×
محافظة مكة المكرمة

محافظ جدة يوجه بزيادة الاهتمام بالمنطقة التاريخية

صورة الخبر

النسخة: يبدو أن تخصيص 250 بليون ريال (67.5 بليون دولار) لدعم مشاريع الإسكان وحل أزمته في السعودية، غير فاعلة وغير كافية. فوزارة الإسكان ما زالت بلا خطة واضحة لحل الأزمة، على رغم كثرة ما كتب وقيل واقترح. وعلى رغم كثرة الوعود، الا ان كل ما قامت به الوزارة إلى اليوم لا ينبئ بحل ناجع للأزمة. فالوزارة التي بدأت مشاريعها ببناء 500 ألف وحدة، ولم تنجح في تحقيق ذلك، وجاء قرار «أرض وقرض» لينقذها من هذه الورطة، لم تتعلم من غلطتها الأولى. وبدأت في تسويق الوعود، والتبشير بالحل مع إقرار آلية الإستحقاق من مجلس الوزراء. وللأسف فإن آلية الاستحقاق التي رفعتها الوزارة وأقرها مجلس الوزراء قبل ثلاثة أسابيع، جاءت بدورها بعيوب كثيرة، وصبت الزيت على نار أسعار الأراضي المشتعلة أصلاً، أي أنها فاقمت المشكلة التي جاءت لحلها. فالآلية فاجأت الناس بفرض مبلغ يتراوح بين 50 و150 ألف ريال في مقابل الحصول على الأرض، وهو ما لم يكن في حسبان أحد، فكبار الملاكين الذين يحتكرون الأراضي الكبيرة حصلوا عليها مجاناً، وحينما أتى دور المواطن المحتاج فرض عليه دفع مبلغ من المال، لا أحد يعلم في مقابل ماذا. النقطة الثانية هي ان الآلية أدخلت إلى السوق الملتهب أصلاً من هم خارجه، لعدم قدرتهم على شراء منزل وتملكه. فأول بنود آلية الإستحقاق لمستحق السكن هو مقدار الدخل. وتعطي الآلية أولوية لمنخفضي الدخول، ما يجعل الآلية أقرب إلى آلية لتوزيع الإسكان الخيري، وليست آلية إقراض موجهة لحل أزمة متجذرة تعاني منها غالبية أبناء الطبقة الوسطى، حتى أصحاب الدخل المرتفع منهم. وللمثال، فالآلية تعطي القدر الأكبر من النقاط، وهو 20 نقطة (بحسب معيار الدخل) لمن يبلغ راتبه 3 آلاف ريال فقط. ما يعني أن صاحب دخل الـ 3 آلاف سيسدد مقابل قرض الإسكان ما يزيد قليلاً على 1600 ريال لمدة 25 سنة. وهذا معناه أن الآلية خالفت نظاماً آخر يمنع خصم أكثر من ثلث راتب المواطن في مقابل أي قرض. كان أجدر بالآلية أن تبدأ براتب 5400 ريال فما فوق، وبذلك تتمكن الوزارة من استقطاع 1600 ريال قسطاً شهرياً يعادل ثلث الراتب. وتفتح لأصحاب الدخل الأدنى والأرامل ومن في حكمهم، برنامجاً تعاونياً خيرياً ميسراً، بدلاً من حشرهم وإضافتهم في دوامة قروضها، سواء في مقابل الأرض، أو القرض، أو كليهما، فيعجزون عن التسديد لضعف مدخولهم. هناك نقطة ثالثة يجب الإشارة اليها، وهي ان كثيراً من المواطنين ممن لم يستفيدوا من قروضهم العقارية (الجاهزة للصرف) نظراً الى عدم مقدرتهم على تملك الأرض، كانوا يأملون أن يستفيدوا منها، وأن تكون لهم الأولوية. إلا أن المفاجأة أظهرت أن الآلية أهملت هذه الشريحة، ولم توفر لأصحابها الأراضي ليستفيدوا من قروضهم الجاهزة لدى الصندوق العقاري. وهذا عيب كبير في الآلية، فالذي يحتاج الأرض وقرضه جاهز، أهمل وترك في سبيل دعم مواطن آخر ما زال لا يملك أرضاً، ولم يصل دوره في الحصول على القرض. والوزارة بذلك تضيف الثاني الى الأول، ما يفاقم الوضع ولا يحله أبداً. اما النقطة الرابعة فمفادها أن الآلية ضاعفت حجم الطلب بإدخالها لمن هم خارج السوق أصلاً، قبل أن تبدأ بحل مشكلة العرض من الأراضي، التي هي لب المشكلة. وما توقيعها مع المصارف التجارية لإعطاء المواطن قرضاً إضافياً، وتسريع صرف قروض صندوق العقار، إلا مزيد من صب الزيت، ودعم جانب الطلب من دون حل ناجح لأساس المشكلة الذي هو العرض. خامساً وأخيراً، تؤجل الوزارة حل جانب العرض بحديثها عن فرض ضرائب على الأراضي البيضاء، وهو حديث مكرر، تردده الوزارة منذ أكثر من سنة. وليس في الأفق ما ينبئ عاجلاً بفرض هذه الضريبة، وكان الأجدر بالوزارة أن لا تعول على حل ليس في بيدها، وليس في مقدرتها فرضه، ويحتاج الى درس وأخذ ورد بين عدد من الجهات قبل إقراره. هذا إن أقر أصلاً. نذكّر هنا بأن الوزارة تعمل منذ أربع سنوات بمبدأ المحاولة والخطأ، وهو أسلوب غير فعال لحل الأزمة التي طال أمدها. فكل سياسات الوزارة وبرامجها حالياً تدعم جانب الطلب، من دون الالتفات الى لب وجوهر المشكلة الذي هو جانب العرض. ويظهر واقع السوق أن كل سياسة تتخذها الوزارة ترفع أسعار الأراضي أكثر. وإذا أستمرت هذه السياسات من دون حل لواقع العرض، فلن تكفي 250 بليوناً ولا أضعاف هذا المبلغ، ولا تكبيل الناس بالقروض العقارية والإضافية لحل أزمة ما زالت الوزارة تهرب الى الأمام، مع وعود بعلاج جوهرها.