×
محافظة المنطقة الشرقية

انطلاق فعاليات «قمة مدن المستقبل في العالم العربي» بدبي

صورة الخبر

بإعلان نتائج الانتخابات الأميركية في الساعات الأولى من صباح 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ستطوى صفحة رئاسة باراك أوباما وتبدأ مرحلة الانتقال إلى الرئيس – أو الرئيسة – الـ45 للولايات المتحدة. ومع تعنت الكونغرس الأميركي، ودخول الولايات المتحدة معركة الانتخابات الرئاسية منذ أكثر من عام، جسد أوباما رئاسة «البطة العرجاء»، مكتفيًا بإجراء المقابلات الصحافية، وإلقاء الخطابات تأييدًا للحزب الديمقراطي استعدادًا للانتخابات. وبينما إرث أوباما الداخلي – من فرض إصلاح برنامج الرعاية الصحية إلى التوترات العرقية في البلاد – يعني الشعب الأميركي، نرى إرثه في العالم العربي معكرًا بنهج «اللافعل» الذي بات غطاء لسياسات تترك تساؤلات عن حقيقة دوافع أوباما الخارجية. لا شك أن أوباما أراد أن يفتح صفحة جديدة مع إيران، جزء منها ليقدم «نجاحًا» دبلوماسيًا بعد فشل جهود السلام العربي – الإسرائيلي، وجزء لمنع حرب مع إيران كانت إسرائيل قد هددت تكرارًا بإمكانية إطلاق الشرارة الأولى فيها. كما أن أوباما أراد أن يثبت أنه عارض حرب العراق، وعليه اندفع لإبعاد بلاده عن الساحة العراقية، وتجسد ذلك بتسليم نائبه جو بايدن الملف العراقي بنتائج كارثية. وأما الثورات العربية لعام 2011، فأظهرت انعدام خبرة فريق البيت الأبيض في التعامل مع أزمات المنطقة، وعدم اكتراثه بالقيام بدور فعال وملموس في أحرج وقت للمنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية القصوى لواشنطن. والتخبط الأميركي في معالجة الملف السوري ساهم بأسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم هذا القرن. وفي مقابلة مع مجلة «فانيتي فير» نشرت الأسبوع الماضي، قال أوباما إن قضية سوريا هي أكثر قضية يعود ويفكر فيها، ويتساءل: «هل كان هناك خيار لم نفكر فيه؟»، إذ هو مقتنع بأن من بين جميع الخيارات التي طرحت أمامه للتصرف في سوريا، بما في ذلك فرض منطقة حظر جوي والتحرك ضد الرئيس السوري بشار الأسد بعد تخطي «خط السلاح الكيماوي الأحمر»، لم يكن هناك خيار يمكن اتباعه. فاختار «اللافعل»، بانتظار أن تتغير التطورات في سوريا لما يناسبه، وعندما لم يحدث ذلك، بإمكانه التحجج بأنه غير مسؤول لأنه لم يقم بفعل ما. وهذا العذر امتداد لنهج أوباما المبني على عدم القيام بسياسات يندم عليها لاحقًا؛ إذ عبارة «لا تفعل أفعالاً حمقاء» باتت تعرف بمبدأ أوباما في الحكم، وخصوصا في انتهاج السياسات الأميركية. وكان هذا تفسير أوباما الذي يكرره المقربون منه في شرح سياساته في المنطقة. كما أراد أوباما أن يوزع مسؤولية سياسات بلاده في المنطقة من خلال «القيادة من الخلف»، وهي المقولة التي اشتهرت خلال فترة العمليات العسكرية للإطاحة بالزعيم الليبي العقيد معمر القذافي 2011، فلم يشأ أوباما أن تكون أميركا في الواجهة في تلك العمليات، فاكتفى بـ«القيادة من الخلف»، أي أن تكون واشنطن قائدة غير رسمية للعمليات العسكرية، من دون أن تعطي القيادة السياسية المتطلبة لفترة ما بعد القذافي. ونرى نتائج ذلك على ليبيا اليوم. وهذه العبارة كررت مرات عدة في وصف منهج أوباما. فعلى سبيل المثال، فاوض طهران سرًا لأكثر من 18 شهرًا، ثم جعل الاتفاق النووي في إطار «الدول الخمس زائد واحد»، علما بأنه كلما استعصت المفاوضات عادت لتكون بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني جواد ظريف. كما أن «الحرب على (داعش)» بقيادة أميركية لتحالف من «62 دولة»، لكن جميع العمليات تخاض من خلال القيادة المركزية الأميركية من مقرها في الدوحة. إلا أن الحالتين – وحالات أخرى في سوريا ومصر وليبيا وغيرها – تظهر أن التدخل الأميركي كان موجودًا ولم ينقطع مع أوباما، بل كان مغلفًا بـ«عدم الفعل»، لتكون «أنصاف الحلول» حجة لعدم تحمل المسؤولية. فالولايات المتحدة تقول إنها لم تتدخل في سوريا، ولكن من إعلان «فقدان الأسد الشرعية» إلى تسليح جزئي للمعارضة أعطى عنها رسائل خاطئة، تدخلت. كما جاء أوباما للرئاسة بوعد «إنهاء الحرب في العراق»، وفي آخر أسبوع قبل أن تختار الولايات المتحدة رئيسها الجديد، هناك 5500 جندي أميركي في العراق، وسيبقون هناك إلى أجل غير مسمى. وعلى الرغم من إصرار أوباما على أنه يريد تقليص عمليات بلاده العسكرية- الرئيس الحاصل على جائزة «نوبل للسلام» عام 2009- قد وافق على أكثر من 500 ضربة جوية عبر الطائرات من دون طيار منذ 2009، وذلك بالإضافة إلى قصف جوي شبه يومي في أجزاء من العراق وسوريا خلال العامين الماضيين. وفي يوليو (تموز) الماضي، قررت إدارة أوباما الانصياع لمطالب الحقوقيين والمنظمات الدولية، وأعلنت عن عدد الضربات الجوية خلال عهد الرئيس الأميركي. وجاء في تقرير رسمي أن أوباما صادق على 473 ضربة جوية، غالبها عبر الطائرات من دون طيار، قتلت بين 2372 و2581 «مقاتلاً إرهابيًا». كما جاء في التقرير أن 116 مدنيًا قتلوا باعتراف أميركي رسمي. وخلال ولاية أوباما كانت هناك عمليات قصف بين تارة وأخرى على العراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال وأفغانستان وباكستان. ومن المرجح أن يواصل الرئيس الجديد هذه العمليات العسكرية، ولكن المطلوب أن تكون الجهود الدبلوماسية أكثر فاعلية من القنابل التي لم نعد نعلم يقينًا عدد ضحاياها، أو آثارها البعيدة المدى. الاعتماد على عمليات عسكرية محدودة من دون استراتيجية أوضح من واشنطن خلال عهد أوباما وعدم قبوله بتحمل واشنطن مسؤولياتها كـ«دولة عظمى» والاعتماد على «القيادة من الخلف»، زاد تأزم الأوضاع في منطقة لم تعد تتحمل المزيد من التخبط.