانية في سورية، أو حتى اعتماد خطوات متقدمة لإعادة التوازن الإقليمي الذي أطاحت به واشنطن بعد خروجها من العراق لمصلحة إيران. فسياسات الرئيس أوباما حالياً تهدف إلى المحافظة على تماسك الاتفاق الأميركي - الإيراني، وعدم تعريضه لأية انتكاسة تحدث بسبب تغيير الموقف الأميركي حيال سورية أو حتى العراق الذي تم تزويده أخيراً بـ24 طائرة «أباتشي»، لتعزيز موقف نوري المالكي من دون اشتراط إصلاحات سياسية، وتوسيع حجم المشاركة للمكون السني الذي يشعر بالغبن السياسي، ما يجعل ذلك بؤرة تأزيم إقليمية مزمنة. وإضافة إلى ذلك، فإن الرئيس أوباما مقبل على انتخابات الكونغرس خلال الأشهر الستة المقبلة، ما يجعله حريصاً على حماية ما يعتقد أنها مكتسبات للإدارة الأميركية بالمعنى السياسي والاقتصادي، وهذه السياقات السياسية الراهنة للرئيس أوباما تجعل الإدارة الأميركية غير مؤهلة - حالياً - لرعاية توازنات إقليمية مقبولة بضمانات أميركية قادرة في المنطقة، تسهم في خفض مستوى الصراع عبر إحداث تحولات عادلة وطبيعية في المشهد السياسي الإقليمي، وفق المعايير المقبولة في السياسات الدولية. وفي المقابل، لا يوجد تغيير بارز في الموقف السعودي حيال الأزمة السورية لجهة دعم المعارضة السورية، والتمسك بتطبيق قرارات مؤتمر جنيف بإنشاء هيئة انتقالية للحكم وإعادة بناء الدولة السورية الحديثة، وفق تطلعات الشعب السوري نحو إقامة دولة مدنية تعددية ديموقراطية. وما يشاع عن تغييرات في أسماء القائمين على إدارة الملف، فقد تكون - إن حدثت - لأي سبب، عدا وجود تغيير في الموقف السعودي المعلن من رأس الدولة ووزير خارجيتها، والذي يتكرس في شكل متجدد لجهة الدعم السياسي أو المادي للمعارضة السورية المعتدلة، والتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي والدول العربية الفاعلة لمعالجة هذا الملف، وإحداث انتقال سلمي للسلطة، وتطبيق مقررات مؤتمر «جنيف». أما القانون السعودي الأخير الخاص بتجريم مشاركة المواطنين في أعمال قتالية خارجية، فهو لا يعني تغييراً في الموقف من دعم الثورة السورية ومساندتها، بل هو أقرب لاعتبارات داخلية وأمنية تتعلق بمكافحة الإرهاب وتطويقه، وقد تكون هي نقاط الاتفاق الأبرز في هذا الملف بين الرياض وواشنطن، والتي تمظهرت في لقاء وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف مع القيادات الأميركية والأوروبية والإقليمية للدول المعنية بالأزمة السورية في واشنطن أخيراً، ومحاولة تشكيل جبهة إقليمية لمحاربة الإرهاب الذي يتمدد إقليمياً ويكاد أن يعصف بالمنطقة بأسرها، وذلك بالتزامن مع اتفاق تلك الدول على زيادة الدعم المقدم للمعارضة السورية، على رغم استمرار رفض الإدارة الأميركية رفع «الفيتو» عن تزويد الثوار بالأسلحة النوعية المطلوبة، لتخوّف إدارة الرئيس أوباما من اتهامها مستقبلاً بتزويد الإسلاميين بأسلحة قد تستعمل ضد المصالح الأميركية في المنطقة، «مع عدم إغفال البعد الإسرائيلي». هنا يتضح عدم وجود تحولات استراتيجية في مواقف الرياض وواشنطن تجاه ملفات المنطقة، مع تكبيل الديبلوماسية الأميركية بقيود إيرانية وروسية تحد من حراك الإدارة الأميركية إقليمياً، إلا أن رغبة البلدين في تجاوز أزمة الثقة، ومحاولة بناء رؤية جديدة ومشتركة للمتغيرات السياسية، تدفع البلدين إلى أهمية محاولة توسيع الفهم المتبادل للرؤية السعودية من جهة، ولمتغيرات السياسة الأميركية التي أعتقد أن السعوديين يدركون أنها لا تستطيع في شكلها الراهن قيادة توازنات أو تقدم ضمانات موثوق بها للرياض، التي تستند في موقفها إلى مصالح استراتيجية لازمة لأمنها الوطني، بينما يغيب هذا البعد عن الإدارة الأميركية الحالية، لمصلحة المكاسب الآنية وفق المفهوم الأميركي الداخلي.     * أكاديمي وكاتب سعودي alfirm@gmail.com @alfirm