×
محافظة المنطقة الشرقية

الفهد مساعداً للمدير العام للتسويق وإدارة المنتج بالخطوط السعودية

صورة الخبر

عبد الله الحارثي يركض الإنسان طيلة حياته في رحلة شقاء لا تنتهي، تبدأ منذ مغادرته مقاعد الدراسة وانخراطه في مجال الوظيفة، يؤسس للزواج والاستقرار ويتناسى النهاية الأهم. يركض هنا وهناك، وهذا الركض لا يتوقف أبدا، ويستمر معه طيلة حياته، يعمل جاهدا لتأمين مستقبل أسرته ومتطلبات حياتهم، ويسعى هنا وهناك لتحقيق أحلامهم في مسكن يؤويهم، البعض يتكبد مبالغ طائلة وقروضا لبناء المسكن الملائم، والبعض الآخر انشغل في ماله وأعماله دون الاستثمار الحقيقي لبيت العمر. قبل أيام، زرت أحد الأصدقاء في منزله ووجدته في حالة إعياء شديدة، دموعه تذرف من عينيه، نظر إلي بكل حسرة وألم وقال: «سامحني، لا أستطيع الجلوس»، أبكاني بكلماته التي ما زال صداها في أذني «غرتني الحياة، وانشغلت في البناء وقطعت التواصل مع الأهل والأصدقاء، أنجزت حلمي ووفرت سكنا ملائما لأولادي، وحالتي الصحية استدعت تقاعدي المرضي بسبب حالتي الصحية». حاولت التخفيف عنه، لكنه بادرني بأسئلة واقعية «ما فائدة الإنسان وهو عاجز، ماذا قدم لنفسه، هل ينفع المال والوجاهة والمنصب في شخص مثل وضعي». توقف عن الكلام، وبادرته: ما أصابك هو اختبار من رب العالمين، وكله أجر وعافية، لا تيأس من رحمة الله، فهو قادر على كل شيء، فرد بقناعة المؤمن بالقضاء والقدر: «الحمد لله على كل حال، أحتاج الدعاء من كل شخص». غادرته والحزن بداخلي، كل فرد منا يصارع في الحياة، لديه طموح يريد تحقيقه في الدنيا رغم أنها ممر والآخرة مقر، نرتكب الأخطاء ولا نعترف بها، البعض يريد من خلالها البروز، والبعض الآخر يصمت دون الدفاع ويكسب الأجر، منهم من يتجاوز الزلات والهفوات، ومنهم من يحرص على ارتكاب المعاصي، وعلى العكس تجد من يسعى في الخير في صمت، ويقدم لنفسه عملا يؤجر عليه في الدارين. البعض يغفل التأسيس للحياة الأهم، والتي تتحقق فيها السعادة الكاملة، ولا تحتاج فيها للديون والمراكز الوظيفية، ولا لقرض ولا أرض، فكم من شخص بنى بيتا لم يسكنه في الدنيا، ولم يفكر في البناء للآخرة. تلك الحفرة التي لا تتجاوز في أبعادها مترا ومترين، لا تحتاج إلى مقاول ومصمم ديكور وسباك ونجار وحداد وكهربائي، بل تحتاج إلى تفكير فيها والبناء لها بالعمل الخالص لوجه الله تعالى.. فماذا نحن فاعلون لذلك اليوم.