طرح قانون الحشد الشعبي في هذه المرحلة بالذات على مفارقة لتزامنه مع حملة الترويج لمشروع ما يعرف بـ”التسوية التاريخية” الهادف وفق دعاته إلى تصحيح مسار العملية السياسية والتخفيف من حدّة التوتر الطائفي والعرقي بإنجاز مصالحة بين المكوّنات العراقية، الأمر الذي يراه عراقيون متناقضا بشكل صارخ مع تأسيس جيش لطائفة بعينها مسلّح ومموّل على حساب الدولة، ويكرّس المزيد من سطوة أبناء تلك الطائفة على الحياة العامة على حساب باقي الطوائف والمكوّنات. وينص القانون وفق نواب بالبرلمان العراقي قد اطلعوا على مسوّدته، على تحويل “هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة له تشكيلا يتمتع بالشخصية المعنوية، ويعد جزءا من القوات المسلّحة العراقية ويرتبط بالقائد العام لتلك القوات. ويخضع هذا التشكيل ومنتسبوه للقوانين العسكرية النافذة من جميع النواحي. كما يتمتع المنتسبون له بكافة الحقوق والامتيازات التي تكفلها القوانين العسكرية والقوانين الأخرى ذات العلاقة. وتحدد مهام التشكيل، وأجزاؤه ووحداته وأملاكه، وسائر شؤونه الإدارية والفنية والمالية والتنظيمية، بموجب نظام يصدره القائد العام للقوات المسلحة”. غير أنّ متابعين للشأن العراقي يرون تطبيق القانون بحرفيته على الحشد الشعبي سيكون أمرا مستحيلا نظرا لاستحالة قطع صلة الميليشيات الشيعية التي تمثّل النواة الصلبة للحشد بقادتها الأصليين غير المستعدّين للتنازل عن مصدر قوّتهم وسلاحهم في مواجهة منافسيهم وأعدائهم سواء من داخل طائفتهم أو من خارجها. ومن هنا سيؤول القانون الجديد إلى إنشاء جسم عسكري آخر، دون إلغاء وجود الميليشيات. القانون ينص وفق نواب بالبرلمان العراقي قد اطلعوا على مسوّدته، على تحويل “هيئة الحشد الشعبي والقوات التابعة له تشكيلا يتمتع بالشخصية المعنوية، ويعد جزءا من القوات المسلّحة العراقية ويرى متابعون للشأن العراقي، أن مشروع التسوية التاريخية، بالرغم من غموضه ينطوي على محاولة لاستمالة أطراف بعينها للقبول بقانون الحشد الشعبي الذي يتوقع التحالف الوطني أن لا يحظى بموافقة الأطراف الأخرى المشاركة في العملية السياسية. وهو ما يعني أن السياسة في العراق تدار وفق مبدأ “خذ وأعط” . فما تسمى بالتسوية التاريخية لا تنطوي فقط على إعادة إنتاج النظام القائم ، بل تكرس أيضا منطق الخصومة العلنية في ما تجري الصفقات السرية تحت الطاولة بين الأطراف نفسها. ويتوقّع المراقبون ألّا يخرج العراقيون بشيء نافع من مشروع “التسوية التاريخية” التي طرحها زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم وهاجمها نوري المالكي، غير أنه من المؤكد أن إقرار قانون الحشد الشعبي سيلحق بهم الأضرار جميعا، بغض النظر عن انتمائهم الطائفي والعرقي. وقد تكون حصة الشيعة من تلك الأضرار هي الأكبر. ذلك لأن كل المعطيات تؤكد أن نهاية معركة الموصل ستجلب معها انحسارا لوجود الحشد في المناطق ذات الأغلبية السنية، في ظل توقع قيام إقليم سني. وهو ما يعني أن أكثر من مئة ألف مقاتل سيعودون بأسلحتهم إلى مناطق سكناهم ذات الأغلبية الشيعية. الأمر الذي سيزيد من التوتر في تلك المناطق التي ستتعرض للعسكرة في إطار ميليشيوي منفلت. ولتهدئة مخاوف سنّة العراق من تحويل الحشد إلى جيش نظامي تطرح صيغة إسناد 30 بالمئة من العدد الجملي لمنتسبيه إلى أبناء الطائفة السنية، وهي صيغة، ينعتها المعترضون على القانون بـ”التجميلية” وبأنها “لن تحلّ المشكلة طالما القيادة ستظل بيد الشيعة”، هذا إذا سمح أصلا بطبيق هذا المقترح من قبل كبار القادة الحاليين للميليشيات المكوّنة للحشد الذي “ولد شيعيا بفتوى من المرجع علي السيستاني وسيظل كذلك”، بحسب وصف البعض. كما يتزامن طرح القانون المثير للجدل مع قرب حسم المعركة ضدّ تنظيم داعش، والتي كانت قد كرّست تغوّل ميليشيات الحشد الشعبي التي شاركت بفعالية في تلك المعركة. وفيما يفترض نظريا أن ينتهي دور الحشد بانتهاء سيطرة التنظيم على مناطق البلاد، تطلّ بوضوح إرادة قوى وشخصيات سياسية شيعية لإسناد دور سياسي وعسكري للميليشيات في مرحلة ما بعد داعش. ولوّحت تلك القوى باستخدام أغلبيتها في مجلس النواب لتمرير قانون الحشد الشعبي رغم رفض المعترضين عليه. :: اقرأ أيضاً يوم آخر في الكويت: انتخابات بهدف انتقامي لدى البعض تونس تحذر الميليشيات الليبية من المس بأمنها السعودية ترد على دعاية الكساد الاقتصادي بافتتاح مشاريع كبرى روسيا ترسم عبر سلاح الجو السوري حدود التدخل التركي