النسخة: الورقية - سعودي قرأتُ أمس على صدر هذه الصحيفة تصريحاً خاصاً بها وجّه فيه وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري تعميماً للجامعات بطلب إفادة حول قبول أبناء وبنات أعضاء هيئات التدريس التابعة لها في كليات الطب وطب الأسنان بنسب ضعيفة، مؤكداً «ضرورة تحقيق العدالة والشفافية والمنافسة النزيهة بين الطلاب». وطالب العنقري بضرورة الإفادة حول ما إذا كان هناك طلاب يُقبلون بدرجات أقل من زملائهم في تلك الكليات الصحية أو غيرها من الكليات النوعية، لأنهم أبناء أعضاء هيئة التدريس. وأوضح أن القبول في الكليات الصحية وغيرها من الكليات التي عليها ضغط كبير وفيها منافسة شديدة يجب أن يتاح للجميع بحسب درجاتهم وعدم الاستثناء مطلقاً. صدقاً لم أستطع تحديد موقفي من تصريح الوزير، فتحقيق العدالة بين الجميع مطلب حضاري مهم، وملمح يشير إلى نضج التجربة التنموية، لأنه يرسّخ نضج التجربة التعليمية، كما أنه يحفّز الطموح للجميع، ويمنع المحسوبيات والاستثناءات إذا تحقق فعلاً على أرض الواقع، وعلى الجميع. من الجهة المقابلة، أرى شخصياً في أعضاء هيئة التدريس الطبي فرادةً وتميزاً، فهم يعلّمون الطب، ويمارسونه، ويعلّمون خريجيه عبر الممارسة الجماعية معهم، وهم يكرّسون حياتهم لهذه المهمة، ويخسرون في المقابل أموالاً طائلة فضّل بعض زملائهم اقتناصها عبر التحاقهم بالمستشفيات العملاقة والراقية في القطاع الخاص، وابتعدوا عن «وعثاء» التدريس، و«كآبة» الهياكل الإدارية في بعض القطاعات، ثم هم احتفظوا بخبراتهم لأنفسهم، لأنها رأس مالهم، بينما من بقي على سدة التعليم يمرر كل يوم خبراته لغيره عن طيب خاطر. إذاً، وهذا رأيي الشخصي نحن في مقابلة موضوعية يجب النظر إليها بتمعن أكثر، وأنا أعتبر إعطاءهم استثناء أو ميزة في القبول مبرراً إذا كان في مصلحة طلاب مميزين ومتفوقين، سواء أكانوا أبناءهم أم من طرفهم، لكن إذا كان لمصلحة طلاب ضعفاء دراسياً، أو غير ملائمين للمهن الطبية التي تتطلب مميزات شخصية ومهارات تعلُّم مختلفة وحتى نفسيات متوازنة، أو إذا كان رغبةً فقط في توريث اللقب أو المهنة التي ربما لا يرغب فيها الابن أو الابنة، فإن ذلك يضر أكثر مما ينفع. الأطباء ذوو الخبرة الطويلة في الممارسة والتدريس لا توفيهم مستويات الأجور الحكومية في جامعاتهم ومستشفياتهم حقهم المادي وبعضهم حتى المعنوي، وربما هذا سبب استشعار الجامعات لقيمة إعطاءهم هذا الاستثناء الذي أتمنى أن من استخدمه منهم كان في مصلحة ابن نجيب، ومن دون أخذ حق طالب مميز ومتفوق آخر. كل أب وأم يتمنى أن يضمن مستقبل ابنه، وبعض الأبناء يسيرون على خطى الآباء، والأمر ليس حكراً على الأطباء المدرسين، إنه ينتشر بصيغ مختلفة، وفي مهن وقطاعات كثيرة، بعضها مبرر وفي إطار نظامي، وبعضها يثير الأسئلة وطلبات الإفادة، لكن قضية الأطباء تحديداً تحتاج إلى النظر في مميزاتهم، ويمكن سحب هذا الاستثناء منهم بصرامة، لكن ماذا سنقدم لهم في المقابل ليبقوا يعلّمون الطب لدفعات كثيرة من أبنائنا وبناتنا. ويبقى أن على الطبيب أن يعلّم أبناءه أنهم يمكن أن يكونوا أفضل منه وربما أنجح من دون أن يرثوا مهنته. mohamdalyami@gmail.com