متابعة - صفاء العبد: بقدر ما كان الفوز على منتخب بحجم المنتخب الروسي مهما، معنويا وتاريخيا، بقدر ما كان مهما، وربما أكثر أهمية، الخروج منه بمثل هذه الفوائد العديدة التي خرج بها العنابي في المباراة الودية الدولية التي جمعت بين المنتخبين أمس الأول على ملعب جاسم بن حمد بنادي السد في إطار الاستعداد للمباراة المفصلية التي سيخوضها العنابي أمام المنتخب الصيني في الصين يوم الثلاثاء المقبل في خامس جولات منافسات المجموعة الأولى لتصفيات الحسم القارية المؤهلة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم "روسيا 2018" . فرغم كل ما قيل بشأن غياب عدد من لاعبي روسيا المحترفين خارج بلدهم وما رافق ذلك من تجديد في صفوف المنتخب إلا أن الواقع يقول أنه منتخب روسيا، هذا البلد الذي يمتلك حضورا مهما وثقيلا على مستوى الكرة الأوروبية، إضافة إلى أن من مثل هذا المنتخب أمس الأول هم من الركائز الأساسية لأندية كبيرة وعريقة وتتمتع بسمعة عريضة على المستوى العالمي مثل أندية زينيت بطرسبورغ وسيسكا موسكو وسبارتاك موسكو ولوكوموتيف وروستوف وغيرها من الأندية الأخرى التي يعرفها الجميع .. لا نقول ذلك لكي نُجمل الفوز الذي حققه العنابي على نظيره الروسي وبهدفين لهدف، خصوصا أن العنابي كان قد لعب هو الآخر بدون عدد من لاعبيه الأساسيين بضمنهم الهداف الخطير سبستيان، ولكن لكي نوضح الصورة فقط رغم أن الفوز هذا بكل ما يحمله من قيمة تاريخية لم يكن هو الهدف سواء بالنسبة لنا أو بالنسبة إلى المدرب فوساتي وإنما كان الهدف هو الخروج من هذا اللقاء بالفوائد الفنية التي تصب في مصلحة تصعيد استعداداتنا للمباراة المهمة والمرتقبة التي سنخوضها أمام الصين بعد خمسة أيام فقط من موعد هذه المواجهة التجريبية.. وعندما نقول إنها مباراة تجريبية فذلك لأن العنابي كان بأمس الحاجة إليها في هذا التوقيت بالذات خصوصا وأن الجهاز الفني كان قد فوجئ قبل أيام قليلة فقط بالقرار الانضباطي للفيفا والذي قضى بحرمانه من أربعة لاعبين مهمين جدا بسبب ما رافق مباراتنا مع إيران في طهران في الجولة الأولى من هذه المرحلة من التصفيات وهم عبدالكريم حسن وأحمد ياسر وخالد مفتاح ومشعل عبدالله .. ومن هنا كان لابد للجهاز الفني أن يقف عند الحلول المتاحة للتعويض عن مثل هكذا غيابات وهي حلول ما كان لها أن تفصح عن جدواها إلا من خلال مواجهة بمثل هذا الحجم .. وفي الحقيقة فان ذلك بالضبط هو ما كان قد حدث حيث لجأ فوساتي إلى متغيرات مهمة في هذه التجربة وعمد إلى تطبيق مفردات بديلة مع حرصه على تغيير تلك التطبيقات في الشوط الثاني من خلال الزج بستة بدلاء ليخرج بالتالي بانطباعات كانت في غاية الأهمية .. وفي الحقيقة فإن القلق كان يدور بشأن الشق الدفاعي تحديدا لأن دفاعات العنابي افتقدت ثلاثة ركائز مهمة وأساسية في خط الظهر بسبب تلك العقوبات، غير أن الذي حدث هو أن فوساتي قدم لنا حلولا سليمة جدا أثبتت نجاحا طيبا وذلك عندما اعتمد على رباعي مؤلف من بوعلام وبيدرو وإبراهيم ماجد ومحمد موسى .. ورغم بعض الأخطاء المحدودة وخصوصا تلك التي برزت مع بداية اللقاء إلا أن خط الظهر كان جيدا في مستواه وتمكن من أن يحد من خطورة لاعبين بمستوى لاعب زينيت وهدافه الخطير كوكورين ولاعب روستوف ديمتري بولوز مثلما نجح ايضا عبر الظهيرين في تقليص فاعلية الجناحين، لاعب سبارتاك موسكو روبنين في اليمين ولاعب سبارتاك موسكو كومباروف في اليسار.. أما المفاجأة هنا فكانت قد تمثلت باعتماد فوساتي على لاعبي ارتكاز بدلا من ثلاثة رغم إدراكه لخطورة المنتخب الضيف في وسط الملعب .. ومع أن الأرجحية كانت واضحة لروسيا في تلك المنطقة بسبب بعض الفوارق الفنية وكذلك بسبب الكثافة العددية إلا أن الحلول كانت حاضرة في الشوط الثاني عندما دفع بكريم بوضياف ليكون أحد أهم الأرقام التي أحدثت التحول المهم فعلا في تلك المنطقة ليس فقط من خلال هدف الترجيح الثاني الذي سجله برأسية رائعة وإنما أيضا من خلال الدور الفاعل والكبير الذي تسبب بمشاكل كبيرة للمنتخب الروسي في منطقة كان قد فرض فيها سيطرته أغلب زمن الشوط الأول .. ومثلما نجحت مراهنة وتدخلات فوساتي تلك كذلك كان الحال في الأمام حيث شهدنا للعنابي تحركات في غاية الروعة برغم غياب النجم الكبير سبستيان .. صحيح أن التحركات الأمامية كانت تفتقد للمزيد من الانسجام وخصوصا بين أحمد علاء كراس حربة وعلي أسد الذي كان يلعب خلفه إلا أن الصحيح أيضا هو أن الشقيقين علي وأكرم عفيف كانا يتحركان بالكثير من الحيوية عند الجانبين وهو ما تسبب بالكثير من المتاعب لدفاعات روسيا وخصوصا في الشوط الثاني الذي شهد تصاعدا واضحا في تلك التحركات بعد الزج بتاباتا، الذي استعاد الكثير من فاعليته فعلا في هذا اللقاء، وكذلك حسن الهيدوس الذي أكد جاهزيته إثر العودة من الإصابة بعد أن زج به المدرب عقب الدقيقة الستين من اللقاء .. وفي العموم نقول إن فوساتي كان قد تعامل بذكاء وبجرأة حقيقية مع هذه المواجهة حيث عرف كيف يخرج منها بالفوائد المطلوبة مع تجريب ستة بدلاء وتطبيق أكثر من تكتيك إلى جانب خروجه فائزا فيها وهو ما شكل دفعة معنوية في غاية الأهمية قبل مواجهة الصين بخمسة أيام وهي المواجهة التي نأمل في أن تكون امتدادا حقيقيا للصورة التي كان عليها العنابي أمس الأول حيث إن الصورة هذه هي من يكفل له العودة من هناك بالنقاط الثلاث التي ستكون في غاية الأهمية على طريق إحياء آماله في منافسات مجموعته..