×
محافظة المنطقة الشرقية

ترقية نوح المطيري إلى رتبة نقيب

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي عرف لبنان الارهاب التكفيري قبل اندلاع الازمة السورية، خصوصاً خلال معركة نهر البارد التي فرضها تنظيم «فتح الاسلام» في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، شمال البلاد، بعد الانسحاب العسكري السوري من لبنان وانهيار النظام الامني المشترك. وعندما تصدى الجيش لعناصر هذا التنظيم التكفيري واعتداءاته على القوى الامنية والمواطنين، عبر اقامة الحواجز وقطع الطرقات والسرقات المسلحة، حاول «حزب الله» ان يطابق بين «فتح الاسلام» واللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم بإعلانه ان المخيم «خط أحمر» لن يقبل باختراقه من جانب الجيش في ملاحقته المسلحين التكفيريين. وقبل معركة نهر البارد، كان تكفيريون يقومون بحملات تعبئة ومخيمات التدريب، في ظل النظام الامني المشترك. وتتولى شبكات، تعمل بعلم الاجهزة الامنية خصوصاً السورية، نقل هؤلاء العناصر المعبئين والمدربين الى العراق للقتال ضد الاميركيين. وعندما كانت الاجهزة اللبنانية تتصدى لتمادي هؤلاء التكفيريين، كان ثمة من يدافع عنهم بذريعة انهم يتصدون للمحتل الاميركي في العراق وحلفائه في المنطقة. لقد كان الارهاب التكفيري يخدم مصلحة محور الممانعة، خصوصاً انه وضع في مواجهة الخصم السياسي الداخلي المتمثل بقوى 14 آذار وتيار المستقبل. وفي الغضون، برزت حوادث متفرقة داخل سورية نفسها تشير الى ان امكانات ضبط الارهاب التكفيري، عندما تفترق الحسابات لدافع من الدوافع وتختلف الاهداف، ليست متوافرة دائماً حتى بالنسبة الى من كان وراء تسهيل التعبئة والتجنيد والتدريب. فالارهاب بكل أشكاله، خصوصاً التكفيري منه، يمكن استغلاله لكن لا يمكن ضبطه عندما ينفلت من عقاله. وأكدت التجارب في كل الدول التي انخرطت بالقتال ضد الغزو السوفياتي لأفغانستان، ورعت مجموعات المجاهدين أن الارهاب التكفيري يرتد دائماً، عاجلاً ام آجلاً، على الداخل الذي خرج منه، على رغم ما كان بينهما، ولا يزال، من دعم ومساندة وتواطؤ. انه سلاح ذو حدين، لكن لا يمكن دائماً اختيار الحد القاطع. وسيرة الارهاب التكفيري الذي استفاد من ظروف في افغانستان وانطلق منها لينتشر منها في كل الاتجاهات، تؤكد ان الظاهرة اصبحت عابرة للأمكنة والأزمنة، بما يزيل عنها صفة الارتباط بقضية بعينها او بلد بعينه. وهذا ما ينطبق ايضاً على لبنان، بما يسقط نظريتين سادتا في المدة الاخيرة. الاولى يروج لها «حزب الله» بقوله انه ارسل قواته الى سورية من اجل توجيه ضربة استباقية للإرهاب التكفيري ومنعه من الوصول الى لبنان. والنظرية الثانية التي يروجها خصوم الحزب بالقول ان ارسال مقاتلين الى سورية هو الذي استدرج الارهاب الى لبنان كرد على المشاركة في القتال الى جانب النظام. وينعكس الموقف السياسي لكل من الطرفين على نظريته، بحيث يسعى الى استغلال الظاهرة الارهابية من خلال إلصاقها بخصمه او كأنها احد افرازات سلوكه. اي ينعدم لدى كل من الطرفين الفهم الموضوعي للظاهرة والتعامل معها على هذا الاساس. والارجح ان المصلحة السياسية تقتضي تجاهل هذا الفهم الموضوعي، لأنه يرتب على صاحبه سلوكيات وتنازلات من غير الوارد ان يقدم عليها حالياً. بالنسبة الى «حزب الله»، يعني وضع الارهاب التكفيري في سورية في اطاره الموضوعي الاعتراف بأن ثمة ازمة متراكمة في هذا البلد، تتعلق بطبيعة النظام الذي جعل الارهاب التكفيري اداة سياسته في مرحلة من المراحل، بما في ذلك لبنان. وهذا يعني اعادة تقويم علاقة النظام بالشعب، وبسلوكه العام خصوصاً لجهة القمع السياسي والارهاب الفكري والنفسي والعنف المادي ضد معارضيه. وتالياً ليست الحركة الاحتجاجية مجرد مظهر للإرهاب التكفيري ومجرد سعي الى استهداف الشيعة. وبالنسبة الى خصوم الحزب، يوجب الاعتراف بأن الارهاب التكفيري يضرب في لبنان، بغض النظر عما يفعله هذا الحزب في سورية، بأن المعالجة تتجاوز اجراءات الخصومة السياسية الى وقفة مع الذات والعلاقة مع الآخر. وفي الحالين، لا يمكن الحد من الظاهرة، سياسياً وأمنياً، إلا بارتقاء الانتماء الطائفي الى مستوى المواطنية، والتخلي عن الاحتكام الى العنف والسلاح ليرتفع الاختلاف المذهبي الى مستوى المنافسة الديموقراطية.