×
محافظة الرياض

مجلس الوزراء: تحويل الأندية الرياضية التي يتقرر تخصيصها إلى شركات بالتزامن مع بيعها

صورة الخبر

يتجاهل الإرهابيون سبعة شروط للجهاد في الإسلام، مصرين على الانحراف في مفهومه بما يلائم أجنداتهم الخاصة التي تسيء إلى الإسلام والمسلمين. بقي الجهاد في سبيل الله ذروة من سنام الإسلام، وشعيرة من شعائره العظام، وهو سنة ماضية إلى قيام الساعة، ولعل أكبر بلاء على الأمة هذه الأيام الانحراف في مفهومه، والافتيات على ولاة الأمر في إعلانه والقيام به، والخلط في تنزيل أحكامه، حتى أصبحت كلمات الإرهاب والعنف والتطرف الدموي ملازمة للإسلام وأهله عند أكثر الناس. وكان مركز التميز البحثي في فقه القضايا المعاصرة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد أصدر بحثا محكما حصلت "الوطن" عليه، يبحث خطورة الانحراف في مفهوم الجهاد، وحمل عنوان "أسباب الانحراف في مفهوم الجهاد ووسائل علاجه" للشيخ الدكتور سليمان الغصن الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. ويثير البحث بعد استعراضه أهداف وشروط الجهاد كثيرا من التساؤلات حول ممارسات بعض الجهات الإرهابية التي تستغل مفهوم الجهاد بعد تحريفه لتنفيذ أجندات خاصة تسيء للإسلام والمسلمين، مثل داعش مثلا، حيث تطرح تساؤلات عريضة عما إذا المجاهدون الذين انضموا للجماعات الإرهابية قد حصلوا على إذن ولي أمرهم أو والديهم، وما هي عدتهم، أو هل يصح توظيف "داعش" للأطفال للجهاد، وماذا عن حكم تفخيخ النساء وزجهن للجهاد في مناطق الصراع؟ وغيرها من الأسئلة. نصوص فضل المجاهدين يتطرق الدكتور الغصن في بداية مبحثه إلى نصوص فضل الجهاد والمجاهدين، وهي كثيرة ومعلومة، ويؤكد على أن الجهاد يشمل جهاد النفس والشيطان وأهل البدع والفسق والنفاق والكفار، بالنفس والمال واللسان. ولكن المقصود في هذا البحث معناه الخاص الذي ينصرف إليه الكلام عند الإطلاق، وهو مقاتلة الكفار. ولقد قام المسلمون بالجهاد في سبيل الله منذ شرعه الله تعالى لرسوله – صلى الله عليه وسلم – ولا يزال المسلمون يقومون بشتى أنواعه ومجالاته حتى وقتنا الحاضر، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما حاول المخذلون والمشوهون لصورته، والمنحرفون به عن غاياته ومقاصده، كما جاء في حديث جابر بن عبدالله، قال: سمعت النبي يقول "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة". القتال دون التأكد من الضوابط وهنا يشير الباحث إلى أن الجهاد في سبيل الله شعيرة وعبادة يتطلب القيام بها وحصول الثواب عليها تحقيق الإخلاص لله تعالى، وأن يكون الجهاد موافقا لشرع الله. وإذا تخلف الشرطان أو أحدهما فإن العمل مردود على صاحبه، فلا يصح الجهاد ما لم تتوفر فيه الشروط وتنتفي عنه الموانع وتتحقق فيه الضوابط الشرعية والمصالح المرعية، فالجهاد له غايات نبيلة، وقد حصلت انحرافات وفتن وبلايا على بعض المسلمين بسبب قيام فئات من الناس وجماعات بإعلان الجهاد، والقيام بأعمال قتالية في بعض المواطن بلا تأكد من تحقق شروطه وضوابطه. الغاية من القتال ويستدل الباحث على تفسير الشيخ عبدالرحمن بن سعدي لقوله تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله"، قال: "ذكر تعالى المقصود من القتال في سبيله وأنه ليس المقصود به سفك دماء الكفار وأخذ أموالهم ولكن المقصود به هو أن "ويكون الدين لله"، فيظهر دين الله على سائر الأديان ويدفع كل ما يعارضه من الشرك وغيره وهو المراد بالفتنة، فإذا حصل هذا المقصود فلا قتل ولا قتال". أهداف الجهاد وشروطه يشير الباحث إلى أهم الأسباب التي أدت إلى الانحراف في مفهوم الجهاد وتطبيقه وغايات الجهاد وشروطه، ولعلنا نبدأ من شروطه وأهدافه لنصل إلى أسباب الانحراف. فإن من أهدافه الدفاع عن الدين ونشر رسالة الإسلام وإبعاد مظاهر الشرك، قال تعالى: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"، فالمراد بالفتنة هنا الشرك بالله، وفي الحديث عن ابن عمر أن رسول الله قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله". ومن أهدافه أيضا الدفاع عن النفس والعرض والمال، ففي الحديث: "من قتل دون ماله فهو شهيد"، وأيضا يقوم الجهاد بحسب الباحث لنصر المستضعفين ورد العدوان عنهم وإزالة الظلم وكف بأس الكفار. قال تعالى: "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير". وقال تعالى: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". فتلك أبرز مقاصد الجهاد في بحث الكاتب الدكتور الغصن، ويلحظ أن الإسلام لا يهدف منه إلى مجرد قتل المخالفين له، ولا إلى إكراههم على الدخول فيه كما يروج له الأعداء. مخالفة وتدليس لأحكام الشريعة يستعرض الباحث دليل اشتراط إذن الوالدين في حديث عبدالله بن عمرو قال: "جاء رجل إلى النبي يستأذنه في الجهاد فقال: "أحيٌ والداك؟ قال نعم، فقال: "ففيهما جاهد". "انتهى كلام الباحث". بناء على هذه المعطيات، هل استأذن المجاهدون الذين انضموا للجماعات الإرهابية ومنها داعش، إذن ولي أمرهم أو والديهم، وما هي عدتهم، أو هل يصح توظيف "داعش" للأطفال للجهاد مثلما شاهدنا في مشاركاتهم على أعمال العنف والقتل في الكثير من المقاطع الدموية؟. وماذا عن حكم تفخيخ النساء وزجهن للجهاد في مناطق الصراع، وماذا عن أحد الأشرطة الدعائية"، لداعش، والتي وجه فيها المسلح الأصم والأبكم، الذي يدعى أبو عبدالرحمان، رسالته إلى مشاهديه بالقول إن "الطريق مفتوحة إلى دار الخلافة"؟، ألا تعلم تلك الجماعات عن الضرر الذي فيه؟. سبعة شروط للجهاد وفقا للإمام ابن قدامة فإنه: "يشترط لوجوب الجهاد سبعة شروط: الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والذكورية والسلامة من الضرر ووجود النفقة. فإما الإسلام والبلوغ والعقل، فهي شروط لوجوب سائر الفروع، ولأن الكافر غير مأمون في الجهاد، والمجنون لا يتأتى منه الجهاد، والصبي ضعيف البنية، وقد روى ابن عمر قال: "عرضت على رسول الله يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة فلم يجزني في المقاتلة". وأما الحرية فتشترط لما روي أن النبي - صلى الله عليم وسلم – "كان يبايع الحر على الإسلام والجهاد ويبايع العبد على الإسلام دون الجهاد"، ولأن الجهاد عبادة تتعلق بقطع مسافة، فلم تجب على العبد، كالحج. وأما الذكورية فتشترط، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: "يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ قال: "جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة" ولأنها ليست من أهل القتال، لضعفها وخورها، ولذلك لا يسهم لها. ولا يجب على خنثى مشكل، لأنه لا يعلم كونه ذكرا، فلا يجب مع الشك في شروطه. أما الدليل على اشتراط إعداد العدة ووجود القوة والقدرة، قوله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"، فلا يجب على المسلمين الثبات في مثل هذه الحالة التي يخشى عليهم فيها الهلاك، والدليل على اشتراط كون الجهاد تحت راية ولي الأمر وبإذنه: قوله تعالى: "إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه" وقول النبي: "إنما الإمام جنةٌ، يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل كان له بذلك أجر، وإن يأمر بغيره كان عليه منه". أسباب الانحراف في مفهوم الجهاد المتأمل لممارسات الجهاد ومفاهيم الناس له اليوم يدرك حجم الانحراف الحاصل في فهمه، وأهم الأسباب التي يمكن إرجاع هذا الخلل إليها وشرحها مؤلف كتاب "أسباب الانحراف في مفهوم الجهاد ووسائل علاجه"، هي الجهل والهوى والغلو. فالجهل هنا يشمل الجهل بأحكام الجهاد وأدلته وشروطه وموانعه، والجهل بالواقع وتقييمه والجهل بالمآلات وتقديرها. وأما الهوى فقد يكون مصاحبا للجهل، وقد يكون مقرونا بالعلم لكنه يغلب على صاحبه بسبب الغلو، أو الحماسة، والعجلة وقلة الصبر. منحرفون بلا علم هؤلاء المنحرفون رغم أنه لا يوجد فيهم أحد من الراسخين في العلم، ولا ممن شهدت له الأمة بالعلم والدعوة، فإنهم يزدرون كثيرا من علماء الأمة، وربما يتهمونهم في نياتهم ودينهم، ويؤكد الباحث أن الحال وصلت بهم إلى تكفير العلماء الأعلام الذين لا يوافقونهم وينكرون عليهم ممارساتهم القتالية المنحرفة. "لا يفتي قاعد لمجاهد" أبان الباحث أن من البدع التي نقلت عن بعض المنحرفين مقولة: "لا يفتي قاعد لمجاهد" ومن المعلوم أن هذه المقولة لا تصح شرعا ولا عقلا ولا واقعا، فإن المجاهدين ليسوا معصومين، ولا يستغنون عن فتاوى العلماء الراسخين، كما أن القاعدين فيهم الكثير من العلماء المعذورين شرعا في قعودهم، فكيف يحرم المجاهدون من الإفادة من علماء الأمة بهذه البدعة الشيطانية؟.