تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول قالت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة التونسية، نزيهة العبيدي، إن نسبة كبيرة للغاية من النساء التونسيات تتعرض لأشكال متعددة من العنف داخل أسرهن وخارجها، مشددة على ضرورة التصدي لهذه الظاهرة التي وصفتها بالخطيرة. وقالت العبيدي، في مقابلة مع وكالة الأناضول بمقر الوزارة في تونس العاصمة، إن "أكثر من نصف نساء تونس يتعرضن للعنف في الوسط الأسري، الذي من المفروض أن يكون مصدر الأمان.. وحوالي 90 بالمائة من النساء يتعرضن للعنف في الحياة العامة، مثل الشوارع ووسائل النقل ومواقع العمل.. وهذه الظاهرة لا بد من مناهضتها". هذا العنف ضد المرأة، بحسب العبيدي، يمثل "ظاهرة خطيرة.. والعالم يشهد تحولات، والمنطقة العربية تعيش بالخصوص هذه التحولات، ولاسيما العنف"، موضحة أن "العنف لا يأخذ فقط شكل الاعتداء الجسدي، فهناك العنف الاقتصادي والنفسي والسياسي والمعنوي والجسدي". ولا يقتصر هذا العنف على مرحلة عمرية محددة، فهو، وفقا للوزيرة التونسية، "يمسّ المرأة في جميع مراحل حياتها.. طفلة وشابة وامرأة وكهلة.. والمؤشرات العالمية والدولية تدق ناقوس الخطر". تأثير العنف على التنمية وحذرت العبيدي من أن "العنف ضد النساء يحدّ من التنمية، فالوقت التي تقضيه المرأة المعنفة (المعتدى عليها) في المستشفى وفي رفع دعاوى لدى الشرطة له مقابل اقتصادي"، مشددة على أن "العنف في تونس يمسّ كل الفئات المتعلمة والأستاذة والمهندسة والطبيبة". ومستنكرة، تساءلت: "كيف في تونس، التي راهنت على العنصر البشري، أن نتصور أن مرأة لا تذهب إلى العمل؛ لأن على جسدها آثار عنف وفي حالة تدهور نفسي، خاصة وأن أكثر من نصف النساء هن من أصحاب الشهادات (التعليمية) العليا، و(بعضهن) في مناصب صنع القرار والمسؤولية". الوزيرة التونسية شددت على أنه "إذا أردنا النهوض بمجتمعنا وبكافة مجتمعات العالم، فعلينا مواجهة هذه الظاهرة التي تعيشها النساء في كل العالم.. لابد من حماية الإنسان عامة، والمرأة خصوصا؛ فهي عنصر أساسي في التنمية.. القوانين التي تناهض العنف ضد النساء تنعكس في الواقع على الأسرة والمرأة والأطفال". معاناة المرأة الريفية وتحدثت تقارير إعلامية تونسية، في الفترة الأخيرة، عن معاناة النساء الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي، وتعرضهن لكثير من حوادث السير، بحكم وسائل النقل الرديئة التي يستعملونها. وفي 15 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الموافق لليوم العالمي للمرأة الريفية، وقعت وزارة المرأة والأسرة والطفولة التونسية اتفاقا مع الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في تونس) واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتحاد أصحاب العمل) والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد والبحري (اتحاد المزارعين). وهو اتفاق يهدف، بحسب العبيدي، إلى "حفظ كرامة العاملات في القطاع الفلاحي عبر وضع كراس شروط (مدونة قانونية).. فضلا عن وجود لجنة لصياغة قوانين لحماية حق المرأة في التغطية (التـأمين) الاجتماعية خاصة في حالات المرض والحوادث". وبشأن نقل عاملات القطاع الفلاحي، قالت إن "هناك كراس شروط خاص بإحداث (وسيلة) نقل خاص بالعاملات والعمال في القطاع الفلاحي". وغالبا، ما تتنقل النساء التونسيات العاملات في القطاع الفلاحي في شاحنات صغيرة معدة أساسا لنقل البضائع؛ ما يعرضهن إلى حوادث كثيرة. ومن أصل تعداد سكان تونس البالغ أكثر من 11 مليون تنسمة، تُقدر نسبة النساء بـ50.2 بالمائة مقابل 49.8 بالمائة من الرجال، ووفق أحدث إحصاء للمعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، والذي قدّرت دراسة أنجزها عام 2011 أن 32 بالمائة من نساء تونس يعشّن في الريف. وبحسب الوزيرة التونسية، فإنه "رغم أن القانون ينصّ على المساواة بين المرأة والرجل في الأجر بالقطاع الفلاحي، فإن المرأة تقبل بأجر أقل من الرجل؛ تضحية منها لتوفير القوت لعائلتها ومواجهة مصاعب الحياة". وأضافت العبيدي أن "هناك قانونا في مجلس نواب الشعب (البرلمان) ينسحب على مناهضة العنف بأشكاله، ومنها العنف الاقتصادي (التمييز مثلا في الأجر) تجاه المرأة في كل الأوساط، بما فيها المرأة في الوسط الريفي". وفي يوليو/ تموز الماضي، أقر مجلس وزاري في تونس مشروع قانون يهدف إلى القضاء على العنف ضد النساء، وينتظر أن يعرض خلال الأيام القادمة على مجلس نواب الشعب للتصويت عليه. وتابعت: "سنفتح أخر الشهر الجاري خطا هاتفيا أخضر (مجاني) للنساء ضحايا العنف، وخطا أخر لمناهضة العنف ضد الطفولة". وحول ما يتردد عن النساء اللواتي استقطبتهن تيارات إرهابية، وإن كانت الوزارة تملك أرقاما حول عددهن، أجابت الوزيرة التونسية بأن "الحديث صعب عن هذه الإشكاليات في هذا العالم المتغير والمتحول، وفي تونس بالذات، ولا يمكن أن نرصد كيف تتطور هذه الظاهرة ؛ لعدم توافر إحصائيات". العبيدي تابعت بقولها: "نعمل على الجوانب الوقائية أكثر من الظواهر التي أصبحت أمرا واقعا؛ لذلك لدينا برامج منها الخاص بإعداد المرأة للحياة العامة، وإعداد المرأة في مواقع صنع القرار والمسؤولية". ملفات اضهاد وبشأن ما تعتزم وزارة المرأة القيام تجاه النساء اللواتي تعرضن للاضطهاد خلال حكم الرئيس السابق، زين العابدين بن علي (1987 - 2011)، قالت إن "العدل هو أساس العمران.. وكلما غاب العدل تضررت المجتمعات.. لن نكون ضد العدل والعدالة والحق والكرامة، وهذا نتفق فيه جميعا في تونس". وتلقت "هيئة الحقيقة والكرامة" 14 ألف و602 ملف عن اضطهاد تعرضت له نساء تونسيات بين يوليو/ تموز 1955 وديسمبر/ كانون الثاني 2013، ، بحسب تصريح رئيسة لجنة المرأة في الهيئة، ابتهال عبد اللطيف، للأناضول في وقت سابق. و"الحقيقة والكرامة" هي هيئة دستورية جرى تأسيسها بمقتضى القانون رقم 53 لسنة 2013، وتشرف على تطبيق قانون العدالة الانتقالية عبر النظر فيما يتردد عن تجاوزات لحقوق الإنسان منذ 1 يوليو/ تموز 1955 (تاريخ الاستقلال عن فرنسا)، ثم حكم الحبيب بورقيبة (1957- 1987)، مرورا بعهد زين العابدين بن علي (1987- 2011)، وانتهاء بحكومة الترويكا (2011- 2013). قمة دولية في إسطنبول وبمشاركة الوزيرة التونسية، تستضيف مدينة إسطنبول التركية، اليوم الجمعة وغدا، "القمة الدولية الثانية حول المرأة والعدالة"، التي تنظمها وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية. وقالت العبيدي إن "هذه القمة تجمع 20 دولة، وهي قمة مهمة ضمن الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة". وأوضحت أن "قمة إسطنبول تهدف إلى توحيد الرؤى في إطار الاتفاقيات الدولية واحترام حقوق الإنسان، التي هي جزء لا يتجزأ من القيم الكونية". كما تناقش هذه القمة دور المرأة في عملية بناء السلام، وتناول وسائل الإعلام لقضايا المرأة، والتحديات أمام النساء ذوات الاحتياجات الخاصة، والمرأة والإرهاب، والإتجار بالمرأة، إضافة إلى سبل تحقيق المساواة بين الجنسين في المجال السياسي. وختمت الوزيرة التونسية حديثها بالإشادة بالعلاقات بين تونس وتركيا، مشددا على أنها "ليست علاقات حينية، بل ضاربة بجذورها في التاريخ، لاسيما وأن هناك علاقة عضوية بين (الرئيس التركي الراحل مصطفى كمال) أتاتورك (1923- 1938) و(نظيره التونسي) الحبيب بورقيبة"، في إشارة إلى الأسس العلمانية التي قام عليها حكم كل منهما. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.