في ظل استمرار المعارك مع تنظيم الدولة الإسلامية، طرح التحالف الوطني الحاكم في العراق مشروع "التسوية التاريخية"، في محاولة لحل جميع مشكلات البلاد السياسية والأمنية بعد الانتهاء من مرحلة تنظيم الدولة. ويبدو أن المشروع الذي تبناه المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، والذي حظي بتأييد أممي ودولي، بات محل خلاف داخل التحالف الشيعي الذي ترفض بعض أطرافه الحديث عن تسوية تسمح بإعادة شخصيات ترى أنها كانت السبب في تأزيم الأوضاع بالبلاد. وكان الحكيم قد أعلن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن مبادرة للمصالحة الوطنية باسم "التسوية التاريخية"، تهدف إلى مصالحة تاريخية عراقية للوصول إلى تسوية نهائية بعد زوال تنظيم الدولة. ويقول القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي فادي الشمري إن الوثيقة هي مشروع التحالف الوطني وليس المجلس، موضحا أن "القوى الشيعية الثمان أجمعت عليها، وشكلت لجنة برئاسة إبراهيم بحر العلوم لمتابعتها". الشمري: الأمم المتحدة لها دور في مناقشة الوثيقة باعتبارها الجهة الضامنة لها(الجزيرة) دور أممي واعترف الشمري أن الأمم المتحدة كان لها دور في مناقشة الوثسيقة باعتبارها الجهة الضامنة لها، ولفت إلى أن الوثيقة "اعتمدت التراكمات وما أنجز من مشاريع سابقة، للخروج بوثيقة مرنة تم تحديد الثوابت ذات البعد الوطني منها". وأوضح أنأبرز الجوانب المرنة في الوثيقة هي "الخلاف حول الدستور وإمكانية تعديله، وتشريعات طبيعة الدولة، وهوية النظام الاقتصادي في البلاد وغيرها من النقاط"، مضيفا أن "المبادرة تتحدث عن تنظيم العلاقة بين المكونات وليس الأفراد". لكن الشمري أكد أن "الوثيقة قد تتفاهم مع البعثيين المؤمنين بالنظام الجديد وكل من يحقن دماء العراقيين"، نافيا وجود رفض من قبل أطراف التحالف للوثيقة، وقال "لقد وقعت القوى الثمان عليها والمالكي أحدهم". وسبق لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أن قال إن التسوية السياسية للتحالف الوطني "لا تشمل من تسبب في أزمة الاعتصامات وجاء بالإرهاب". الغراوي: كتلة الأحرارترفض بنود الوثيقة (الجزيرة) رأي آخر في المقابل أكد ماجد الغراوي النائب عن كتلة الأحرار (التابعة للتيار الصدري)رفض كتلته لبنود الوثيقة، موضحا أن الكتلة تقاطع اجتماعات التحالف الوطني لأسباب عديدة تتعلق بملف الإصلاحات والاستجوابات وملفات الفساد ومرجعية التحالف. واعتبر التسوية "محاولة لعقد مصالحة وطنية مع الكثير من الشخصيات التي صدرت بحقها مذكرات اعتقال بسبب تواطؤها مع المجاميع الإرهابية". وشدد الغراوي أن العراق ليس بحاجة إلى تسوية، بقدر حاجته إلى إعادة نظر في العديد من القرارات التي أعطت شرعية للطائفية، وأسهمت في تدهور الأوضاع بالبلاد". من جانبه، عدّ كاظم الشمري النائب عن ائتلاف الوطنية (بزعامة إياد علاوي) وثيقة التسوية تكرارا لمبادرات المصالحة السابقة التي طرحت بمسميات عديدة، ويرى أن المشكلة ليست في المبادرات، بل في وجود إرادة سياسية حقيقية لحل جميع المشاكل دون أن تصب في مصلحة طرف دون آخر. الدهلكي: العراق بحاجة إلى وثيقة حقيقية وليست صورية(الجزيرة) أما النائب عن اتحاد القوى الوطنية رعد الدهلكي فقال إن البلاد بحاجة إلى وثيقة حقيقية، وليست صورية كاتفاقية أربيل، ولفت إلى أهمية النظر إلى مضامين الوثيقة التي لم تعرض على اتحاد القوى حتى الآن. لكنه أكد على ضرورة تشريع القوانين وإلغاء المجحفة منها، كقانون المساءلة والعدالة وتحويله إلى القضاء. وتوقع أن يطرح اتحاد القوى وثيقة موازية لوثيقة التحالف الوطني، لإيجاد منطقة مشتركة بين الطرفين. ودعا الدهلكي إلى عدم فرض سياسة الخطوط الحمراء، وأن يتم اعتماد مبدأ التنازل المتبادل من أجل طمأنة الآخرين لعقد مصالحة حقيقية في البلاد. الموسوي: ساسةالعراق يفتقدون الإرادة المستقلة المطلقة التي تمنح صانع القرار تقديم التنازلات(الجزيرة) إبطاء التقسيم ويستبعد المحلل السياسي جاسم الموسوي إمكانية حصول تسوية تاريخية في العراق، موضحا أنه "على مر التاريخ لم نسمع بتسويات تاريخية في البلاد التي عانت حروبا طائفية، بل هناك تسويات جغرافية كما حصل في يوغسلافيا". ويرى أن الساسة في العراق يفتقدون الإرادة المستقلة المطلقة التي تمنح صانع القرار تقديم التنازلات، لكنه أشار إلى أنه قد "يكون هناك في بعض الأحيان قرار مرّ من أجل مذاق مستقبلي حلو". واعتبر وثيقة التسوية "محاولة من قبل الأطراف السياسية من أجل إبطاء عجلة الذهاب إلى تقسيم العراق". وتتضمن الوثيقة "رفض الحكم الدكتاتوري، والتفرد، والالتزام بمحاربة الإرهاب، وإدانة سياسات البعث (الصدامي)، والإبادة الجماعية، والإعدامات والاغتيالات سواء لعلماء الدين أو النخب الوطنية".