×
محافظة المنطقة الشرقية

3650 فرصة وظيفية يقدمها القطاع الخاص في يوم المهنة بجامعة الملك فيصل

صورة الخبر

عمان: «الشرق الأوسط» ذكر خبراء بالأمم المتحدة ومتخصصون في علم المناخ أن أجف شتاء تشهده منطقة الشرق الأوسط منذ بضعة عقود ربما ينذر بارتفاع أسعار الغذاء العالمية مع نفاد المحاصيل المحلية وتأزم سبل العيش للمزارعين. وبدرجات متفاوتة أصاب الجفاف نحو ثلثي الأرض الصالحة للزراعة والمحدودة أصلا في سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية والعراق. وقال محمد حسين، المتخصص في الاقتصاد البيئي بمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) «إذا نظرنا إلى السنوات المائة الماضية فلا أعتقد أننا سنجد خمسة أعوام متتالية شهدت مثل هذا الجفاف». وأضر الجفاف بالفعل بمحاصيل الحبوب في مناطق في سوريا وبدرجة أقل العراق. وبعض الدول المتضررة من الجفاف هي بالفعل من كبار مشتري الحبوب من الأسواق العالمية. وقال ناقد خميس، خبير البذور والاستشاري بالفاو «عندما تجد الجهات المسؤولة عن استيراد السلع الغذائية الأساسية نقصا في الإنتاج ستتجه إلى الأسواق الخارجية، حيث سيدفع الطلب الزائد بلا شك أسعار الغذاء العالمية للارتفاع». ويظهر مؤشر المطر أن المنطقة لم تشهد نقصا في مياه الأمطار على هذا النحو منذ عام 1970 على الأقل. وقال حسين إن هذا جزء من النتائج الأولية لدراسة فنية مشتركة عن إدارة مخاطر الجفاف أجرتها عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة منها الفاو وبرنامج التنمية ومنظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، ومن المقرر نشرها هذا الشهر. وقال خبراء في علم المناخ ومسؤولون إن السلطات المسؤولة عن المياه والزراعة إضافة إلى وكالات الأمم المتحدة المتخصصة بدأت إعداد خطط للإعلان رسميا عن حالة جفاف في الشرق الأوسط تمتد حتى المغرب وجنوبا حتى اليمن. وقال محمد الخولي، خبير الموارد الطبيعية في مؤسسة «بلانينك» الاستشارية الدولية المتخصصة في الدراسات الجيولوجية بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، إن الجفاف يزداد حدة في أجزاء من شرق البحر المتوسط والعراق، في حين يضرب بقوة سوريا مجددا بعد بضع موجات جفاف في العقود الأخيرة. وفي الأردن، وهو واحدة من عشر دول تواجه أسوأ نقص للمياه في العالم، قال وزير المياه والري حازم الناصر، لـ«رويترز»، إن مستويات سقوط الأمطار هي الأسوأ منذ بدء عملية التسجيل قبل 60 عاما. ويقول مسؤولون إنه حتى بعد العاصفة الثلجية القوية المفاجئة التي اجتاحت المنطقة في منتصف ديسمبر (كانون الأول) كانت سدود المملكة ممتلئة بنسبة 42 في المائة فقط انخفاضا من 80 في المائة العام الماضي. وفي لبنان، حيث جرد التغير المناخي منحدرات الجبال من الثلوج المطلوبة لإعادة ملء آبار المياه الجوفية، قال فادي أسمر، استشاري الأنظمة البيئية الذي يعمل مع وكالات تابعة للأمم المتحدة، إن معدل سقوط المطر «أقل كثيرا من المتوسط». وأضاف قائلا إن الضغط على موارد المياه بسبب الإسراف في الاستخدام زاد مع وجود ما يقرب من مليون لاجئ مسجل منذ بدء الصراع في سوريا عام 2011. وإسرائيل هي الوحيدة التي لا تواجه مشاكل حادة، وذلك بفضل استثماراتها الطويلة الأجل في محطات تحلية المياه وتقنياتها الرائدة في إدارة المياه. وفي العراق وسوريا، حيث أغلب الأراضي لا تصلح للزراعة، ستزيد الصراعات الأهلية وعدم توافر منشآت كافية لتخزين المياه من الصعوبات التي تواجهها المجتمعات الريفية المعتمدة على زراعة المحاصيل وتربية الماشية. وتظهر الدراسات الميدانية المستندة إلى الأمم المتحدة أن ما يزيد على 30 في المائة من الأسر في العراق وسوريا وبدرجة أقل في الأراضي الفلسطينية والأردن مرتبطة بالزراعة. وقال حسين «إنتاج المحاصيل آخذ في الانخفاض بسبب الجفاف. لذا نلمس الآن تأثرا في حياة الكثيرين في هذه الاقتصادات الزراعية الرعوية». وفي العراق، الذي كان يتباهى يوما بامتلاك أكبر مساحات من الأراضي الخصبة في المنطقة، لم تمض سوى ثلاث سنوات فقط على انتهاء آخر دورة جفاف كبرى والتي أثرت على أكثر من 73 في المائة من البلاد. وتشير مقتطفات من دراسة تشرف عليها الأمم المتحدة ومن المنتظر نشر نتائجها قريبا إلى أن الجفاف في العراق سيستمر وستزيد شدته في الفترة من 2017 إلى 2026، مما يزيد من اعتماد واحد من أكبر مستوردي الحبوب في العالم على واردات الغذاء الأجنبية. وتقول المقتطفات إن تركيا، التي تنبع منها معظم موارد العراق وسوريا من المياه، خفضت كمية المياه المتدفقة إلى نهري دجلة والفرات من خلال إقامة سدود لتلبية حاجاتها المحلية المتزايدة من الماء. ويوضح خبراء في الزراعة بسوريا أن ضعف الأمطار في البلاد أثر بالفعل على إنتاج القمح المتوقع في 2014 بالمناطق الرئيسة المعتمدة على الأمطار في شمال شرقي البلاد والمفترض أن تكون جاهزة للحصاد في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز). ويشير الخبراء إلى أنه حتى إذا هطلت أمطار وفيرة في مارس (آذار) فإن ذلك لن ينقذ محصول الحبوب المعتمد على المطر والذي هب الزراع أنفسهم بالفعل على استخدامه علفا للماشية. وقال أسمر «حينما يتأخر المطر يذبل محصول الحبوب في النهاية». ومن المتوقع أن يزداد تقلص إنتاج المحاصيل في ذلك البلد الذي كان يتباهى ذات يوم بوفرة محصول القمح. ويعتمد إنتاج القمح في سوريا الآن على المناطق المروية بمياه نهر الفرات والمياه الجوفية التي كانت لا تمثل قبل 2011 أكثر من 40 في المائة من إجمالي الإنتاج السنوي. وقد يقلص الجفاف والصراع إنتاج القمح الإجمالي في سوريا إلى أقل من ثلث المحصول قبل تفجر الأزمة، والذي بلغ حجمه نحو 3.5 مليون طن، بحيث يزيد قليلا على مليون طن في 2014. ويقول خبراء بالزراعة إن أفضل تقديرات لمحصول العام الماضي لم تتجاوز مليوني طن. ويعزو بعض الخبراء في سوريا ارتفاع أسعار الغذاء الذي فاقم التوترات الاجتماعية ومن ثم أشعل شرارة انتفاضة 2011 إلى الجفاف الذي بلغ ذروته خلال عامي 2008 و2009 لكنه امتد حتى 2010. وقال حسين «قبل الاحتجاجات كانت أسعار الغذاء في تزايد. وهذا الارتفاع في أسعار الغذاء أعطى الدافع للاحتجاج.. أي أن هذا حدث بسبب الجفاف وانعدام التخطيط». وقال اقتصاديون متخصصون في المجال الزراعي إنه مما فاقم هذه الصعوبات الاقتصادية تعثر برامج الدعم التي كانت توزع بكفاءة من قبل أسمدة وبذورا بأسعار مدعمة على ملايين المزارعين المتضررين من الجفاف في كل من سوريا والعراق. ويتوقع خبراء بالشرق الأوسط المزيد من دورات الجفاف المتكررة في السنوات القادمة مصحوبة بتأخر مواسم المطر في الشتاء، وهو ما سيلحق ضررا بالفاكهة من خلال الإزهار السابق لأوانه، ويمنع محاصيل الحبوب من النمو بشكل كامل. وقال فادي أسمر «دورات التغير المناخي أقصر الآن، وهو ما يعني في النهاية أمطارا أقل ودورات جفاف أكثر تكرارا».