×
محافظة المنطقة الشرقية

خبيران: الدعوة جاءت في الوقت المناسب وتتوافر لها مقومات النجاح

صورة الخبر

حرب داعش تحقق للبارزاني هدف إعادة رسم خارطة كردستان العراق بروز النوازع الانفصالية والمطامح التوسعية لدى القادة الأكراد العراقيين، ليس فقط وليد الوضع الناجم عن الحرب ضدّ تنظيم داعش، ولكنّه نتاج مسار أطول من سياسات الأحزاب الشيعية الحاكمة في البلد منذ سنة 2003 وما سببته من ضعف للدولة العراقية وضياع لهيبتها ومن تفكك لمجتمعها بما أحيته من نعرات طائفية وعرقية. العرب [نُشرفي2016/11/17، العدد: 10458، ص(3)] الراية موجودة والجيش جاهز أربيل (العراق) - قال مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، إنّه اتفق مع الولايات المتحدة على عدم سحب القوات التابعة للإقليم من المناطق التي استعادتها من تنظيم داعش، في أوضح تجسيد لمقولة إن “حدود الإقليم ترسم الآن بالدم” التي كان أطلقها مع بداية انخراط قوات البيشمركة في الحرب ضدّ تنظيم داعش إثر غزو الأخير، قبل أكثر من عامين، لمناطق شاسعة من الأراضي العراقية بينها ما هو متاخم لكردستان العراق، بما في ذلك مناطق محلّ تنازع بين بغداد وأربيل. وشجعت الظروف الطارئة في العراق بعد سيطرة داعش على أجزاء واسعة من أراضيه، ودور البيشمركة في وقف زحف التنظيم على المزيد من المناطق، في مقابل حالة شبه الانهيار التي بلغتها القوات العراقية آنذاك، النوازع الاستقلالية لدى قيادة إقليم كردستان العراق ممثلة خصوصا برئيس الإقليم مسعود البارزاني الذي سبق أن أكّد أنّ الوضع بعد الحرب على داعش لن يكون مثل ما كان قبلها، مؤكّدا إصراره على تنظيم استفتاء شعبي بشأن استقلال الإقليم. كما أتاحت تلك الظروف لأكراد العراق فرصة توسيع حدود إقليمهم إلى مناطق ذات أهمية استراتيجية لجهة الموقع، ولجهة الثروات التي تحتوي عليها على غرار كركوك التي تحوي أراضيها مخزونا نفطيا ضخما، وقد شرعت القوات الكردية عمليا في وضع اليد عليها بشكل نهائي، بل وفي إحداث تغيير ديمغرافي على تركيبتها السكانية من خلال تدمير قرى العرب وتهجيرهم قسرا. وقال البارزاني خلال تفقّده الأربعاء وحدات البيشمركة المقاتلة في بعشيقة بمحيط مدينة الموصل، “دخلنا مرحلة جديدة”، مضيفا “في زيارتنا الأخيرة إلى بغداد، تحدثنا بوضوح عن استقلال إقليم كردستان ونحن متفقون مع الولايات المتحدة على عدم الانسحاب من المناطق الكردستانية”، ومؤكّدا “هذه المناطق حررت بدماء 11 ألفا و500 شهيد وجريح من البيشمركة، ومن غير الممكن بعد كل هذه التضحيات أن نقبل بالتعامل المباشر للمركز مع المحافظات”. كما أعاد البارزاني الدفع بفكرة تنظيم استفتاء بشأن استقلال إقليم كردستان قائلا “أكدنا على وجوب التفاهم وحسن الجوار وتجنب الصراعات وإذا لم نتوصل إلى حل مع بغداد، فالاستفتاء هو الحل”. تركيا تعارض قيام دولة كردية في المنطقة لكنها تساند قيام كيان في شمال العراق غير خاضع لحكومة بغداد وجاء كلام رئيس إقليم كردستان العراق بشأن عدم الانسحاب من المناطق المستعادة في محيط الموصل ليؤكّد ما كان قد ذكره قائد عسكري كبير في قوات البيشمركة بشأن بلدة بعشيقة بشمال شرق الموصل والتي استعادتها تلك القوات مؤخرا من تنظيم داعش. وقال رئيس أركان البيشمركة الفريق جمال إيمينكي، إنّ قواته “لن تنسحب من كل منطقة تحرّرها، وعندما يعود السكان والموظفون إلى بعشيقة ستأتي قوات الآسايش -شرطة كردستان- للحفاظ على الأمن والاستقرار، وعندها ستتمركز البيشمركة في الخنادق وخلف السواتر خارج البلدة”. وتعكس طموحات البارزاني التحديات الجدّية التي تواجه وحدة العراق في مرحلة ما بعد داعش، وهي تحدّيات يعتبرها مراقبون وليدة مسار 13 سنة من حكم الأحزاب الشيعية التي أحيت النزعات الطائفية والعرقية في البلد. ووفق هؤلاء فإنّ كل أطراف العملية السياسية تفكر في ما يمكن أن ينالها من الغنائم في مرحلة ما بعد داعش، وليس البارزاني وحده، بالرغم من أنه كان قد سبق الجميع، حين أمر قواته بقضم أجزاء من محافظة نينوى، من خلال ضمها إلى الإقليم الكردي بعد تحريرها من قبضة داعش. وإذا ما كان الزعيم الكردي يرفع في ما مضى شعار الخوف على الأقليات، وهو شعار يُراد منه تحويل الأنظار عن المسألة السيادية الحساسة التي تتعلق بمصير المناطق التي توصف دستوريا بـ”المتنازع عليها” بين حكومة بغداد وإقليم كردستان، فإنه يرفع اليوم شعار الحفاظ على حقوق المكونات، في وجه حكومة بغداد التي وقعت غير مرة في فخ الميليشيات الشيعية التابعة لإيران بصمتها على ما ترتكبه تلك الميليشيات من خروقات ضد المدنيين من سكان المناطق المستعادة من تنظيم داعش. ووفق المنتقدين للسياسات المتبعة في العراق، فإن ضعف حكومة بغداد هو ما سمح للبارزاني ومن خلفه كتلة “متحدون” التي تسوق نفسها كممثلة لسنة العراق أن يتخذا من قضية إنسانية وسيلة لتبرير تفكيرهما باستحقاقات مرحلة ما بعد داعش، وهي استحقاقات لن يجني منها سكان المناطق المستعادة من داعش شيئا، بل ستذهب إلى طرفين هامشيين في الصراع، في ظل غياب كامل لأي مشروع من جانب حكومة بغداد التي تبدو كما لو أنها تورطت في صراع قد لا يحسم لصالحها. ويلفت هؤلاء إلى أنّ ما لحق بالدولة العراقية من ضعف خلال فترة حكم الأحزاب الشيعية الموالية لإيران أفقدها هيبتها وجعلها مسرحا للتدخلات الخارجية وميدان صراع تركي إيراني حتى أصبحت أنقرة تطالب علانية “بحق” التدخّل عسكريا في الأراضي العراقية. ويبدو الموقف التركي من قضية استقلال كردستان العراق غير واضح، وهي التي كانت دائما تعارض إنشاء دولة كردية في المنطقة ستنتهي حتما بالمطالبة بأجزاء من الأراضي التركية، لكنها اليوم تصمت عن سعي مسعود البارزاني إلى إنشاء كيان كردي قوي في شمال العراق، قد لا يرقى بالضرورة إلى مرتبة دولة، لكنّه لا يخضع في الوقت نفسه لسلطة حكومة بغداد التي تراها تركيا امتدادا لإيران وخادمة لسياستها التوسعية في المنطقة. :: اقرأ أيضاً رسائل إيرانية لواشنطن وموسكو في استعراض حزب الله بسوريا الغرب يتهيأ لوداع فوضى أوباما وتفهم مخاوف العرب تخبط حكومي في التعاطي مع أخطار الطائفية الدينية في الجزائر نائب نصرالله يوجه رسائل نارية إلى عهد عون الرئاسي