قتل 27 مدنياً على الأقل، أمس، بقصف جوي ومدفعي لقوات النظام السوري، استهدف الأحياء الشرقية في حلب، في اليوم الخامس من هجوم على تلك الأحياء، فيما تسبب القصف الكثيف في تدمير أحد آخر مستشفيات المنطقة، ودفع المدارس إلى تعليق الدروس للحفاظ على سلامة التلاميذ والمدرسين، بعد الضربات الجوية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن 27 مدنياً على الأقل قتلوا بقصف جوي ومدفعي لقوات النظام السوري، استهدف الأحياء الشرقية في حلب. وأكد مدير المرصد رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس»، أن أي حي في شرق حلب لم يكن أمس، في منأى عن قصف النظام. وأضاف أن «الناس ينامون على دوي القصف ويستيقظون على دوي القصف»، مضيفاً «أنهم لا يجرؤون على الخروج من منازلهم». ومنذ الثلاثاء الماضي، قتل 92 مدنياً على الأقل، وفق حصيلة للمرصد، بقصف لقوات النظام على الأحياء التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في مدينة حلب، التي باتت تشكل ابرز جبهة في النزاع السوري. ونشر عناصر الدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة (الخوذ البيضاء) على صفحتهم على موقع «فيس بوك»، أمس، أشرطة مصورة وصوراً تظهر مدى عنف القصف. وفي أحد الأشرطة المصورة، يظهر متطوعون قرب جثة مضرجة بالدماء في أحد الشوارع، فيما يقول أحدهم «لم يعد لدينا أكياس» لتغطية الجثث. ويهتف آخر «أسرعوا، أسرعوا»، فيما يتطلع المسعفون إلى السماء للتأكد من عدم تحليق مقاتلات فيها. وكتب المسعفون «انه يوم كارثي في حلب المحاصرة، مع قصف غير مسبوق بكل أنواع الأسلحة»، مؤكدين أنهم أحصوا انفجار «2000 قذيفة مدفعية، و250 ضربة جوية». ونقل مراسل «فرانس برس» في الأحياء الشرقية للمدينة، أن هذه الأحياء لاتزال عرضة لسقوط قذائف وصواريخ وبراميل متفجرة. وتعد مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضرراً منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأحياء غربية تسيطر عليها قوات النظام. وشنّت قوات النظام مرات عدة حملات جوية مركزة ضد الأحياء الشرقية، سقط ضحيتها مئات المدنيين، وبدأت في 22 سبتمبر الماضي هجوماً برياً للتقدم والسيطرة على تلك المنطقة التي تحاصرها منذ يوليو. ويعيش أكثر من 250 ألف شخص في الأحياء الشرقية في ظروف مأسوية. ودخلت آخر قافلة مساعدات من الأمم المتحدة في يوليو إلى تلك الأحياء. في السياق، أعلنت مدارس شرق حلب في بيان تعليق الدروس، أمس واليوم، «للحفاظ على سلامة التلاميذ والمدرسين بعد الضربات الجوية الهمجية». ومساء أول من أمس، تسبب قصف مدفعي لقوات النظام على حي المعادي في شرق حلب في خروج مستشفى عن الخدمة بعد تضرره جزئياً. وقال مراسل لـ«فرانس برس» في شرق حلب، نقلاً عن مصدر طبي في المستشفى ان القصف أدى «إلى تدمير جزئي للمستشفى المتخصص في الأمراض العامة»، موضحاً «أن مريضين قتلا بعد إصابتهما بالقصف عدا عن إصابة مرضى في المستشفى، وأفراد من الطاقم الطبي بجروح». وجاء استهداف المستشفى بعد ساعات من استهداف مركز رئيس للدفاع المدني في حي باب النيرب، وخروجه عن الخدمة، وفق مراسل «فرانس برس». وكان القادة الأوروبيون الرئيسون والرئيس الأميركي باراك أوباما، دعوا أول من أمس، من برلين، إلى «الوقف الفوري» لهجمات النظام السوري وروسيا وإيران على مدينة حلب. وقال الباحث المتخصص في الشؤون السورية توماس بييريه، لـ«فرانس برس»، إن قوات النظام تعمل على «الدمج بين القصف الجوي والجوع الناجم عن الحصار، لدفع المقاتلين إلى الاستسلام». وأوضح أن الفرق بين الهجوم الحالي وما سبقه، هو ان «أحياء حلب الشرقية باتت اليوم محاصرة بالكامل، وبدأ سكانها يموتون جوعاً». وتزامن التصعيد العسكري في حلب، اعتباراً من الثلاثاء الماضي، مع إعلان روسيا، حليفة دمشق، حملة واسعة النطاق في محافظتي إدلب (شمال غرب)، وحمص (وسط). وعلى جبهة أخرى، دارت معارك بين «قوات سورية الديمقراطية» وتنظيم «داعش» على مرتفع استراتيجي على بعد نحو 25 كيلومتراً شمال مدينة الرقة السورية، بعد أسبوعين من بدء حملة لطرد المتطرفين من معقلهم في سورية. وأكد مسؤول بارز في «قوات سورية الديمقراطية»، وهي تحالف من المقاتلين الأكراد والعرب، لـ«فرانس برس» تسلم الأخيرة دفعة جديدة من الأسلحة والمعدات من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. وقال إن قوات التحالف تشارك «برياً» في القتال، إلى جانب تقديمها الدعم الجوي للهجوم المستمر منذ نحو أسبوعين لطرد «داعش» من الرقة.